الكيمياء والصيدلة > صيدلة

أخطاء فادحة في معالجة الإنفلونزا

قبل ثلاثينيات القرن المنصرم، كان يعتقد بأن جرثومة Haemofilus Influenza هي المسؤولة عن الإصابة بالإنفلونزا، ولكن ذلك الاعتقاد تم دحضه بعد اكتشاف أن عائلة فيروسات الـ (Orthomyxoviruses) هي السبب.

تضم عائلة الـ (Orthomyxoviruses) ثلاثة أنواع من الفيروسات المسؤولة عن إصابة الإنسان والعديد من الحيوانات بمرض الإنفلونزا الشهير عالمياً.

وقد سُمّيت الأنواع الثلاثة بـ(A، B، C)، ويعتبر فيروس الإنفلونزا من النوع B هو المسؤول عن معظم الإصابات بالإنفلونزا عند البشر، أما الـ A فيصيب في الغالب الحيوانات مثل البط والخنازير والدجاج، في حين يسبب النوع C حالاتٍ خفيفةً من الإنفلونزا.

قلّةٌ من الناس من غير المتخصصين يعرفون بأن معظم إصابات الإنفلونزا سببها فيروسيّ وليس جرثومياً، وأغلبية الناس لا يعرفون الفرق بين الإصابة الجرثومية والفيروسية!!

بسبب ذلك فإنهم لا يجدون في وصف الطبيب أو الصيدلي لصادّات حيوية لحالتهم أمراً غريباً، خاصةً أن الأعراض تزول بعد أخذ العلاج (كما يظنّون)، دون أن ننسى الإرث العائلي (ما علّمنا إياه أهلنا!).

لا تفيد الصادّات الحيوية بشكل عام في علاج الأمراض الفيروسية إلا إذا تطورت هذه الأمراض، وأضعفت مناعة الجسم مُعطيةً الفرصة لجراثيم انتهازية لتسبّب أمراضاً جرثومية لا يتم تحديدها إلا بفحوص مخبرية..

إنّ كلاً من الإنفلونزا ومعظم نزلات البرد وآلام الحلق والالتهابات التنفسية تسببها غالباً الفيروسات، وعلاجها لا يكون إلا بمضادات فيروسية حصراً. توجد نقاط شبه بين أعراض الإصابة الفيروسية وتلك الجرثومية وهنالك فحوصات مخبرية للتمييز بينهما قد نتطرق لها بمقالات لاحقة. ومعظم حالات الإصابة بالإنفلونزا لا تحتاج علاجاً باستخدام المضادات الفيروسية، ولكن بعض الحالات تحتاج للعلاج خاصةً لدى حدوث مضاعفات للمرض أو عند المرضى ضعيفي أو مثبَّطِي المناعة.

وجدت الدراسة الجديدة والمنشورة في تاريخ (17/07/2014) في مجلة (الأمراض المُعدية السريرية) وجدت أن مضادات الفيروسات (Antivirals) لا توصف بشكل كافٍ للأشخاص المصابين بالإنفلونزا، وأنهم يأخذون عوضاً عن ذلك صادّاتٍ حيوية لا حاجة لها.

وقد قال الباحثون المشرفون على الدراسة أنهم خلصوا إلى أنَّ الأطباء بحاجة إلى تدريب أكثر فيما يتعلق بالاستخدام الصحيح لكلٍّ من الصّادات الحيوية ومضادات الفيروسات لدى التعامل مع مرض الإنفلونزا. لا تقتصر خطورة استخدام الصادات الحيوية لمعالجة الفيروسات في كون ذلك غيرَ مُجدٍ فحسب، بل تتعداها إلى المساهمة بشكل كبير في تطوير مقاومة الجراثيم لهذه المضادات إضافةً إلى تعريض المريض للآثار الجانبية لهذه المضادات والتأثير السلبي على الجراثيم المتعايشة في الأمعاء (Normal Flora) من غير داعٍ.

صرّحت كلٌّ من الدكتورة "فيونا هافرز" وزملاؤها من المركز الأمريكي للتحكم بالأمراض والوقاية منها (CDC) ومعاهد صحية أخرى قائلين: "أظهرت نتائجنا أنه كان هنالك شحٌّ في وصف مضادات الفيروسات خلال الفترة الممتدة ما بين العام 2012 و العام 2013، وأنه تم وصف الصادّات الحيوية بشكل غير ملائم لكثيرٍ من مرضى الإنفلونزا."

حلّل الباحثون بيانات حوالي الـ 6800 مريض من الذين ظهرت عليهم أعراض الإنفلونزا خلال الفترة الممتدة بين 2012 – 2013، وركّز أعضاء الفريق في تحليلهم على سجلات وصفات دوائين مضادين لفيروس الإنفلونزا Oseltamivir) و (Zanamivir وثلاثة من أكثر الصادّات الحيوية استخداماً (Amoxicillin و Amoxicillin-Clavulanate و Azithromycin).

وأظهرت نتائج التحليل أنه قد تم وصف مضادات الفيروسات لـ 19% فقط من المرضى الذين لجؤوا إلى الطبيب بعد يومين من ظهور الأعراض، وأن نسبة الذين أكدت الفحوصات المخبرية أنهم مصابون بفيروس الإنفلونزا ووصف لهم إما الـ Oseltamivir أو الـ Zanamivir لم تتجاوز الـ 16%. أما النسبة الأكبر من المرضى المشمولين بالدراسة (30%)، فقد تلقوا علاجاً بالصادّات الحيوية.

وقد قال الدكتور "مايكل إيسون" بأن علاج الإنفلونزا بالمضادات الفيروسية يعود بفوائد عدة على المرضى من أهمها:

- الإقلال والحد من إنتانات الجهاز التنفسي السفلي.

- تخفيض نسبة الحاجة إلى إدخال المريض إلى المشفى.

- تقليص الاستخدام الخاطئ للصادّات الحيوية وبالتالي تخفيض احتمالية ظهور سلالات جرثومية مقاومة لهذه الصادّات.

وتبعاً للـ (CDC) فإن أكثر الناس عرضةً لمضاعفات الإنفلونزا (مثل ذات الرئة والتهاب الشعب الهوائية) هم الكبار في السن والأطفال والنساء الحوامل، وعلى ذلك فهم الأكثر حاجة لتلقّي العلاج الصحيح.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا

هنا