البيولوجيا والتطوّر > بيولوجي

هل سيؤدي انقراض النحل إلى تدمير الحياة كما نعرفها الآن؟

هل تذكرون الأغاني التي كنا نغنيها عن النحلات الجميلات عندما كنا صغاراً، وهل تذكرون دروس الصف الأول الابتدائي التي تتحدث عن جمال وفوائد النحل؟ لكن، هل ستبقى النحلة جميلةً إذا حاولت لسعكم؟ لا بد أنكم حينها ستحاولون سحق هذه النحلة المزعجة بالجريدة أو أي شيء في متناول أيديكم فمن منا يُحِبُ أن يُلسَع؟ لا أحد..

والآن، وبعيداً عن الأغاني الجميلة والواقع "اللاسع" المرتبط بلسعة النحلة، ما هي أهمية النحل بالنسبة لحياتنا وهل سيؤدي انقراضها إلى نتائج مخيفةٍ على وجودنا؟! أم أننا نبالغ بطرح هذا السؤال؟! إذاً، فهلموا نتعرف الجواب..

بدايةً من الناحية الاقتصادية،تبعاً لدراسةٍ أجرتها جامعة كورنيل فإن الفوائد المالية التي تُجنى بفضل تلقيح(تأبير) نحل العسل للنباتات تصل إلى 14 مليار دولار سنوياً في الولايات المتحدة، فهناك العديد من المحاصيل التي تعتمد على هذا التلقيح مثل التفاح والبطيخ الأصفر والتوت البري واليقطين ودوار الشمس والفِصفِصة(نبات من فصيلة البقوليات) وغيرها من الخضروات. و الأمر حقيقةً يتجاوز الناحية الاقتصادية، حيث أننا لن نكون قادرين على أكل هذه النباتات دون التلقيح الذي تقوم به نحلات العسل ناهيكم عن العسل الذي لن يكون موجوداً دونها بالطبع.

ولذلك يقدر الباحثون أن ثلث الطعام الذي نأكله لن يكون متوافراً دون النحل ففي المملكة المتحدة على سبيل المثال هناك 70 محصولاً يعتمد أو يستفيد من النحل. وإذا لم يكن ذلك مقنعاً فيجب أن نتذكر أن 16% من النباتات الزهرية تعتمد في عملية تلقيحها على النحل.

• أعداد النحل في تناقص!!

حسناً، يبدو فعلاً أن النحل مهم، لكن الأهم أن نعرف أن أعداد النحل تتناقص فبعض الباحثين يعتقدون أن النحل يعاني من خطر الاختفاء من البيئة. وهنا يكون اللوم ملقاً بشكلٍ رئيس على الممارسات الزراعية المضرة بالبيئة،فهذه الممارسات تؤذي المساكن الطبيعية للنحل وبالتالي لا يملك هذا الكائن المفيد لنا، لا يملك الوقت الكافي لإعادة بناء مساكنه فيضطر للانتقال إلى أماكن أخرى(مما سيضر بعملية التلقيح التي كان يقوم بها)، والأسوء من ذلك ربما هو الاستعمال الواسع لبعض المواد الكيميائية السامة الذي ساهم باختفاءٍ واسعٍ للنحل فيما يُعرف "باضطراب انهيار المستعمرة" أو Colony Collapse Disorder CCD وقد لوحِظت هذه الظاهرة عام 2006 من قبل بعض المزارعين الذين أبلغوا عن اختفاء 30-90 % من مساكن النحل. وعلى الرغم من أن اختفاء بعض المساكن يعدُ طبيعياً لكن ليس بهذه الدرجة الشديدة.

(صورة تُبين مستعمرة نحل قبل (على اليسار) حدوث الظاهرة التي تكلمنا عنها وبعد (على اليمين) حدوثها ):

وبالمناسبة، فإن البشر ليسوا التهديد الوحيد الذي يواجه النحل فلدينا أيضاً العث وبعض الطفيليات وحتى الفيروسات التي باتت تنتشر في مستعمرات النحل مسببةً تدميرها.

والنقطة الأهم التي تجدر بنا الإشارة إليها هي أن غلاف الأرض الحيوي الذي نعتمد عليه في بقائنا هو نظامٌ هشٌ وضعيف وتدخلنا اللامسؤول فيه قد يؤدي إلى عواقب وخيمة. وعلى الرغم من أن الكائنات قد تنقرض من وقتٍ لآخر طبيعياً، على الرغم من ذلك، فإن التأثيرات الشديدة التي سببها الإنسان في العقود الماضية قد أضرَت بالتوازن الحيوي وجعلت النظام البيئي في حالةٍ سيئة حيث لا تستطيع كل الأنواع البقاء مما ينتج عنه الانخفاض السريع في تعداد الكائنات وانقراض البعض الآخر للأسف.

وكنوعٍ من المساعدة في التخفيف من هذه المشكلة، فقد تبدو إجراءاتٌ بسيطةٌ مثل معرفة مصدر الطعام الذي تأكله من حيث كونه يتبع الشروط اللازمة للحفاظ على البيئة أم لا، أعمالٌ كهذه إن أمكنت بإمكانها أن تفيد.

لن أطيل عليكم، وسأترككم أخيراً مع اقتباسٍ يتحدث عن النحل لخبير النحل الدكتور Reede Halter :

"لأثير إعجابكم حول هذه الكائنات: هل يمكنكم أن تصدقوا عندما تتناولون ملعقةً من العسل اللذيذ أن عشرات النحلات قطعن 10 آلاف كيلومترٍ خلال حياتهن الممتدة ثلاثة أسابيع يعملن سبعة أيامٍ في الأسبوع ليصنعن هذه الملعقة"

المصدر:

هنا

مصدر الصورة:

هنا