البيولوجيا والتطوّر > بيولوجي

العلم والخلود، إلى أين؟

منذ قديم الزمان..كان الإنسان يحلم ويسعى للخلود، وقد نُسجت الكثير من الأساطير حول هذه الفكرة المُغرية، وأُجريت الكثير من الأبحاث المتعلّقة بإطالة العمر وإبطاء التقدّم في السن. فإلى أيّ حدٍّ قد اقترب العلم من تحقيق ذلك؟

بدايةً ..هل نجحت طرق إطالة العمر سابقاً؟

نعم لقد تمكّن العلم بالفعل من إطالة عمر الديدان و الفئران و الخمائر بمعاملتها بمواد كيميائية عديدة في المختبرات، و لكن فشلت كلّ الطرق حتى يومنا هذا في إطالة عمر الإنسان. لذا قرّر العلماء أن يسلكوا طريقاً جديداً لاختبار العقاقير المطيلة للعمر وذلك بتجربتها على الكلاب الأليفة.

أما عن دوائِنا المستهدف في هذه الدراسة فهو الرابامايسين (rapamycin) و الذي يُستخدم سريرياً كجزء من علاج رفض زراعة الكلى وقد أُُثبِت إطالته لعمر إناث الفئران بنسبة 13% و لعمر ذكورها بنسبة 9%. ولم يُختبر هذا العقار بعد على البشر لأسبابٍ عديدة: فهو سيكون مكلفاً و سيستغرق وقتاً طويلاً لمعرفة إمكانية زيادته لعمر الإنسان، إضافةً إلى أنّ الرابامايسين لم يعد مؤهّلاً لأخذ براءة اختراع لهذا لم تعد شركات الأدوية راغبةً في استثمار أموالها فيه. كما أنّ له آثاراً جانبية يمكن أن تسببّ استبعاد البشر له كينبوعٍ للشباب.

مع ذلك يعتقد العلماء أنّ استخدامه بجرعات منخفضة لن يسبّب مشكلات صحيّة للكلاب حيث يقول العالم راندي سترونغ أحد القائمين على الدراسة: "إن لأيّ عقارٍ آثاراً جانبية مهما كان، لذا فالسؤال الأهم هو إلى أيّ مدىً يمكن التعايش مع هذه الآثار؟"

وبناءً على ذلك اقترح العلماء إعطاء الكلاب جرعاتٍ منخفضة من العقار و دراسة الآثار الجانبية و ما إذا كان الرابامايسين قادراً على إطالة أعمارها. وسوف يتم اختيار الكلاب الكبيرة التي تعيش بين 8 - 10 سنوات و ستبدأ المعالجة في عمر 5 - 6 سنوات. و ستكون التجربة الأولى موجّهة لهذا البحث حيث ستضم العينة 30 كلباً يتلقّى نصفهم العقار لمدة قصيرة ثم يقوم الباحثون بمراقبة آثاره على عمل القلب و بعض القياسات الصحية الأخرى. ستستغرق الدراسة 3 سنوات ولكن يمكن معرفة آثار العقار على صحة القلب و غيره خلال فترة أشهر ربما.

وفيما يتعلّق بآلية تأثير الرابامايسين فهو يعمل من خلال التأثير على بروتين يشارك في عملية نمو الخلية و لكن لا تُعرف بدقّة آلية إطالته لعمر الخلية، إذ من الممكن أنّه يؤخّر عملية الشيخوخة ذاتها، أو أنّه يمنع الأمراض المرتبطة بتقدّم السن، و تقول إحدى الفرضيات أنّه يعمل بشكل أساسي عن طريق منع تطور السرطانات.

لماذا الكلاب؟

لأنّ الكلاب تقدّم نموذجاً أكثر واقعية من الفئران للتنبّؤ بتأثير العقار على البشر فهي كبيرة الحجم كما تتعرّض إلى نفس المؤثرات البيئية التي نتعرّض لها و حتّى لبعض أمراض شيخوختنا. وقد تمّت مناقشة كل ما سبق في مجتمع علمي عُقد في سياتل و وُضعت الخطة السابقة لدراسة تأثير الرابامايسين على إطالة العمر عند الكلاب. وقد تمّ جمع مبلغ 200 ألف دولار حتى الآن و لكنّ المشروع بحاجة إلى المزيد و المزيد من المال لضرورة إجراء الأبحاث على عيّنات كبيرة تتكون من مئات الكلاب، و لدراسة العمليّة الطبيعية للتقدّم في السن عند آلاف الحيوانات في محاولة لفهم أي آليات مُطيلة للعمر.

فما رأيكم بهذه التجارب؟ وهل ستصل في النهاية إلى اكتشاف اكسير الحياة؟!

المصدر: هنا