الفيزياء والفلك > فيزياء

ليز مايتنر: عالمة رفضت التخلي عن إنسانيتها

ولدت ليز مايتنر في النمسا في السابع من تشرين الثاني 1878، تلقت تعليماً ممتازاً بفضل دعم والديها. في أيامها لم يكن يسمح للنساء بالإلتحاق بمؤسسات التعليم العالي، ولكن مايتنر تلقت تعليما خاصا في الفيزياء، ثم أتمت دراستها العليا لتكون الإمرأة الثانية التي تحصل على شهادة الدكتوراة في الفيزياء من جامعة فيينا. كانت رسالتها عن توصيل الحرارة في الأجسام غير المتجانسة.

عام 1926 أصبحت ليز الإمرأة الأولى التي حصلت على بروفيسورية كاملة، و تعمل بالأبحاث في الفيزياء النووية في جامعة برلين. كانت مايتنر و الفريق التي تعمل معه في سباق مع رذفورد و فريقه في اكتشاف الانشطار النووي. و التي فارت به مع زميلها "أوتو هاهن" عام 1939 ولكنها حينئذ كانت قد غادرت برلين.

كانت ليز تعمل في البداية كمساعدة لماكس بلانك، ثم تعاونت مع "أوتو هاهن" واكتشفوا سوياً عدة نظائر، و نشرت أبحاثاً عن إشعاعات بيتا. عملت مع "هاهن" على اكتشاف النظير الأطول عمراً لعنصر البروتاكتينيوم عام 1917 لتحصل على ميدالية لايبنتز من الأكاديمية الألمانية للعلوم. إكتشفت أيضا تفسير "أثر أوجيه" وهو الأثر الذي يحدث عندما يتسبب إصدار إلكترون من ذرة إلى إصدار إلكترون آخر. ولكنه نسب إلى الفيزيائي الفرنسي "بيير أوجيه" الذي اكتشفه بعدها بسنة بشكل مستقل ( ربما لكونها امرأة لم يؤخذ عملها بتلك الأهمية). بعدها بالتحديد في 1930 ركزت أبحاثها على شطر الذرة،بالتعاون مع هاهن زميلها المقرب. ولكنها اضطرت لمغادرة ألمانيا بعد صعود النازية للسلطة. و ضلت تتواصل مع هاهن، و أكد اكتشاف الإنشطار النووي فعلا في 1939.

في 1944، حصل "هاهن" و "ستراسسمان" على نوبل للكيمياء، و التي استحقاها فعلا على اكتشافهما الإنشطار النووي، ولكن لم تُذكر "مايتنر" بالرغم من مساهمتها و تعاونها مع "هاهن" بهذا المجال. وحتى الآن تُعد قصة "مايتنر" وعدم حصولها على نوبل للكيمياء، مثالا على تحيز لجنة نوبل حينها ضد النساء.

كانت "مايتنر" ناشطة جداً في مجال المحاضرات و اللقاءات العلمية، ألقت محاضرات هامة من أهمها تلك التي قدمتها عام 1930 و التي تكلمت فيه عن الإنشطار النووي و غيرها من المواضيع في الفيزياء النووية والتي حضرها فيزيائيين وكيميائيين كبار.

تلقت "مايتنر" عدة تكريمات في حياتها، وصفها ألبرت أينشتين بـ " ماري كوري الألمانية" و كانت على تواصل مع فيزيائيين كبار مثل نيلز بور، إيرنست ريذرفورد، ايرين كوري و غيرهم. حصلت على لقب " إمرأة العام" التي كرمها الرئيس الأمريكي ترومان به من قبل النادي الوطني الإعلامي بالولايات المتحدة. تلقت ميدالية ماكس بلانك من الجمعية الفيزيائية الألمانية عام 1949 و منحت الرتبة العلمية الأعلى من قبل الرئيس الأماني ثيودور هاوس. منجت جائزة أوتو هاهن ورشحها نفسه لنيل جائزة نوبل 3 مرات كنوع من رد الجميل لعملها. ولكنها تلقت نوعًا آخر من التكريم ألا وهو تسمية العنصر 109 المكتشف باسمها " مايتنريوم" . كما سميّ معهد "مايتنر-هاهن" في ألمانيا باسمها. كذلك سميت فوهات على سطح القمر والزهرة باسمها. وبالمحصلة حصلت على 21 تكريماً على عملها ( بما في ذلك 5 شهادات دكتوراة فخرية).

توفت مايتنر في 1968 في كامبريدج بإنكلترا. كتب عنها ابن اخيها " ليز، العالمة التي رفضت التخلي عن إنسانيتها"

بالرغم من التحديات الضخمة في عصرها للمرأة و الفترة العصيبة من الحرب العالمية الثانية، إلا أن مايتنر أثبتت أنه يمكن للمرأة أن تكون ذات أثر بالغ في مجال العلوم، و مساوية للرجال في هذا المجال. وبرغم تأخر الأمر فقد لاقت الأفكار العلمية الثورية التي قدمتها في النهاية الاعتراف اللازم .

المصادر:

هنا

هنا

/p>