الطب > موسوعة الأمراض الشائعة

هذه الأمراض قد تسبّب أوبئة أخطر من الإيبولا (الجزء 2)

2

تحدثنا في المقال السابق عن الانلفونزا والاسهال، وكيف أن لهما تأثيرات كبيرة قد تفوق الإيبولا. ولدينا هنا 3 حالات أخرى قد لا تقل أهمية عن سابقتها..

*السّلّ

السل هو عدوى بكتيريّة تصيب بليوني شخص كلّ عام متسبّبة بموت 1.3 مليون شخص.

قد لا تظهر علامات المرض على المصاب عند تعرضه للعدوى مباشرةً، فقد تبقى هذه البكتيريا كامنةً لعدّة سنوات قبل أن تظهر الأعراض. وعلى الرّغم من أنّ المرض لا ينتشر خلال طور الكمون هذا، إلّا أنّه قد يتنشّط في أيّة لحظة!

تظهر الأعراض أولاً في الرئتين، فما قد يبدأ بالسّعال المزعج والتّعب، قد يتحوّل إلى ألم صدريّ شديد وسعال مدمّى. وإذا ما أصاب السّل أجزاءً أخرى من الجسم فقد يتسبّب بآلام مفصليّة ،أو قصور كبد أو كلية، أو التهاب السّحايا (وهي تورّم في الأغشية المغطية للدماغ والنخاع الشوكي)، أو التهابات قاتلة وانصباب السّوائل حول القلب.

ينتقل السّل عبر الهواء، لذلك فإن التّواجد بقرب شخصٍ مصاب عندما يسعل أو يعطس أو يمكن حتّى عندما يتكلّم، قد يكون طريقة لانتقال العدوى. ويكون المصابون بنقص المناعة، أو الدّاء السّكريّ، أو سوء التّغذية، أو التّدخين، أو من يعملون في المناطق المزدحمة أو الأوساط غير الصحيّة أكثر عرضةً للإصابة بعدوى السل.

ولسوء الحظ فإنّ معالجة السلّ ليست سهلةً كمجرد تناول الصّادّات الحيويّة لـ10 أيام فقط، فالعديد من السلالات المسبّبة للسّل تعتبر مقاومةً لمعظم العلاجات، لذلك فإن المصابين بالأنماط المقاومة يضطرّون لتناول مزيج من الأدوية المختلفة لمدة عام ونصف. وعلى الرّغم من ذلك يبقى معدل الوفيّات للمصابين بالأنماط المقاومة من هذا المرض أكثر من 80%.

بازدياد مقاومة السلّ للعلاج، يمكنه إصابة عدد أكبر من الناّس والتّسبّب بعدد أكبر من الوفيات.

*الأمراض التّنفسيّة

لقد تسبّب اجتياح المتلازمة التّنفسيّة الحادّة (سارس) SARS في 2003 إلى وصول المرض إلى أكثر من 24 بلد في 4 قارّات بمعدل وفيات 9.5%. وسبب هذا المرض هو الفيروس التاجي (فيروس كورونا).

حصلت الإصابات عن طريق التّماس المباشر أثناء السّفر حول العالم، وتظاهر هذا المرض بأعراض مشابهة للإنفلونزا بما فيها ارتفاع درجة الحرارة وآلام عضليّة، ولكنّ معظم الحالات تحوّلت إلى ذات رئة أو فشل كلوي مهدّد للحياة، وقد تمّ القضاء على هذه الجائحة بعد 5 أشهر فقط من اكتشافها لأوّل مرّة بفضل التعاون بين الدول المتأثرة بهذا المرض.

بينما وصلت المتلازمة التنفّسيّة للشرق الأوسط MERS إلى 20 بلداً منذ أن ظهرت لأوّل مرّة في 2012 ومات 291 شخص من 837 شخص مصابين. لهذا الفيروس مستودع حيواني يُعتقد أنّه الخفّاش أو الجمل (أو كلاهما).

هذه المتلازمة مشابهة إلى حدّ كبير للمتلازمة التنفسية الحادة من حيث الأعراض والاختلاطات، ولكنّ نقص البنى التحتية للرعاية الصحيّة في المنطقة المصابة بالوباء قد تفسّر سبب وصول معدّل الوفيات إلى 30% متجاوزاً معدّل وفيات المتلازمة التنفّسيّة الحادّة SARS.

إنّ كلا MERS و SARS مُسبَّبتان من قبل سلاسل فيروسيّة ممرضة للغاية من الفيروس التاجي. لهذا الفيروس 6 سلاسل معروفة تصيب الإنسان ولكنّ السلاسل الأخرى ذات أعراض أخف بالمقارنة مع السلسلتين السابقتين. إلا أنّ التطفّر ومقاومة العلاجات قد يزيد عدد الأشخاص المصابين.

*مقاومة المكروبات للأدوية

تعتبر المضادّات الحيوية من أهم الإنجازات الطبية في التاريخ، ولكنّ الاستخدام غير المسؤول لهذه المضادّات حوّل النعمة إلى نقمة، فعندما لا يُؤخذ الدواء بشكله الصحيح فإنّه لا يتمكّن من قتل جميع البكتيريا. وبذلك تبقى كمية من البكتيريا التي تعرّضت للدّواء ولم تُقتل.

حيث كانت هذه البكتيريا قد حصلت على القدرة على مقاومة هذه المضادات عبر تطفّر عشوائي في مادتها الوراثية. وبذلك عندما لا تتناول الجرعة الكاملة من العلاج المطبّق فإنّك تسمح للبكتيريا الحاملة لهذا التطفّر بالبقاء وبداية التكاثرـ وبذلك تتسبّب بالمرض مجدّداً ولكن القضاء عليها لن يكون بنفس السهولة.

وهي القصّة التي حصلت تماماً عندما قاوَمت جراثيم العنقوديات المذهّبة للميثيسيلين وتحوّل ذلك إلى مشكلة حوّلت تلك العنقوديات إلى شكلها الذي نراه اليوم. وتقول الإحصائيات بأنّ أكثر من مليونيّ شخص أمريكي يطوّرون أنماطاً جرثومية مقاومة للأدوية كلّ عام ممّا يتسبّب بـ 23 ألف حالة وفاة.

في حين قضت اللقاحات والعناية الصحيّة على آثار الأمراض المعدية في المناطق المتطوّرة، فقد لعبت الأدوية المضادة للجراثيم دوراً حيوياًّ في القضاء على الأمراض المنتشرة. وقد نشرت منظمة الصّحّة العالميّة تقريراً في نيسان (أبريل) 2014 ينصّ على أنّ "عصراً بدون مضادات حيوية" لم يعد خيالاً وإنما أصبحت هناك امكانية كبيرة لحدوثه في هذا القرن ال21.

ولا تعتبر هذه المشكلة مشكلة الجراثيم وحدها، بل نجدها كذلك لدى الفيروسات والفطور والطفيليات أيضاً.

وقد كان مكتشف البنسلين أليكساندر فليمينغ الحاصل على جائزة نوبل في الطب في 1945 قد حذّر من مقاومة العناصر الممرضة للصّادّات الحيويّة وذلك أثناء كلمته عند تسلّمه الجائزة لاكتشاف الصّاد الحيويّ الهامّ "البنسلين".

والآن بعد سبعين سنة انظروا أين صرنا!

المصدر:

هنا

مصدر الصورة:

هنا