الهندسة والآليات > الطاقة

ضوء الشمس يتحول إلى وقود الهيدروجين

أوراق نباتية اصطناعية لانتاج وقود الهيدروجين بالاستفادة من الطاقة الشمسية وعملية التركيب الضوئي....ثورة علمية اذا تمت الاستفادة منها

في صباح ربيع مشرق في كاليفورنيا حيث تمتص أوراق النباتات الأشعة الشمسية وثنائي أوكسيد الكربون والهيدروجين القادم من الماء فتنتج الخلايا النباتية الأوكسجين والسكريات اللازمة لحياة النباتات ولتكتمل عملية التركيب الضوئي.

من داخل مختبرات في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا حيث قام الباحثون بعمل وجهد كبير لتشكيل ورقة نباتية اصطناعية عن طريق حقنها بالسيلكون SI\ والنيكل NI والحديد وعدد من المواد الأخرى لتحويل ما بدخلها من خلايا نباتية الى خلايا ضوئية قادرة على امتصاص الضوء والاستفادة منه في عمليات مختلفة.

وهذا ما أثار ضجة في المختبرات الجديدة في المركز الذي يهدف الى الاستفادة واستخدام ضوء الشمس(الطاقة الشمسية الضوئية) لتصنيع الهيدروجين بشكل أكثر فعالية من العمليات الصناعية بواسطة الكتلة الحيوية.

ويتم العمل بشكل جاد من قبل الباحثين حيث وبشكل تقريبي 13% من انبعاثات الغازات الضارة في العالم تأتي من وسائط النقل والتخلص من تلك الانبعاثات هو أحد أهم أهداف المركز.

إن إحدى السبل المتبعة لذلك استبدال السيارات والشاحنات الثقيلة بالسيارات الكهربائية التي يتم شحنها عن طريق خلايا شمسية ومصادر أخرى ولكن هذا لا يعالج المشكلة.

يقول الباحثون بأن نحو 40%من وسائط النقل العالمية الحالية لا يمكن شحنها بالكهرباء أو بالأحرى لا يمكن منع أو الاستغناء عن استخدام الوقود السائل المتوفر حاليا وبشكل أوضح لا يمكننا استخدام خطة هجينة لشحن بطاريات لإقلاع طائرة مثلا وخصوصا اذا أردنا الحصول على الراحة ،الترفيه وتخزين طاقة فعالة ومجدية بنفس الوقت، ولهذا السبب العديد من الشركات العامة الخاصة وضعت واستثمرت موارد كبيرة من أجل تحسين عملية تصنيع الوقود باستخدام الطاقة الشمسية التي ليست خالية من الكربون فحسب بل فعالة ولا تنضب.

وهنا تبرز هذا البرامج الذي أنشئه مركز الطاقة الأمريكي من أجل استخدام البحوث التطبيقية والهندسية لتقديم نموذج فعال من الأوراق الاصطناعية بحلول عام 2015.

على الرغم من اتخاذ البرنامج خطوات هامة في هذا الاتجاه ولكن هذا يحتاج الى وقت وعمل كبيرين.

وهذا ما يشكل تحدي كبير وهذا ما يقوله أحد الخبراء العاملين بالبرنامج: ستكون الفوائد ضخمة ولكن ليس من السهل أن تكون العملية كما يريد الجميع ولن تكون كما بدأنا بها منذ 40 سنة. حيث أعطت موجة التمويل أملا كبيرا بالنجاح.

اصطياد الأشعة:يعود مفهوم عملية التركيب الضوئي الاصطناعية الى عام 1912 ولم تبدأ عملية التطبيق العملي حتى عام 1972 عندما قام باحثون يابانيون باختراع جهاز يقوم بامتصاص ضوء الشمس وتحليل الماء الى أوكسيجين وهيدروجين كوقود ،حيث كان التقدم بطيئا في تلك العملية وفي عام 1998 حصل تحول كبير في عمل الجهاز حيث استطاع تخزين 12 % من الطاقة الشمسية القادمة من الشمس كوقود مقارنة ب 1% طاقة شمسية مختزنة من الكتلة الحيوية للأوراق الحقيقية، ولكن المشكلة الكلفة حيث وصلت الى 25 مرة أكثر وأما الأداء تراجع بعد 20 ساعة عمل متواصلة تحت

أشعة الشمس.

هناك ثلاثة أشياء هامة نريدها في الأوراق الاصطناعية

1- فعالية عالية (مردود مرتفع).

2- رخيصة الثمن.

3- نشيطة وقوية.

حاليا يمكن تحقيق اثنتين من الأشياء السابقة ومن الصعوبة غدا تحقيقها جميعا داخل الأوراق.

ان مهمة البرنامج حل تلك المشاكل والقيام بعملية تؤدي لتكوين نظام أكثر رخصا. ان عملية التحليل الكهربائي للماء التي نعرفها جميعا تؤدي للحصول على أوكسجين وهيدروجين عن طريق تمرير تيار كهربائي في الماء ووضع قطبين سالب وموجب وهنا الفكرة: الأوراق الاصطناعية ستحلل الماء ليس كهربائيا وانما باستخدام فوتونات ضوء الشمس كما في الشكل الموضح وبالتالي طرح الأوكسجين وانتاج الهيدروجين كوقود الذي يعتبر من أفضل وأنظف أنواع الوقود في العالم بما يشبه عملية التركيب الضوئي.

تم تصميم تلك الأوراق من قطبين (الكترودين) مغمورين في محلول مائي وطبعا كل قطب (الكترود) مصنوع من مادة نصف ناقلة وذلك من أجل التقاط الطاقة الضوئية لأشعة الشمس ويتم طلاء القطبين بمواد محفزة تساعد على توليد الأوكسجين والهيدروجين بسرعة جيدة.

ومثل الكثير من أجهزة التركيب الضوئي الاصطناعية تكون الخلية هنا مقسمة ومعزولة بواسطة أغشية نباتية عازلة للحفاظ على عزل الغازات وتخفيف خطر الانفجار، وبالعملية تلك يتم تجميع وحصد الهيدروجين وتخزينه كوقود للسيارات الهجينة الذي يعتبر أكثر وقود صديق للبيئة وبالتالي تجنب انبعاثات أحادي وثنائي أكسيد الكربون.

إن عملية تصنيع أي جزء من تلك الأوراق الاصطناعية هو تحد كبير والأصعب توافق عمل أجزاء هذا النظام مع بعضها البعض، وهذا يشبه تماما بناء طائرة بشكل كامل يقول الخبراء ليس علينا تصميم محرك طائرة فقط فهناك الأجنحة وجسم الطائرة والالكترونيات وفي النهاية يجب أن تطير وهذا يشبه تلك الأوراق.

الصعوبة الكبرى تأتي من خلال ايجاد المواد المناسبة مثل :السيلكون، ومثلا الكترود القطب السالب يكون جيد لإنتاج الهيدروجين ويصبح مستقرا اذا غمر في وسط حمضي، ولسوء الحظ العملية معكوسة لالكترود القطب الموجب المستخدم لإنتاج الأوكسجين ويكون مستقرا في الوسط القلوي وليس الحمضي، والمحفز الجيد لإنتاج الأوكسجين هو استخدام قطب صناعي (الكترود صناعي) أو الايريديوم (عنصر فلزي) وكلاهما نادران وغاليا الثمن وهذا غير مناسب اذا أردنا انتاج تلك الأوراق تجاريا.

الحواسيب الحديثة الموجودة في المختبرات والمزودة بطابعات معدلة حلت المشكلة بالمواد حيث قامت الطابعات الحديثة بمزج خلائط معينة لتكوين صفائح شفافة ذو تحفيز ضوئي عالي وتحتوي على خلايا ضوئية حيث تستطيع تلك انتاج مليون خلية يوميا.

التجارب مستمرة في المختبرات على مواد مختلفة لتحديد أيها أفضل أكثر فعالية من أجل استخدامها : النيكل- الفولاذ- الكوبالت – أوكسيد السيريوم هذه التجارب لا تقيس الفعالية الكيميائية لتلك المواد وانما تقيس وتحدد الشفافية التي تسمح باجتياز الضوء لها للقيام بعملية التركيب الضوئية الاصطناعية.

احدى أكبر التحديات لإنجاز عملية التركيب الضوئية الاصطناعية هو ايجاد مواد لتصنيع القطب الموجب هذا ما يقوله خبير الكهرو كيمياء في الفريق: هذه الأشياء دائما ما تكون غير مستقرة ولعدة دقائق.

العديد من الباحثين ركزوا أبحاثهم على ايجاد مواد أرخص وأكثر استقرارا (معادن مؤكسدة) على سبيل المثال، وحاولوا تصنيعها بشكل تكون قادرة عل امتصاص الضوء بشكل جيد.

باحثون أخرون شعروا بأنه من الأفضل البداية بمواد معروفة بامتصاص الضوء وجعلها أرخص ثمنا وأكثر فعالية.

في الأسابيع الماضية القليلة قدم البرنامج تقريرا ايجابيا حول ادخال عازل(واق) مصنوع من ثنائي أوكسيد التيتانيوم له أداء عالي في عملية التركيب الضوئية الاصطناعية كما السيليكون وكان هذا الواق انجاز للباحثين حيث كان القطعة المفقودة من الأحجية.

يقول الباحثون: هذا الغطاء هام جدا من أجل مضاعفة عمل النظام وتوازنه وبالتالي زيادة قابلية الانتاج الصناعي والتجاري من 10% الى 20% ولكن هذه المولدات الضوئية للهيدروجين لن تكون رخيصة بعد ليتمكن الناس من شراءها لأن هناك نوى عالية الدقة وغالية الثمن صنعت من ذرات السيلكون الكريستالية وممكن فيما بعد مستقبلا أن تصبح رخيصة.

أفكار للطيف الضوئي:

يركز العلماء في البرنامج على انتاج نموذج عملي من هذا النظام الضوئي (المولدات الضوئية)، وفي كاليفورنيا هناك ما يسمى بمشروع اختباري (Hyper Solar) حيث يتم فيه استخدام تقنية النانو والميكرو لتشكيل خلايا تركيب ضوئي اصطناعية حيث يتم التحفيز بالماء المغطى بغطاء بلاستيكي على شكل حقيبة حيث تنتفخ عند التعرض للشمس وبالتالي يتكون بداخلها الأوكسجين والهيدروجين، وتم نشر بعض الوحدات من هذا الجهاز في أماكن مشمسة صحراوية.

قدم مركز الطاقة تقريرا عام 2009 فيما أنه إذا تم انتاج تلك الحقائب بمواد رخيصة سيتم انتاج الهيدروجين اقتصاديا بزيادة 10% عن العشر سنوات الماضية. لكن هذا النظام (الحقائب) خطر يقول الخبراء: يتم انتاج الأوكسجين مع الهيدروجين معا وإذا تحدثنا عن 100 ميل مربع كمساحة تمتد عليها تلك الحقائب وبالتالي لدينا خليط ضخم من الأوكسجين والهيدروجين القابل للانفجار، وصاعقة واحدة في السماء تحدث كارثة.

ان الأبحاث التي تتم على النظام الشمسي الهجين تكشف عددا من الطرق لتجنب الأخطار احداها استخدام نظام يقوم بفصل الغازين عن بعضهما وتزويد النظام بحقيبتين بدل الواحدة.

يقول العلماء: تشغيل النظام باستخدام مياه مكررة (معادة الاستخدام) أفضل من استخدام مياه نقية حيث يتفاعل الأوكسجين مع الشوائب العضوية لإنتاج مواد كيميائية أخرى وبالتالي التخلص من الأوكسجين وخطر الاشتعال وتسمى العملية التخلص من الأوكسجين بالكامل.

-صناعة الضوء:

قام الباحثون اليابانيون بالقيام بالعديد من الأبحاث المتعلقة بعملية التركيب الضوئي الصناعي.

يقول رئيس قسم الكيمياء ومختبرات فصل وتحليل الماء جامعة طوكيو: ان اتحاد من الشركات والجامعات سيعمل سويا على تطوير عملية فصل الهيدروجين عن الأوكسجين بتحليل الماء.

بعض المشاريع الأخرى ستعتمد على صناعة خلايا ضوئية من جزئيات عضوية وذلك أفضل من أشباه الموصلات (أنصاف النواقل). حيث تجمع تلك الخلايا وتمتص بشكل مباشر الضوء كما تماما في أجهزة الخلايا النباتية في الأوراق الطبيعية. في السنوات السابقة تم ايجاد مجموعة من المواد وهي ممتازة لتصنيع الخلايا الشمسية الضوئية وسيتم الاستفادة منها لتصنيع الحقيبة الضوئية الشمسية

ويعتقد بعض الباحثون أنها تحتوي على جهد مخزن وكامن يستفاد منه في عملية التركيب الضوئي الاصطناعية.

-فقاعات:

في أحد أيام الربيع المشمسة في كاليفورنيا ،قام عدد من الباحثون بعرض وبرهنة النموذج الأصلي للنظام الضوئي في مختبر للمركبات. بينما أشرقت الشمس على صندوق بلاستيكي بحجم القرص الليزري CD أدى ذلك لتدفق فقاعات من الهيدروجين للأعلى بين الأنابيب المحفزة ذي اللون الأزرق حيث تمت تغطيتهما بالسيلكون ونهايتها تمر عبر أعلى الصندوق والجميل والمشجع تدفق فقاعات الهيدروجين كفوران الشمبانيا، ثم قام الباحثون بوضع صندوق بلاستيكي ثان أمام الصندوق الأول ويحتوي مربع أسود مكون من ثنائي أوكسيد التيتانيوم يغطي بذلك القطبين الضوئيين وبسرعة أدت هذه الإضافة الى تسريع توليد فقاعات الهيدروجين بشكل أكبر، وبالتالي يأمل الباحثون أن يمكنهم النموذج الأولي هذا من انتاج الهيدروجين نباتيا ،وحيث يتم توزيع عددا من الخلايا من ذلك النظام المطورة على مسافة كبيرة من الكيلومترات المربع بالإضافة لأبراج مياه التغذية والأنابيب التي ستنقل الهيدروجين المولد الى الخزانات.

يقترح العلماء وحدات من ذلك النظام منزلية مستقبلا. يذكر الباحثون الى أنه كمية قليلة من ضوء الشمس الساقط ستكون كافية لتوليد كميات من الهيدروجين للاستخدام المنزلي.

وبمعنى أخر ستكون هذه التكنولوجيا ثورة اذا ما تم تطويرها والاستغناء عن الوقود الاحفوري مستقبلا.

المرجع: هنا