البيولوجيا والتطوّر > التطور

كيف تساهم مباديء التطور في إنقاذ العالم!

هل تعتقد بأن التطور مفهوم يخص الماضي فقط؟ أم أن هذه العملية مستمرّة حتى اليوم؟ يقول العلماء بأن العمر الجيولوجي للأرض يتأثر بشكل مباشر بسلوكيات الإنسان وتأثيرها على العالم المحيط بنا. الاحتباس الحراري، وزيادة مقاومة مسببات الأمراض وقدرتها على التطور بسرعة، بالإضافة الى التضخم السكاني. كل هذه التحديات التي تواجه الكوكب تتطلب تطبيق مباديء "التطور" لمواجهتها والتغلب عليها، ولكن .. كيف تساعد مباديء "التطور" في إنقاذ العالم؟

المشكلة الأساسية تكمن في أن الإنسان يتسبب كل يوم بتغييرات للبيئة المحيطة به وبالتالي يؤثر بشكل مباشر على عملية " التطور" التي يمر بها العالم من حوله.. وفي نفس الوقت فهو عاجز عن التكيف السريع مع هذه التغييرات التي يحدثها، فكيف يمكن حل هذه المعضلة والتغلب عليها؟

يوجد اثنان من أهم التحديات التطورية تنشأ بسبب تصرفات البشر وتأثير هذه التصرفات على البيئة المحيطة بنا.

التحدي الأول يتسبب به السرطان بمختلف أنواعه، ومسببات الأمراض (pathogens) والأفات التي تتطور بسرعة كبيرة. أما التحدي الثاني فيتمثل في عدم قدرة العديد من الأنواع المهمة ومن ضمنها الإنسان على التكيّف مع هذه التغييرات بالشكل المطلوب. وهنا يأتي دور علم الأحياء التطوري التطبيقي، الذي يسعى الى ايجاد استراتيجيات مناسبة لمواجهة هذه التحديات التي تهدد صحة الإنسان، والأمن الغذائي، والتنوع البيولوجي على هذه الكوكب.

في دراسة تم نشرها في 12 أيلول 2014، قدّم مجموعة من العلماء استعراضاً للاستخدامات العملية لعلم الأحياء التطورية والتي تساهم في حل العديد من المشاكل وتحقيق أهداف التنمية المستدامة الدولية (SDGs).

يقول سكوت كارول عالم البيئة التطورية وأحد معدّي الدراسة: "لم يعد مفهوم التطور متعلقاً بالماضي فقط، إنما بالحاضر والمستقبل أيضاً، ولا بد من البدء بالتفكير "بطريقة تطورية" للتغلب على المشاكل التي تواجه العالم بأكمله كتهديد الأمن الغذائي وفقدان التنوع الحيوي وغيرها". وقد اقترحت الدراسة العديد من التطبيقات الحالية والمستقبلية لاستخدام مفاهيم "التطور" لمعالجة مشاكل الحاضر والمستقبل.

يمكن تعريف مفهوم التطور بطريقة مبسطة على أنّه التغيير في التركيب الجيني للسكان على مدى الأجيال المتعاقبة، وهذا التغيير يتطلب وجود تنوع جيني الذي ينشأ من الطفرات وإعادة التركيب للجينات. ولمواكبة هذه التغييرات تحتاج الأنواع المختلفة الى "التكيف" مع هذه التغييرات الجينية والوظيفية. وبحسب مبدأ "الانتقاء الطبيعي" فإن المجموعات السكانية الأكثر قدرة على التكيف مع التغييرات هي المجموعات الأكثر قدرة على البقاء والتطور. هذه المبدأ لا ينطبق فقط على البشر وإنما على البكتيريا والفيروسات والخلايا السرطانية أيضاً، وهذه الدراسة تركز على كيفية التلاعب بالأساليب التي تستخدمها المجموعات من اجل التلاؤم والتكيف مع التغييرات.

الزراعة، الطب، وغيرها من المجالات تشكّل تحديات أساسية، ولكنها تتطلب استراتيجيات متشابهة للسيطرة على نتائج التطور غير المرغوب والمخاطر المرتبطة به. هذه الاستراتيجيات بعضها يركز على الجوانب الوراثية وبعضها يركز على الجوانب التنموية، والبعض يركز على التلاعب بالبيئة المحيطة. على سبيل المثال: فإن الاستخدام الواسع للمضادات الحيوية التي تمارس انتقاءاً قوياً على البكتيريا هو أمر غير فعّال للسيطرة الدائمة على بعض الميكروبات التي تتطور بسرعة وتتكيّف بكفاءة كبيرة. وبناءاً على ذلك، يمكن زيادة كفاءة المضادات الحيوية عن طريق الحد من استخدام المضادات الحيوية القوية، أو عن طريق تقليل قدرة الميكروبات على التكيّف باستخدام الأدوية المركبة.

وقد أوصت الدراسة بالعديد من الخطوات لمعالجة المشاكل التطورية التي يمر بها العالم، وأهم هذه التوصيات: الموائمة البيئية لضمان التنوع الحيوي وصحة الإنسان، من أكثر الاستراتيجيات شيوعاً لتطبيق المفاهيم "التطورية" هي إدارة البيئة الحالية لتبدو أكثر شبهاً بالبيئة التاريخية القديمة التي عملت على تشكيل التركيبة الجينية للانسان وغيره منالأنواع. وهذا يشمل حماية العوائل التقليدية والأنواع المهددة بالانقراض باعتبارها أقل قدرة على التكيّف مع التغييرات البيئية. ومن التوصيات أيضاً تعديل الجينوملتحسين الأمن الغذائي وصحة الإنسان، حيث إن التغير المناخي والتدهور البيئي يعيقان إنتاجية النظام الزراعي الذي يحاول إطعام الأعداد المتزايدة من السكان. وبذلك فإن التعديل الوراثي للمحاصيل، عن طريق الهندسة الجينية وتعزيز الانتقاء الصناعي لهذه المحاصيل يمكن ان يساعد على مواجهة هذه التحديات عن طريق منح المحاصيل صفات مقاومة للتغيرات البيئية مثل تقبل المبيدات الحشرية واكتساب المقاومة ضد الحشرات الضارّة، مما يمنح هذه المحاصيل قدرة أكبر على البقاء وزيادة إنتاجها السنوي.

بعض هذه الاستراتيجيات تم تطبيقها بالفعل، والبعض الأخر تم تطبيقه جزئياَ، وبعضها لا زالت تنتظر التطبيق الى حين التأكد من فعاليتها، والحصول على الدعم المالي والمجتمعي اللازم لتطبيقها.

المصادر:

هنا

هنا

مصدر الصورة:

هنا

هنا