البيولوجيا والتطوّر > بيولوجي

لماذا نصبح متشابهين عندما نغضب؟

إذا رأيت شخصاً مقطباً حاجبيه، زاماً شفتيه وفتحتا أنفه متوسعتان، فمن السهولة أن تعرف بأنه غاضب، لكن ما السبب الذي يدفعنا لإظهار هذه التعابير في وجوهنا عندما نغضب؟ التفاصيل في المقالة..

تقترح دراسة جديدة بأن البشر قد طوروا تعابير الغضب في وجوههم ليس لتحذير الآخرين من التصرفات العدوانية الوشيكة للشخص الغاضب فحسب، وإنما أيضاً للمساعدة في حل النزاعات بصورة أسرع.

وأشارت الدراسة إلى أن كل من عضلات الوجه السبع المشتركة في تشكيل التعبير الغاضب تتقلص بطريقة تجعل الشخص الغاضب يبدو أكثر قوة من الآخرين، مقارنة بوجه الشخص نفسه دون تقلص تلك العضلات.

لكن يختلف العلماء فيما إذا كان سيكولوجية البشر (كردة فعل الناس تجاه الوجه الغاضب) هي نتيجة للتطور أم لا. فالنظريات في مجال علم النفس التطوري يصعب اختبارها – كما أن دور الجينات، التعلم، التنشئة الاجتماعية والثقافة في علم النفس التطوري لا يزال موضعاً للمناقشة والمناظرات.

ومع ذلك تشير الأبحاث إلى أن الغضب قد تطور لدى البشر ليشجع على التفاوض والمساومة في النزاعات بصورة أكثر فاعلية، ويقول Araon Sell من جامعة غريفيث Griffith University في أستراليا وهو أحد المشاركين في الدراسة: "حتى الأطفال الكفيفون يُظهرون نفس الوجه الغاضب رغم أنهم لم يرَوا هذه التعابير!."

ويضيف: لدى الحيوانات أيضاً طرق أخرى في إظهار الغضب والعدوانية، فمثلاً قردة البابون تظهر مخالبها لخصومها، وكلما كانت المخالب أطول كلما زاد الضرر المحتمل الذي يمكن للقرد أن يحدثه، وبالتالي زادت احتمالية تراجع خصمه.

ولكن بما أن البشر لا يتصارعون بتعابير وجوههم، فقد كانت الدراسة تهدف لمعرفة السبب وراء تطور هذه التعابير في الوجه الغاضب، حيث بحثت الدراسة فيما إذا كانت تعابير الوجه الغاضب تساهم في إظهار قوة صاحبها وبالتالي قدرته على إلحاق الضرر بخصمه أم لا.

استخدمت الدراسة برنامجاً حاسوبياً للتلاعب بصورة وجه رجل بحيث يمكن تغيير ملامحه. في التجربة الأولى تم عرض صورة للوجه بحاجبين منخفضين (والتي تعد إحدى صفات الوجه الغاضب) وصورة أخرى بحاجبين مرتفعين وتم سؤال 141 مشاركاً في الدراسة عن صاحب الصورة الذي يبدو أقوى جسدياً بالنسبة لهم بناءً على تعابير وجهه.

فوجدوا بأن ارتفاع الحاجبين أو انخفاضهما لم يعطِ الناس انطباعاً يدل على غضب الشخص في الصورة، بل أفادوا بأن الشخص ذو الحاجبين المنخفضين يبدو أقوى جسدياً من صاحب الصورة الأخرى.

كررت الدراسة نفس الخطوات مع باقي سمات الوجه الغاضب متضمنة ارتفاع عظام الوجنتين، زم الشفاه، ارتفاع الفم، توسع فتحات الأنف ودفع الذقن للأعلى والأمام، فكشفت النتائج أنه حتى عند إضافة صفة واحدة فقط من تلك الصفات للصورة المعدلة حاسوبياً جعل صاحب الصورة يبدو أقوى جسدياُ بحسب رأي المشاركين في الدراسة.

يقول John Tooby من جامعة كاليفورنيا وهو أحد المشاركين في الدراسة: "يتولد الغضب نتيجة رفض وضع معين، ويظهر الوجه مباشرةً تعابيراً معينة للغضب، ليُعلِم الآخرين بعواقب إبقاء الوضع على ما هو عليه". ويضيف: "لا تبدو أي من معالم الوجه الغاضب اعتباطية، فجميعها يرسل الرسالة ذاتها".

يضيف المشرفون على الدراسة بأننا بحاجة لمزيد من الدراسات لمعرفة سبب كون تجمّع هذه العضلات تحديداً يسبب تشكيل التعبير الغاضب لوجوهنا.

المصدر: هنا