الفيزياء والفلك > فيزياء

الليزر يستكشف الزوابع الكمومية

كشفت تجربة لقسم الطاقة في مركز المسرّع الخطي في ستانفورد SLAC النقاب عن شبكة منظمة ثلاثية الأبعاد من الزوابع الكمومية داخل قطرات مجهرية لسائل الهيليوم فائق البرودة ( والذي يبقى في الحالة السائلة رغم التبريد الشديد). وهي المرة الأولى التي ترى فيها هذه التشكيلة عند هذا المستوى المنخفض من المقاييس.

يزودنا هذا الاكتشاف بنظرة عميقة جديدة حول الصفات الغريبة على مستوى النانومتر (النانومتر = جزء من المليار من المتر) لما يسمى حالة "الميوعة الفائقة" للهيليوم السائل (المائع الفائق هو سائل أو غاز يتدفق بسلاسة تامة دون أن يبدي أي احتكاك مع الأنبوب المتدفق عبره أو السطح المتحرك عليه ). عند تبريد الهيليوم الهيليوم لدرجات حرارة منخفضة جداً تظهر الخواص الكمومية للمادة بشكل أوضح. وحالة الميوعة الفائقة هي واحدة من الأمثلة القليلة على التصرفات الكمومية ضمن قياس كبير نسبيا بحيث تسهل رؤيته ودراسته. أمثة أخرى تتضمن تكاثف بوز- آينشتاين ( هنا).

" ماوجدناه في هذه التجربة كان مفاجئا حقا. لم نكن نتوقع هذا الجمال و النقاء في النتائج" يقول كريستوف بوستيدت، أحد الباحثين المشرفين على التجربة، وأحد العلماء الكبار في مركز الضوء الخطي المترابط في المسرع الخطي في ستانفورد. " لقد تمكنا من رؤية أحد مظاهر العالم الكمومي على المستوى الجهري " بحسب ما يقول يقول كين فيرغوسن، طالب دكتوراه من جامعة ستانفورد. شوهدت هذه الزوابع الصغيرة سابقا في الهيليوم المبرد، إلا أنها لم ترى بهذا الشكل ضمن قطرات صغيرة، حيث كانت مضغوطة أكثر بـ 100 ألف مرة من أي تجربة سابقة على الموائع الفائقة، كما يقول فورغسن.

قام الباحثون في تجربة LCLS بضخ سيل من القطرات المتتابعة من الهيليوم ضمن تجويف مفرغ من الهواء. ثم أخذت كل قطرة عند خروجها من جهاز النفث بالدوران حول نفسها بسرعة هائلة تصل إلى مليوني دورة في الثانية، و تم تبريدها لدرجة حرارة أقل من درجة حرارة الفضاء الخارجي. بعد ذلك التقط ليزر الأشعة السينية X-ray Laser صوراً متتابعة لكل قطرة على حدة كاشفا عن عشرات الأعاصير الصغيرة المسماة " الزوابع الكمومية " والتي يبلغ قطر نواتها قطر الذرّة.

توزعت قطرات الهيليوم سريعة الدوران بشكل منتظم مشكلة نموذجاً ثلاثي الأبعاد من الزوابع الكمومية، و أوجدت هذه التشكيلة الغريبة، المشابهة للبنية المنتظمة للجسم الصلب، دليلا على الحالة الكمومية للقطرات و التي تختلف كليا عن مظهر الدوامة الوحيدة المتشكلة في السوائل العادية، والتي تتشكل عند التحريك السريع لفنجان القهوة مثلا عند إذابة السكر.

كما اكتشف الباحثون أشكالا جديدة مفاجئة في بعض قطرات المائع الفائق. في السائل العادي تشكل القطرات شكل حبة الفول السوداني عندما يتم تدويرها بسرعة، إلا أن قطرات السائل الفائق تتخذ شكلا مغايرا تماما. فحوالي 1% من القطرات اتخذت شكلاً غريباً آخر شبيه بالعجلة، وبلغت سرعة هائلة لم ترصد قط سابقا في حالتها الكلاسيكية.

قال أوليفر غيسنر، كبير علماء مخبر لورنس بيركيلي، وباحث مساعد في التجربة، " الآن، وبعد أن بينا أنه يمكننا الكشف عن الدورانات الكمومية لقطرات الهيليوم النانوية و أن نحدد خواصها، فسيكون من المهم أن نفهم منشأها، وأن نحاول في النهاية أن نتحكم بها."

يضيف آندريه فيليسوف من جامعة جنوب كاليفورنيا، والباحث المساعد الثالث في التجربة " لقد تجاوزت التجربة أفضل توقعاتنا. الوصول إلى البرهان حول الدوامات، واستكشافها في القطرات وأشكال دورانها تم فقط بفضل تقنية تصوير LCLS" كما يضيف إن المزيد من التحليل للبيانات سيؤدي للمزيد من المعلومات المفصلة حول أشكال الدوامات و ترتيبها " من المؤكد أن تظهر المزيد من المفاجئات.

المصدر: هنا

حقوق الصورة: SLAC National Accelerator Laboratory