الفيزياء والفلك > فيزياء

فيزياء الجسيمات، إلى أين ؟

من منا لم يسمع بـ CERN و اكتشافها الكبير في 2012 الذي توج العمل النظري لبيتر هيغز و فرانسوا أينغلير الذي قدماه منذ أكثر من أربعة عقود بإعلان CERN اكتشاف بوزون هيغز.

سيرن ، المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية. أنشأت منذ 60 سنة. و عكفت على دراسة الجسيمات الأولية و تفاعلاتها. قامت باكتشافات مذهلة خلال تلك السنوات. كان أخرها بوزون هيغز كما ذكرنا. و لكن ماذا الآن ؟ إلى أين تتجه فيزياء الجسيمات بعد بوزون هيغز و بعد اكتمال النموذج المعياري ؟

خلال أقل من عام سيعود مصادم الهادرونات الكبير للعمل في نيسان 2015، أكبر مصادم جسيمات بنته البشرية حتى الان و لكن السؤال، هل كانت كل تلك التكلفة فقط من أجل " هيغز" ؟

الفيزيائي النظري John Ellis الباحث في CERN منذ العام 1978 يشعر بأنه من المثير أن تمتلك هذا الاحساس بأن معلومات جديدة عن كوننا تظهر لنا بشكل مستمر وأنك موجود في المكان الذي تكتشف فيه هذه المعلومات. لدرجة أنه يشبه الأمر بالجلوس عند فوهة بركان. بدأ John Ellis كباحث (ما بعد الدكتوراة) في CERN ثم ترأس القسم النظري لمدة ست سنوات قبل عمله في العلاقات العامة مع الدول غير الأعضاء في CERN. بحث إليس كان متركزاً بشكل أساسي على فيزياء الجسيمات، بالأخص المواضيع المتعلقة بشكل مباشر بالجانب التجريبي، حتى تقاعده في 2011. ولكن حتى بعد تقاعده، لا زال أستاذاً زائراً في سيرن. و يعمل على مشروع بحثي بين سيرن و King's College بلندن.

- ما بعد بوزون هيغز:

لاشك أن بوزون هيغز قد احتل عناوين الصحف لمرات عديدة، ولكن بالنسبة لـ Ellis، فإنه فقط إحدى إنجازات سيرن العظيمة المتعددة التي شهدها خلال العقود الثلاثة التي عمل بها فيها. و التي تذكره باحدى اللحظات العظيمة لسيرن، و هي اكتشاف بوزوني W و Z في 1983.و اكتشاف ما يعرف بالتيارات الضعيفة عام 1973.

بوزون هيغز والذي يعتبر حجر الأساس في النموذج المعياري للجسيمات أُعلن عن اكتشافه في تموز 2012. يبدو هذا للوهلة الأولى ما يريده الفيزيائيون، ولكن ليس تماما يقول إليس. "فلو وجدت ما تنبأت به تماما، لن يكون لديك فكرة كيف ستتقدم! بالطبع تبدو خواص البوزون المكتشف أنها نفسها التي تنبأ بها النموذج المعياري، ولكن عندما يعود مصادم الهادرونات الكبير للعمل، سنقوم بقياسات أدق، و نتمنى أن نجد شيئا خارج توقعات النموذج المعياري".

ما سيقوم به العلماء عند إعادة تشغيل مصادم الجسيمات في أبريل 2015 هو القيام بالمزيد من التصادمات، لأن قدرة المُصادم زادت، و بالتالي سيحصلون على بيانات أكثر و أدق. ويسود جو من التفاؤل بين أوساط الفيزيائيين ولو كان تفاؤلاً حذراً من البعض.

- ما الخطوة التالية لسيرن؟

يقع على عاتق Ellis وعدة علماء حالياً وضع المخطط المستقبلي لـ CERN بصفته عضواً في اللجنة المسؤولة عن التحقيق في الفرص الفيزيائية لمسرعات البروتونات المستقبلية في CERN فهو يبحث ضمن مجال متنوع من الأفكار. إن أحد الإحتماليات للمستقبل هو مصادم إلكترون-بوزيترون خطي يبلغ طوله أكثر من 50 كلم، كالذي يفكر علماء باليابان بإنشاءه. ولكن يؤكد إليس أن المصادم الخاص بسيرن سيصل لطاقات أعلى من نظريه الياباني، لذلك يسمى بالمصادم الخطي المضغوط.

أما الخيار الأخر، سيكون مُصادم بروتونات حلقي، تصل طاقته حتى 100TeV و يبلغ طوله 3-4 أضعاف طول مصادم الهادرونات الكبير. و الذي يمكن أيضا استخدامه لمصادمة الكترونات-بوزتورنات و الوصول إلى ضعف الطاقة التي أنتجها مصادم LEP و أيضا أكثر طاقة بشكل ملحوظ من مشروع المصام الخطي الياباني. ويؤكد إليس أنه ليس بالضرورة لمصادمات المستقبل أن تصل إلى طاقات أعلى لم نصل إليها من قبل. بل ما يهم هو معدل التصادمات، لعلاقتها بدقة القياس. إن الأمر يعتمد على نوع التجارب التي نقوم بها و ما اللذي نريد البحث عنه.

إن التجارب في 2015، و القياسات الأدق لهيغز. هي ما ستحدد إلى أين سنتجه. ربما اكتشاف جسيمات جديدة معينة ستتطلب إنشاء مصادم خطي ( ذو طاقة أقل) و لكنه سيكون كافيا لحاجاتنا في توسيع معرفتنا عن القوانين الأعمق للطبيعة.

المصدر: هنا

حقوق الصورة: CERN