الطب > مقالات طبية

مُخلّفات البيرة تستخدم لصنع العظام

يُعاني أكثر من 200 مليون شخص حول العالم من هشاشة العظام وفقاً لإحصائيات عام 2014. ومن المتوقع أن يزداد هذاالعدد خلال السنوات العشر القادمة بسبب زيادة متوسط عمر السكان. ومع هذا التزايد، تتجلى الحاجة لأساليب علاجية جديدة ومبتكرة.

تُمثّل هندسة النسيج العظمي واحدة من أكثر الطرق الواعدة البديلة عن التقنيات الجراحية التقليدية لإصلاح النسيج العظمي، حيث أصبح استخدام مواد صناعية بديلة عن العظم علاجاً ممكناً في حالات إصابات الهيكل العظمي.

إن الاستراتيجية الأساسية في هندسة الأنسجة بأسلوب "السقالات" هي استخدام مواد حيوية مساميّة قابلة للتحلّل. هذه المواد تعمل كقوالب بنيوية (لذلك تُسمّى السقّالات) لتوجيه نمو النسيج العظمي الجديد، ودعم تفاعل الخلايا، كما تفيد في تشكيل النسيج الغشائي المحيط بالخلايا.

تُستخدم فوسفات الكالسيوم في أيامنا هذه لعلاج هشاشة العظام لدورها في تشكيل غلاف يحسّن النسيج العظمي المزروع، وذلك بالاعتماد على أبعاد الذرات والبلورات. إلّا أن ارتفاع سعر فوسفات الكالسيوم الاصطناعية، بالإضافة إلى استخدامها من مصدر غير قابل للتجديد، هو ما دفع العلماء نحو البحث عن استراتيجيات علاجية جديدة من مصادر متجدّدة.

وقد قام فريق من عدّة معاهد ومراكز أبحاث في أسبانيا باكتشاف أن النواتج الثانوية الناتجة عن عملية التخمير يمكن استخدامها لإنشاء سقالات لتطعيم العظام. حيث يَنتُج عن البيرة بعد عملية التخمير بقايا عضوية غنية بالكالسيوم، المغنيزيوم، السيليكا، والفوسفور.

ونظراً لأن هذه المعادن موجودة أساساً في العظام، فقد ألهم هذا بدوره الباحثين للاستفادة من هذه النواتج الثانوية في استخدامات جديدة بعيدةٍ عن الاستخدام التقليدي لها في علف الحيوانات أو الأسمدة.

ويمثّل تفل قصب السكر واحداً من أكبر مكونات البقايا العضوية المتخمرة، وهو ما يتبقى بعد استهلاك الحبوب في عملية التخمير. وقد جرت العادة أن يُحرَق تفل قصب السكر بعد الاستخدام، لكنه أصبح يُستخدَم مؤخراً كوقود حيوي، وأيضاً كمادة قابلة للتحلل لصناعة صحون طعام، تُستعمل لمرة واحدة، ويتم التخلص منها بطريقة صديقة للبيئة.

وعند بحث إمكانية الاستفادة من هذا التفل في المجال الطبي، فقد جاء العلماء بنتائج واعدة. فمعالجة هذا التفل، و التلاعب بخصائصه، تُكسبه الكثير من الإمكانيات لاستخدامه في التطبيقات الطبية الحيوية، حيث تتم إعادة تشكيل التفل ليُشَكّل شبكة تُستخدم كسقالات لتطعيم العظام. وتتراوح أقطار مسامات الشكبة بين 50-500 ميكرون، وهي تمثّل قاعدة ممتازة لنمو العظام من جديد بعد الإصابة. وقد اختبر الباحثون إمكانية عمل سقالة التفل هذه على الفئران، وكانت فعاليّتها جيدة.

ويرى الباحثون أن خصائص المنتجات الثانوية للبيرة، بما تحويه من مواد متوافقة خلوياً مع أنسجة الجسم، يمكن أن تُعَدّل للاستخدام كعلاجات بديلة ورخيصة الثمن لعلاج هشاشة العظام، بالإضافة إلى استخدامها كغلاف للأطراف الصناعية، وتطعيم العظام وزراعة الأسنان التقويمية.

ويتم العمل حالياً للحصول على مخلّفات إنتاج البيرة من ثلاث نباتات مختلفة، لتتم المقارنة بينها بناءً على ملاءمتها وتوافق بنيتها الكيميائية مع انسجة الجسم، وتحديد أيُها الأنسب لاستخدامها لنمو العظام.

وفي حال كانت النتائج إيجابية، فإن هذا سيُؤمن إمداداً دائماً من المواد لصنع السقالات الطبية. في حين أن البدائل الصناعية المتاحة حالياً تستهلك وقتاً طويلاً لتصنيعها، كما أنها باهظة الثمن، و تُولّد منتجات ثانوية خطيرة جراء تصنيعها. لذلك تبقى إعادة تدوير المنتجات الثانوية للبيرة الحل الأمثل على المدى الطويل.

المصادر:

هنا

هنا

هنا

مصدر الصورة:

هنا