البيولوجيا والتطوّر > بيولوجي

لوزتا الحلق، أمل جديد لعلِاج الكبد المتضرِّر دون جراحة!

لا يمكننا أن نجزم بوجود أعضاء في جسدنا لا حاجة لها، لكن بعضها قد نستطيع الاستغناء عنه دون أن يشكل ذلك خطراً على حياتنا أو على وظائفنا الحيوية، كمثال على ذلك، لوزتا الحلق، التي أوجد العلماء طريقة جديدة للاستفادة منهما لإصلاح الأضرار التي تصيب الكبد، فكيف حصل ذلك؟

عندما يعاني أحدهم من فشل في الكبد في الوقت الحاضر، فإن الخيار الوحيد يتمثل بإجراء عملية زرع كبد كامل أو جزئي حيث أنَّ للكبد القدرة على التجدد إذا ما تم اقتطاع جزء منه، ولكن هذه العملية مُكلفة ومحفوفة بالمخاطر، كما أنها غير متاحةٍ دائماً، فأعداد المحتاجين لعمليات زراعة الكبد تفوق بكثير أعداد المتبرعين.

قد يغدو هذا الكابوس مجرّد ذكرى سيّئة بعد أن اكتشف علماء من كوريا الجنوبية تقنية جديدة قد تتيح للأطباء حقن خلايا جذعية مأخوذة من لوزتي الحلق داخل الكبد لإصلاح الضرر الحاصل فيه دون الحاجة للخضوع للجراحة. هنا قد يتبادر إلى ذهن البعض سؤال منطقي: ألم يستخلص العلماء خلايا جذعية بالغة من أماكن أخرى من قبل؟ فما الجديد!؟

ذلك صحيح، لكن مصدرها كان إما من نقي العظم Bone Marrow أو الحبل السري Umbilical Chord أو غيرها. وهذه المصادر على الرغم من أهميتها إلا أن لها محدوديتها، كما أن الحصول على خلايا جذعية منها ليس بالأمر السهل، حيث تُعدُّ عمليّة استخراج خلايا جذعية من نقي العظم صعبة للغاية والخطأ في إجرائها قد يكون له نتائج وخيمة، أمَّا بالنسبة للحبل السري فيجب حِفظه منذ الولادة في بنوك خاصة قد لا تكون متوفرة، كما أن معظم مرضى الكبد الحاليين من كبار السن، ولم يكن العِلم قد توصّل بعد إلى اكتشاف الخلايا الجذعية في الحبل السري وحفظها وقتما وُلِدوا.

وعلى الرغم من أن للوزتي الحلق دور في مساعدة أجسامنا على تفادي الالتهابات -حيث تصابان بالعدوى وتمنعان انتقالها إلى الجهاز التنفسي حيث تلعبان خط دفاع أول ضد العوامل الممرضة، إلا أننا لا نحتاج إليهما فعلياً، مما يجعلهما مناسبتين تماماً لاستخراج الخلايا الجذعية البالغة منهما.

بالطبع لم يكن الأمر سهلاً، فقد ناضل العلماء كثيراً للعثور على طريقة تمكنهم من تنمية هذه الخلايا الجذعية اللوزية إن صحّ التعبير على دعامة ثلاثيّة الأبعاد تحاكي النسج الحقيقية للكبد.

وقد نجح الآن فريق بحثي من جامعة إيوها ومانز في كوريا الجنوبية Ewha Womans University من تطوير تقنية تحقق ذلك، حيث قام الفريق في البداية بتغليف الخلايا الجذعية المُشتَقَّة من اللوزتين بسائل حسّاس للحرارة والذي يتحول إلى هُلام في درجة حرارة الجسم، ثم أضافوا عوامل النمو إلى السائل لتحفيز الخلايا الجذعية على التمايز إلى خلايا كبدية.

وبعد حدوث ذلك، قام الباحثون بتسخين المزيج (السائل الحساس للحرارة + الخلايا الجذعية اللوزية + عوامل النمو) إلى درجة حرارة الجسم مشكلين بهذا هلامة ثلاثية اﻷبعاد قابلة للتحلل الحيوي والتي تحتوي على خلايا كبدية فعّالة.

وقد قال كاتبوا البحث الجديد الذي نُشر في مجلة ACS Applied Materials & Interfaces بأنّ الهُلامة الحرارية التي توصلوا إليها تشكّل مادة واعدة في مجال نظام هندسة النسج من أجل تجديد أنسجة الكبد.

ويعمل العلماء الآن على إجراء تعديلات على المادة الهُلامية لمعرفة أنسب الشروط اللازمة للتجديد في الكبد. كما وستتمثل الخطوة اللاحقة في البدء باختبار هذه الطريقة الجديدة على أكباد ضمن المُختبر، قبل الانتقال إلى تجارب متقدمة أكثر.

هل برأيكم أن هذه العملية جيدة فعلاً؟ وهل سيكون تطبيقها قريباً؟

المصدر: هنا