الطب > مقالات طبية

داء باركنسون وسهولة الإقلاع عن التدخين.. ما الذي يجمعهما؟

كشفت دراسة دنماركية حديثة أن القدرة على ترك التدخين من المحاولة الأولى بسهولة ترتبط بشكل كبير بخطر الإصابة بالشلل الرعاش؛ أو ما يُعرف بمرض پاركنسون.

يُعدّ انخفاض عدد مستقبِلات النيكوتين في الدماغ أحد البوادر الأوليّة لمرض پاركنسون. وإنّ نُدرة هذه المستقبلات في الدماغ تعني انخفاضاً في الرغبة بالتدخين، وهذا ما يجعل عملية الإقلاع عن التدخين أسهل عند هؤلاء الأشخاص.

پاركنسون من منظور العلم الحديث:

لم يَعُد العلماء مؤخراً ينظرون لمرض پاركنسون على أنه مجرّد اضطراب في الوظائف الحركية؛ يبدأ بظهور أعراض التصلّب وبطء التحركات والسقوط المفاجئ و الرُّعاش، بل أصبحوا يبحثون في بدايات المرض، أي قبل 10 أو 20 أو حتى 30 عاماً من ظهور أعراض الاضطرابات الحركيّة. وكما يظهر من هذه الدراسة، فإن سهولة الإقلاع عن التدخين هي أحد الأعراض المبكّرة للمرض، والتي قد تسبق ظهور الاضطرابات الحركية بسنوات.

تشمل الأعراض غير الحركية الأخرى لمرض پاركنسون: الإمساك والضعف الجنسي ومشاكل القلب وضغط الدم، إضافة لاضطرابات معرفية واضطرابات النوم والاكتئاب وفقدان حاسة الشم.

الدراسة:

تم تحديد 1808 أشخاص شُخّصوا بپاركنسون بين عامي 1996 و 2009 من السجلّات الدانمركية. وتمت مقارنتهم مع 1876 شخصاً غير مصابين بالمرض، وذلك بعد مطابقة الجنس والعمر ونمط الحياة.

أَعطى المشاركون معلومات حول عادات التدخين لديهم (مدخن/مدخن سابق/غير مدخن) من حيث الكمية والمدّة الزمنية. وعَمّا إذا استعملوا بدائل النيكوتين، كالعلكة أو اللصاقات، خلال محاولات الإقلاع.

بعد ذلك، تم تقييم صعوبة الإقلاع عن التدخين لدى المُقلِعين، وذلك حسب وصفهم، من صعب جداً، إلى سهل جداً، وما بينهما.

النتائج:

وجد الباحثون أن مرضى الپاركنسون كان لديهم احتمالٌ أقل لأن يكونوا مدخنين، مقارنةً بالشواهد (أي مجموعة المشاركين في الدراسة من غير المصابين بپاركنسون).

أما عند المدخنين السابقين، فإن من وصفوا إقلاعهم عن التدخين بأنه كان "غايةً في الصعوبة"، كان خطر إصابتهم بپاركنسون أقل ب31% مقارنةً بأولئك الذين قالوا أنهم أقلعوا "بسهولة".

وتَرى الدكتورة Beate Ritz من جامعة كاليفورنيا، أن هذه الدراسة تُظهر بوضوح أن السبب وراء سهولة الإقلاع عن التدخين عند مرضى الپاركنسون هو فقدانهم الرغبة بالتدخين نتيجة تناقص مستقبلات النيكوتين في أدمغتهم. بينما عانت المجموعة الأخرى خلال محاولات الإقلاع لأن المستقبلات كانت متوافرة في أدمغتهم، وكانت لا تزال توّاقةً للنيكوتين.

تتجلّى أهمية نتائج هده الدراسة في أنها ستفتح المجال للعديد من الأبحاث للتركيز على آليات بدايات المرض، ومحاولة الكشف عن المصابين به في مراحل مبكرة، وقبل ظهور أعراض الاضطرابات الحركية.

ولعلّ أهم ما تمنحه هذه النتائج هو توضيح العلاقة المُبهَمة بين التدخين و مرض پاركنسون سابقاً، وحَسْم تلك الجدليّة. حيث اعتُقد سابقاً أن للتدخين تأثيرات وقائية من مرض الپاركنسون، حتى أن مرضى الپاركنسون كانوا يُنصَحون أحياناً بالتدخين، أو استخدام بدائل النيكوتين بُغيَة إبطاء تفاقم المرض.

إلاّ أن هذه الدراسة أوضحت لنا أن العلاقة السببيّة بين هذا المرض و التدخين (النيكوتين) هي عكس ما كان مُعتَقداً؛ أي:

أقلَع المريض عن التدخين بسهولة لأنه مصاب بپاركنسون، ولم يُصب بپاركنسون بسبب إقلاعه أو ابتعاده عن التدخين.

المصادر:

هنا

هنا

مصدر:

هنا