الطب > علوم عصبية وطب نفسي

شكاوى الذاكرة مؤشر مبكر لخطر الخرف في المستقبل

الذاكرة مستودع يخزّن المعلومات في أدمغتنا، لكن للأسف لا يبقى حجم هذا المستودع على حاله وهو في تضاؤل كلما كبرت في العمر، وقد يصل إلى درجة الخرف ...

لنعرف أكثر كيف يحصل ذلك وما هو الخرف؟ وهل هناك علاج؟

يعتبر النسيان أو ضعف الذاكرة عند الغالبية علامة تشير إلى بداية الشيخوخة، وقد وجدت دراسة جديدة أن من يعاني من مشاكل في الذاكرة تكون لديه فرصة أكبر للإصابة بالخرف في وقتِ لاحق، حتى لو لم يكن لديه أي علامات سريرية متعلقة بالمرض. كما تضيف هذه الدراسة دليلاً قوياً لفكرة أنّ شكاوى الذاكرة أمرٌ شائعٌ عند المسنين، وتشير لمشاكل في الذاكرة والقدرة على المحاكمة العقلية. وينبغي أن يأخذ الأطباء هذه الشكاوى على محمل الجد.

ما هو الخرف إذاً؟

يطلق مصطلح الخرف على مجموعة الاضطرابات المعرفية التي تضعف الذاكرة عموماً، بما في ذلك القدرات اللغوية والوظائف الحركية والتعرف على الوجوه واتخاذ القرارات، وفي معظم الحالات تؤثر هذه الاضطرابات على كبار السن.

النمط الأكثر شيوعاً من الخرف هو مرض ألزهايمر، وهو مرض مترقٍّ (progressive أي تزداد أعراضه تدريجياً) يصيب الدماغ، يتميز بفقدان الذاكرة وضعف الأداء العقلي. ويوجد حوالي 5.3 مليون أمريكي حالياً يعانون من مرض ألزهايمر، حيث يعود ذلك إلى ارتفاع معدل الشيخوخة عند السكان. ويتوقع الخبراء أن يتضاعف هذا الرقم بحلول عام 2050.

يربط باحثون من جامعة Kentucky مدى انتشار شكاوى الذاكرة الذاتية (أي التي يلاحظها الشخص نفسه وليس الأشخاص المحيطين به) بمرور الزمن مع ترقّي الضعف الإدراكي المعتدل والخرف، وقد نشرت هذه الدراسة ونتائجها في مجلة الأكاديمية الأمريكية لعلم الأعصاب.

لنرى كيف أجريت الدراسة المتعلقة بترقّي الخرف؟

شارك في الدراسة حوالي 531 شخصاً بعمر وسطي 73 عاماً، ولم يكن أيٌّ منهم يعاني من الخرف في بداية الدراسة. كان على المشاركين إجراء اختبارات سنوية للذاكرة والمحاكمة العقلية، وتمت متابعتهم لمدة 10 سنوات، كما جرى فحص أدمغة 243 شخصاً من المشاركين بعد موتهم بحثاً عن علامات ألزهايمر.

نتائج الدراسة...

شهد 56% من المشاركين تغييراتٍ في ذاكرتهم بعمر وسطي 82 عاماً، كما أنّ الذين عانوا من اضطرابات في ذاكرتهم كانوا أكثر عرضة بحوالي ثلاث مرات لتطور مشاكل الذاكرة والمحاكمة عندهم. وخلال مدة الدراسة عانى واحدٌ من ستة أشخاص من ترقّي الخرف، كما أفاد 80% من المشاركين عن التغييرات المذكورة سابقاً في ذاكرتهم.

وإنّ أبرز ما نتج عن هذه الدراسة هو المدة الزمنية التي يستغرقها حدوث الخرف أو الضعف السريري منذ بداية التبليغ عن شكاوى الذاكرة، وهي حوالي 12 سنة للخرف و 9 سنوات للضعف السريري.

وبالتالي تبيّن هذه النتائج أن هناك مجالاً كافياً للتدخل قبل تشخيص المرض.

يشير الباحثون أنّ دراستهم اقتصرت على سؤال المشاركين مرة واحدة سنوياً عن شكاوى الذاكرة الذاتية، كما أن التقارير الذاتية للمشاركين أدّت إلى تصنيف غير صحيح لشكاوى الذاكرة وعوامل الخطورة الأخرى كالتدخين والسكري. لكن رغم ذلك لا تسبب شكاوى الذاكرة الذاتية قلقاً فورياً لأن الضعف يبقى بعيداً لعدّة سنوات.

للأسف لا تتوافر حتى الآن علاجات وقائية لمرض ألزهايمر وغيره من الأمراض التي تسبب مشاكل في الذاكرة، وتهدف جميع المعالجات المعتمدة إلى التخفيف من أعراض هذه الحالة لكنها غير قادرة على منع ترقّيها، كما أن علاج مرض السكري وارتفاع ضغط الدم يمكن أن يحدّ من خطر الخرف المستقبلي.

المصدر:

هنا