المعلوماتية > عام

إذا كنت تؤمن بنظريات المؤامرة في الماضي، فمن المرجح أن تؤمن بهم في المستقبل

هل تعتقد أن البخار الذي يصدر من الطائرات النفاثة يحتوي على «سترات السيلدينافيل» العنصر الفعال في الفياجرا؟ أو أن المصابيح المصنوعة من اليورانيوم والبلوتونيوم هي صديقة للبيئة وأكثر كفاءة في استخدام الطاقة؟ أو أن الليمون له فوائد مكافحة النوم؟

إذا اعتقدت ذلك، فأنت على الأرجح مستهلك منتظم لنظريات المؤامرة، وخاصة تلك التي تظهر على إصدار اللغة الإيطالية من الفيس بوك (حيث هي مصدر هذه التفاصيل). من السهل رفض نظريات المؤامرة والتعامل معها كضوضاء خلفية مع وجود القليل أو عدم وجود أي عواقب في العالم الحقيقي.

لكن ذلك قد يكون استخفاف بتلك النظريات، حيث اقترح تقرير في عام 2013 صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي أن المعلومات الخاطئة في الإنترنت تمثل خطرًا كبيرًا على المجتمع الحديث. وأشار التقرير إلى عدد من الحوادث التي انتشرت من خلالها المعلومات كالنار في الهشيم مع عواقب تصورها مؤلفي تلك المعلومات.

في إحدى الحالات في عام 2012، فَـرّ 30،000 شخصًا من مدينة بنغالور الهندية بعد تلقي رسائل نصية بأنهم سوف بتعرضون للهجوم.

ومن الواضح أن الانتشار السريع للمعلومات في كثير من الأحيان قد لا يكون له علاقة سواء كانت المعلومات صحيحة أم لا.

وهذا يثير سؤالًا مثيرًا للاهتمام! كيف تنتشر نظريات المؤامرة من خلال شبكة الإنترنت؟ وهل يعامل الناس هذه الأفكار بطريقة مختلفة عن القصص التقليدية من وكالات الأنباء الرئيسية؟

لمعرفة ذلك، قام أليساندرو بيسي وزملاؤه في معهد الدراسات المتقدمة في لوكا، وإيطاليا، بدراسة طريقة استهلاك الناس في الفيسبوك لنظريات المؤامرة مقابل طريقة استهلاك الناس لأخبار وسائل الإعلام الرئيسية. ويقولون أنه يوجد تشابه ملحوظ ولكن هناك أيضًا بعض الاختلافات المثيرة للاهتمام التي قد تساعد على فهم طريقة انتشار المعلومات الخاطئة في جميع أنحاء شبكة الإنترنت.

بدأ فريق من خلال دراسة أكثر من 270،000 بوست على 73 صفحة فيس بوك مختلفة. صُنّفت هذه الصفحات وفقًا لنوع المعلومات التي تحتويها، سواء كانت أخبار مؤامرات أو أخبار علمية. كما تم حساب عدد الإعجابات التي حصل عليه كل بوست (ما يقارب 10 مليون إعجاب) وعدد المشاركات وكذلك الأفراد المشاركين.

بعد أن قُسمت المشاركات، وجد أن حوالي 60،000 مشاركة للأخبار العلمية السائدة وأكثر من 200،000 مشاركة لأخبار المؤامرات. وفي حين تلقى الخبر العلمي 2.5 مليون إعجاب، تلقت الأخبار البديلة 6.5 مليون إعجاب.

في الغالب، يستهلكُ الناس الأخبار العلمية بالطريقة نفسها التي يستهلكون فيها الأخبار الأخرى. حيث حصدا تقريبًا العدد نفسه من الإعجابات لكل تعليق والعدد نفسه من التعليقات للمشاركة الواحدة. كما أن للمشاركات أيضًا دورة حياة مماثلة، وهي الفترة ما بين التعليق الأول والأخير على كل مشاركة.

"على الرغم من الطبيعة المتنوعة جدًا من المعلومات، لكن المشاركات تستهلك بطريقة مماثلة." يقول بيسي وشركاؤه.

ولكن هناك فرق كبير واحد، وهو أنه من المرجحأن يقوم قرّاء أخبار المؤامرة بالإعجاب بمنشور ونشره مقارنةً بِـقراء أخبار القنوات الرئيسية. الذي قد يعكس رغبة أكبر لنشر المعلومات القائمة على المؤامرة من معلومات وسائل الإعلام الرئيسية.

وبالإضافة إلى دراسة كيفية استهلاك القراء الأنواع المختلفة من المنشورات، فقد درس بيسي و شركاؤهه القرّاء أنفسهم من خلال تقسيمهم إلى أولئك الذين يستهلكون في الغالب أخبار المؤامرة وأولئك الذين يستهلكون الأخبار العلمية. على وجه الخصوص، كان هناك اهتمامًا في بِـردّ فعل القراء على الأخبار من الطرف المقابل.

اتضح أن قُراء أخبار المؤامرة لا يميلون إلى التعامل مع الأخبار العلمية وبدلًا من ذلك يكرسون طاقاتهم نحو نشر هذه الأخبار. على النقيض من ذلك، فإن قراء الأخبار العلمية هم أكثر عرضة للتعليق على صفحات أخبار المؤامرة. ويقول بيسي وشركاؤه: "التفسير المحتمل لهذا السلوك هو نشر قُراء أخبار المؤامرة لما تُـهمله أخبار وسائل الاعلام الرئيسية، في حين يهدف قراء الأخبار العلمية لمنع انتشار أخبار المؤامرة."

يميل كل من نوعَي القُراء أكثر للتفاعل مع أناس في الطرف نفسه. أي أن هذه المجموعات لا تميل إلى التداخل.

تشكّل هذه الأفكار رؤيا مثيرة للاهتمام وهي أن نظريات المؤامرة مُستدامة بشكل مستقلّ عن الأدلة التي قد تنفيها، وهذا يتفق مع دراسات أخرى تشير إلى أن الناس تميل إلى الحسابات الأكثر اتفاقًا مع معتقداتهم.

فإذا كنت من المؤمنين بنظريات المؤامرة في الماضي، فمن المرجح أن تؤمن بهم في المستقبل. وإذا كنت تقرأ بانتظام أخبار وسائل الاعلام الرئيسية، فمن المرجح أن يستمر ذلك في المستقبل.

المصدر:

هنا