الطب > مقالات طبية

جُسيمات هلامية دقيقة لتعزيز عملية تخثّر الدم

عندما تجرحُ نفسك في مكانٍ ما مصادفةً، تنطلق في ذلك المكان آلياتٌ بمراحل عديدة تدعى بالإرقاء والتخثّر؛ وتهدف لإيقاف النزيف المسَبّب بالجرح بأسرع ما يمكن.

تنشَط الصفائح الدموية بمجرّد اقترابها من المنطقة المتضررة، وهي أجزاء خلوية تنتشر في الدم في وضع خاملٍ عادةً، حيث تقترب الصفائح الدموية من الجزء التالف من الوعاء الدموي وتبدأ بإفراز موادَ كيميائية وظيفتها جذب المزيد من الصفائح الدموية إلى المنطقة مما سيساعد لاحقاً بإيقاف النزيف.

اللاعب الأساسي الآخر في هذه العملية هو مولّد خيوط الفيبرين الذي يدعى بالفيبرينوجين (fibrinogen)، وهو يوجد في الدم بشكل خامل أيضاً ويتحول إلى الشكل النشِط (الفيبرين) (fibrin) عن طريق إنزيم الثرومبين (Thrombin) الذي يُنتج خلال عملية تخثر الدم.

بعد ذلك، تتجمع خيوط الفيبرين على بعضها داخل الوعاء التالف مكوّنةً شبكة، تتخللها وتنتشر فيما بينها الصفائح الدموية.

تنقبض خيوط الفيبرين لتكوّن الـ (plug) أو الخثرة التي تُبطّئ عملية النزيف حتى التوقف.

ثم يتم التخلص من خيوط الفيبرين والمكونات الأخرى بشكل طبيعي خلال عملية شفاء النسيج التالف.

ولكن مع الأسف، قد تكون الإصابات الخطيرة مميتة إذا لم تَتم السيطرة على النزيف سريعاً، لهذا يعمل الباحثون اليوم على تطوير طرق أفضل لتكوين الخثرات ومعالجة نزف الجروح.

لذلك قام فريق بحثي بقيادة دكتور Andrew Lyon ودكتور Thomas H. Barker في معهد جورجيا للتكنولوجيا، بتطوير جُسيمات شبيهة بالصفائح الدموية قادرة على تحسين عملية التخثر.

أنشأ الباحثون هذه الجزيئات الشبيهة بالصفائح الدموية عن طريق تصنيع جسيمات هُلامية حجمها مماثل لحجم الصفائح الدموية وقطرها تقريبا 1 ميكرون (ميكرو متر وهو يساوي 1 من مليون من المتر= 1/1000 مم)، ثم ألصقوا بها أجساماً دقيقة نانوية (nanobodies) مأخوذة من شُدف أجسامٍ مضادةٍ قادرة على التعرف على مادة الفيبرين.

ولاختبار الجزيئات الشبيهة بالصفائح الدموية؛ استخدم الفريق حجرة تحاكي ظروفُها عمليةَ تدفق الدم داخل الأوعية الدموية.

لاحظ الباحثون عند استخدامهم البلازما البشرية الطبيعية الغنية بالصفائح الدموية، تشكّلَ جلطات بسبب تفعيل الثرومبين داخلها، كما هو متوقع، في حين أنّ البلازما ذات النسبة الأقل من الصفيحات، لم تُشكل خثرات إلا عندما زُوِّدَت بتلك الجُسيمات الشبيهة بالصفائح، أي أن قدرة البلازما على تكوين الخثرات قد اُستعيدت بوجود تلك الجُسيمات.

بالطبع من الجدير بالذكر أن هذه الجُسيمات لم تشكل فارقًا في تحسين عملية تخثر الدم عند المرضى الذي يعانون من خلل في عملية تكوين الفيبرين أي أنها تساعد فقط المرضى الّذين يعانون من مشاكل في عدد أو وظيفة الصفيحات الدموية.

كما قد وجد الباحثون أن الجلطات (الخثرات) التي شكلتها الجزيئات الشبيهة بالصفائح الدموية انهارت وتفككت مع مرور الوقت، في حين كانت العملية أبطأ في حالة الخثرات الطبيعية (أي المتشكلة بسبب الصفائح الدموية الطبيعية).

الجدير بالذكر أيضاً، أن الجسيمات الشبيهة بالصفائح الدموية استطاعت تَقليص وقت النزيف وفقدان الدم في تجربة على مجموعة من الفئران أُصيبت بتلف في أحد الأوعية الدموية، حيث أَظهرت تحاليل الأنسجة أن تلك الجسيمات كانت موجودة في موقع الإصابة وساهمت في تعزيز تكوين الخثرة الدموية.

بالطبع هناك حاجة إلى المزيد من الأبحاث لتحديد ما سيحدث في نهاية المطاف لتلك الجسيمات الهلامية التي ستنتشر في مجرى الدم.

ولكننا نأمل أن يساعد هذا الاختراع الجديد على تقليل ضحايا النّزوف حول العالم وبأقل الخسائر الماديّة والفيزيولوجية الممكنة!

المصدر:

هنا

مصدر الصورة:

هنا