المعلوماتية > عام

هل نستطيع تحقيق استدامة الحوسبة الفائقة؟

هل سمعتم عن الحواسيب فائقة السرعة، و عن السباق المحموم بين الشركات العالمية للوصول إلى قائمة الـ TOP 500 و التربع على قمة أكثر الحواسيب قدرة في العالم. هل سيصل هذا السباق إلى خط النهاية، أم أن التكنولوجيا الحديثة ستضمن استمرارية هذا السباق؟!!! ...

على مدى العقود الثلاثة الماضية، شهدنا زيادة هائلة في قدرة المعالجة في أجهزة الكمبيوتر العملاقة، مع تحقيق مكاسب في سرعة الاداء تعادل تقريبا ثلاثة مستويات كل 10 سنوات ، من واحد غيغا فلوب* في منتصف الثمانينات، الى سرعة واحد تيرا فلوب في منتصف التسعينات، و في نهاية العقد الأول من هذه الألفية وصلت سرعة الاداء الى واحد بيتا فلوب.

الخطوة المنطقية التالية، هي جهاز كمبيوتر بسرعة أداء تصل إلى Exaflop، والتي لا تزال بعيدة جدا كما يتضح من حقيقة أن الحاسوب العملاق الصيني (NUDT Tianhe-2) يعمل بسرعة تصل الى 33.86 بيتا فلوب، وهذا يحتاج لـ 24 ميغاواط من الكهرباء، وبالاستقراء فإن استهلاك الطاقة في جهاز كمبيوتر يعمل بسرعة Exaflop سيتطلب استنزاف كامل لقدرة محطة لتوليد الطاقة الكهربائية وهذا يعد بوضوح خيارا غير مستداما.

عيسى كاريتيرو، الباحث في هندسة الكمبيوتر من جامعة تشارلز الثالث في مدريد، هو المنسق لشبكة NESUS *، وهي شبكة بحثية تركز على الجيل القادم في أنظمة الحوسبة الفائقة والتي لا تشمل أنظمة موازية فقط لكن انظمة موزعة أيضا.

بدأ مشروع شبكة NESUS بتمويل من الاتحاد الأوروبي لمدة أربع سنوات ابتداء من شهر مارس الماضي و بمساهمة باحثين من 29 دولة. الهدف من شبكة البحث هذه هو دراسة كيف يمكن لهذه المنظمة ان تكون قادرة على التعامل مع تحديات الحوسبة الفائقة، ليس فقط من حيث الطاقة، ولكن أيضا من حيث الأجهزة والبرمجيات والتحديات التي ستنشأ للتعامل مع هذه النظم العملاقة، كما ويوضح كاريتيرو. فتوفير الطاقة هي مشكلة كبيرة، ولكن ما هي الا جزء من المشاكل العديدة التي ستظهر في تلك النظم.

ضمن هذا المشروع، هناك ست مجموعات عمل تعمل على استكشاف جوانب عديدة من الحوسبة واسعة النطاق، بدءا من البرمجة إلى العتاد الحاسوبي والتعامل مع الحوسبة عالية الأداء (HPC) والحوسبة الموزعة. ان البقاء على اطلاع بآخر التطورات هو امر مهم لذلك فإن احدى مجموعات العمل هذه مهمتها مراقبة التطورات التكنولوجية و توفير المعلومات حول النظم الجديدة الى الشبكة، الأمر الذي يسمح باستمرار دمج التكنولوجيات الجديدة بسرعة، كما يقول كاريتيرو.

اشار كاربتيرو الى وجود سياقين محددين للتطورات التي تستحق الاهتمام: الاول هو عبارة عن وحدة معالجة الرسوم البيانية عامة الأغراض (GP-GPUs). حيث سيتم استخدام الوحدات فائقة السرعة هذه في العديد من التطبيقات، مثل التكيف البصري في التلسكوب الاوربي العملاق، الأمر الذي سيتطلب أساليب جديدة في البرمجة.

و السياق الاخر هو المقاومات ذات الذاكرة (Memristors) و التي توصف بأنها لا تفقد محتوياتها، إضافة إلى صغر حجمها و كونها بدائل موفرة للطاقة مقارنة مع محركات الأقراص. هذه التكنولوجيا ستكون متاحة في السنوات الثلاث أو الأربع القادمة، و ستوفر ذواكر ضخمة قد تصل إلى عدة تيرابايتات، و بالتالي ستكون مناسبة جدا لأجهزة الحوسبة الفائقة.

ستحتاج هذه النظم المستقبلية الضخمة إلى منهجيات جديدة في البرمجيات أيضا، و في هذا السياق يقول كرايتيرو:

"بشكل أساسي لدينا هدفين، الاول هو تطوير هيكلية الطبقات البرمجية المستخدمة لضمان قابلية التوسع والاستدامة لهذه النظم. و الهدف الاخر هو محاولة الانتقال بالتطبيقات إلى هذه البنى الجديدة في أسرع وقت ممكن. و لأن هذه النظم هي كبيرة جدا، فنحن نبحث أيضا في إمكانية استخدام نظم البرمجة التلقائية و الأساليب الجديدة في البرمجة التي يمكن لها أن تجهل هذه المهمة أسهل".

لقد أصبح العمل في هذا المشروع يحظى باهتمام كبير في الأوساط العلمية، حيث تغطي هذه الشبكة البحثية حاليا 45 دولة و تضم حوالي 200 من العلماء.

على كل حال، فإن كاريتيرو أقل تفاؤلا حيال القدرة على زيادة سرعة اجهزة الحوسبة الفائقة لتصل إلى مستوى الـ Exaflop. فالطاقة المطلوبة والحجم، كما يقول، لا تزال من اهم المشاكل التي تحتاج إلى أن يعاد النظر بها. يقول كاريتيرو: "أنا لا أعرف من سيكون على استعداد لدفع الثمن الباهظ لتلك الآلات".

على المدى القصير ربما تكون المشكلة محصورة في توفر التكنولوجيا اللازمة لزيادة قدرة الحواسيب الفائقة، لكن على المدى البعيد يجب أن نجد طريقة للحصول على قدرة حاسوبية أكبر عن طريق ارتباط عدة أجهزة حوسبة فائقة تعمل على التوازي.

حاليا يسعى الباحثون الأوروبيين في هذا الاتجاه حيث يتطلعون إلى الاستفادة من النظم الموزعة و لكنهم للأسف لا يملكون إلا الانترنت كوسيلة للاتصال بين هذه النظم، و التي أدت إلى تدهور كبير في أداء بعض المشاريع التي كانت تعتبر ذات إنتاجية عالية جدا.

و كإجابة على ما إذا كانت هناك خطط لبناء شبكة مماثلة لشبكة العمود الفقري (Backbone Network) في الولايات المتحدة، يقول كاريتيرو: "لأغراض البحث تمثل شبكة (GEANT) مثال جيد فهي توفر لنا عرض حزمة عال جدا. لكن في الوقت الراهن، من الصعب توسيع هذه الشبكة على نطاق عالمي فأنا لا أرى مؤشرات في أوروبا تدل على ذلك بالمقارنة مع الولايات المتحدة لأن هذا يتطلب استثمارات كبيرة واتفاقيات ما بين الدول ".

*فلوب: بالانكليزيةFLOP و هو اختصار لـ "FLoating-point OPeration" و التي تعبر عن عمليات الفاصلة العائمة التي تقوم بها وحدة المعالجة في الحاسب. وغالبا ما يعبر عن قدرة الحواسب الفائقة بعدد هذه العمليات التي يمكن لها أن تنجزها في الثانية.

الاسم فلوبس

yottaFLOPS

1024

zettaFLOPS

1021

exaFLOPS

1018

petaFLOPS

1015

teraFLOPS

1012

gigaFLOPS

109

megaFLOPS

106

kiloFLOPS

103

*((Network for Sustainable Ultrascale Computing)) هي شبكة الحوسبة الفائقة المستدامة تأسست في اوربا و هدفها انتاج برمجيات مفتوحة المصدر تتعامل مع الانظمة المعلوماتية الضخمة.

المصدر:هنا