الطب > علوم عصبية وطب نفسي

عدم النوم ليلة كاملة قد يغير من ذاكرتك

إنّ ذاكرتنا -وعلى عكس مانعتقد- ليست مسجلاً دقيقاً للأحداث، فالذكريات الحديثة تُبنى من جديد في كل مرة يحاول فيها العقل استرجاع أحداث سابقة، وذلك من خلال تجميع المعلومات اللازمة لذلك من عدة مصادر كالصور التي رأوها أو ما سمعوه من الناس أو حتى من خلال توقعاتهم الشخصية، وفي حال حدوث خطأ ما أثناء هذه العملية تكون النتيجة تشكل ذكريات خاطئة!

وقد وجد العلماء أنّ الأشخاص الذين لا ينالون قسطاً كافياً من النوم يمكن أن يزيد خطر تشكل ذاكرة وهمية لديهم، وهم أكثر عرضة للخلط بين الأحداث الواقعية والوهمية وتذكر أشياء لم تحصل في الواقع أبداً.

وقد لاحظ العلماء في تجربة سابقة أنّ الأشخاص الذين ينامون فترات قليلة (أقل من 5 ساعات كل ليلة) هم أكثر عرضة لدمج المعلومات الخاطئة لصور معينة في ذاكرتهم، والقول أنهم رأوا أشياء لم تحدث في الواقع أبداً.

ولكن أراد الباحثون معرفة تأثير الحرمان الكامل من النوم (أي لـ24ساعة) على الذاكرة، فعمدوا لإجراء تجربة تدعى (تشفير الأحداث event encoding) قارنوا فيها ذاكرة مئة شخص نام بعضهم من منتصف الليل حتى الساعة الثامنة وبقي بعضهم الآخر مستيقظاً طوال الليل، حيث أروهم صورة رجل دس محفظة امرأة في جيب سترته، وبعد أربعين دقيقة جعلوهم يقرئون معلومات خاطئة عن نفس الصورة تقول أنّ الرجل دسّ المحفظة في جيب بنطاله بدل من سترته، وفي النهائية سأل الباحثون الطلاب أين دسّ الرجل محفظة تلك المرأة؟ وكيف عرفوا تلك المعلومة؟ فوجد العلماء أنّ أولئك الذين حُرموا من النوم ليلة كاملة كانوا أكثر عرضة للإدلاء بمعلومات خاطئة وغير دقيقة عن الصورة.

ولهذه المستجدات تأثير كبير على حياة الناس اليومية كاسترجاع معلومة ما أثناء الامتحان أو في سياق العمل وحتى في مصداقية شهود العيان عند الإدلاء بشهادة ما، وخاصّة أنّ عادة السهر المزمن آخذة بالازدياد.

ويأمل الدكتور ستيفن فريندا - وهو طالب دكتوراه في علم النفس في جامعة كاليفورنيا في ارفين - التعمق أكثر بفهم آلية تأثير الحرمان من النوم على الذاكرة لتقديم توصيات تخص بعض الإجراءات القانونية. فكما نعلم فاستجوابات الشرطة قد تمتد عدة ساعات في الليل وهذه ليست فكرة جيدة إذا كان الهدف حماية ذاكرة الشاهد. لكنه نوّه أيضاً أنّ السماح للشهود بالعودة لمنازلهم وأخذ قسط كافٍ من النوم قد يؤثر أيضاً على ما يعرفونه لأن الذكريات تتلاشى مع مرور الوقت أيضاً.

نشرت هذه الدراسة في 16 أيلول في مجلة العلوم النفسية.

المصدر:

هنا

مصدر الصورة:

هنا