الطب > مقالات طبية

العمل الطويل بأجر زهيد يزيد من خطر الإصابة بالسكري

أشارت دراسة حديثة منشورة في مجلة اللانسيت للسكري والغدد الصمّ The Lancet Diabetes & Endocrinology إلى أن الأشخاص الذين يعملون لمدة تتجاوز الـ55 ساعة أسبوعياً في وظائف ذات مستوى اقتصادي واجتماعي متدنٍّ هم أكثر عرضة وبشكل واضح للإصابة بالسكري من النمط الثاني*، وذلك بالمقارنة مع الأشخاص الذين يعملون لساعات أقل.

يرتبط العمل لساعات طويلة بتأثيرات سلبية على صحة الفرد، فعلى سبيل المثال وجدت دراسة حديثة تم نشرها في Medical News Today ارتفاع خطر الإصابة بأمراض الشرايين التاجية القلبية بين الأشخاص الذين يعملون أكثر من 60 ساعة أسبوعيًا.

لقد أشار القائمون على دراستنا الحالية، والذين يترأسهم Mika Kivimäki بروفيسور علم الوبائيات في جامعة لندن في المملكة المتحدة، إلى أن الدراسات السابقة قد ربطت أيضًا بين العمل لساعات طويلة والإصابة بالتوتر واختلال نمط حياة الأفراد إضافة لظهور أعراض اكتئابية واضطراب في النوم، والتي برأيهم تعتبر عوامل تساعد على ظهور مرض السكري لدى هؤلاء الأشخاص.

لكن الدراسة الحالية تعتبر الأكبر من نوعها والتي تبحث في تأثير طول ساعات العمل على تطور السكري من النمط الثاني.

لقد أجرى الباحثون دراستهم اعتماداً على تحليل البيانات المأخوذة من عينة من الدراسات السابقة المنشورة وغير المنشورة على تأثير العمل لساعات طويلة على نشوء السكري من النمط الثاني ، وتضمنت البيانات معلومات عن 222120 رجل وامرأة من الولايات المتحدة وأوروبا واليابان وأستراليا، ولقد تم متابعة حالة المشاركين في هذه الدراسات لمدة تقدر بـ 7.6 سنوات وسطيًا.

عندما قام الباحثون بمقارنة الأشخاص الذين عملوا لمدة 55 ساعة أو أكثر أسبوعياً مع أولئك الذين عملوا بمقدار 35-40 ساعة أسبوعياً، لم يجدوا فرقاً ذا قيمة على صعيد تطور السكري من النمط الثاني لدى أفراد كلا المجموعتين.

لكن عندما أدخلوا عامل المستوى الاقتصادي الاجتماعي للعمل في مقارنتهم السابقة، وجد الفريق الباحث أن الأشخاص الذي عملوا في مجالات ذات مستوى اقتصادي اجتماعي متدنٍّ (مثل الأعمال التي تتطلب جهداً يدوياً) لمدة 55 ساعة أو أكثر أسبوعياً كانوا أكثر قابلية للإصابة بالسكري من النمط الثاني بنسبة 30% من أولئك الذين عملوا لمدة 35-40 ساعة أسبوعياً.

وهنا يقول البروفيسور Kivimäki: "يعتبر الوضع الاقتصادي الاجتماعي المرتفع عاملاً واقياً من تطور السكري من النمط الثاني الناتج عن العمل لساعات طويلة".

ولقد لاحظ الباحثون أن هذه النتائج بقيت كما هي مهما اختلفت أعمار المشاركين أو جنسهم أو مستوى بدانتهم أو مستوى نشاطهم البدني أو كونهم من المدخنين أم لا. كما قد ضلت هذه النتائج ثابتة حتى بعد عزل المشاركين في هذه الدراسة الذين يعملون بنظام المناوبات، والذي أثبتت الدراسات أنه يرفع من خطر تطور السمنة و السكري من النمط الثاني عند هؤلاء العمال.

وعلى الرغم من أن الفريق البحثي لم يبحث في الأسباب الكامنة وراء هذه العلاقة بين العمل لمدة طويلة بمستوى اقتصادي متدنٍّ مع تزايد خطر الإصابة بالسكري، لكنهم افترضوا أنها تعود إلى عدة عوامل، فمن المحتمل أن أولئك الذين يعملون لساعات طويلة بمهن متدنية المستوى الاقتصادي الاجتماعي يحصلون على قسط غير كاف من النوم وعلى وقت أقل لممارسة بعض التمارين البدنية، وهي تعتبر عوامل خطورة للإصابة بالسكري من النمط الثاني.

ويقول البروفيسور Kivimäki في هذا الموضوع بأن العمل في هذه الظروف يشير إلى وجود عوامل خطورة أخرى، مثل تدني مستوى الدخل والمعاناة من الضائقة المالية.

وعندما سُئل البروفيسور Kivimäki عمّا إذا كان من الواجب على العاملين في ظروف اقتصادية اجتماعية متدنية أن يقللوا من ساعات عملهم لتقليل خطر الإصابة بالسكري، كانت الإجابة بأنه لا توجد دراسة حتى الآن تقترح أن تقليل عدد ساعات العمل سيكون له مثل هذا التأثير الإيجابي.

ويقول هنا: "نصيحتي للأشخاص الذين يرغبون بتقليل خطر إصابتهم بالسكري من النمط الثاني بأن يأكلوا ويشربوا بشكل صحي، وأن يكونوا نشيطين بدنيًا، وأن يتجنبوا الوزن الزائد والتدخين، وأن يحافظوا على مستويات السكر والشحوم في الدم ضمن المدى الطبيعي. وهذا ينطبق على الأشخاص الذين يعملون لساعات طويلة و أولئك الذين يعملون لفترات أقل".

*السكري من النمط الثاني: أو السكري غير المعتمد على الأنسولين، هو يصيب البالغين أكثر من اليافعين والأطفال، وفي هذا المرض يكون الجسم قادراً على إنتاج الأنسولين (عكس السكري من النمط الأول)، ولكن إما أن يكون ذلك بكميات غير كافية أو أن الجسم لا يستجيب لتأثيراته ما يؤدي لتراكم السكر في الدم.

المصدر:

هنا

مصدر الصورة:

هنا