الاقتصاد والعلوم الإدارية > اقتصاد

تطوّر الموظّف

أحد الأمور الهامة التي يجري تداولها منذ فترة هي أن زمن العمل كما نعرفه قد انتهى، و أنّ الطريقة الوحيدة للاستمرار في العمل هي تحدّي التقاليد المتعلقة بكيفية العمل والقيادة وبناء الشركات، فالموظفون الذين كانوا يعتبرون أشخاصاً ثانويين هم الأصل الأكثر قيمة لدى أية شركة الآن.

على أية حال، فإنّ الموظف منذ عقد مضى لا يشبه الموظف الذي بدأنا نراه اليوم. و الصورة التالية توضح بشكل بسيط هذا الفرق بين الماضي والمستقبل:

وبناء على الصورة السابقة إليكم الأمور المفتاحية التي سنركز عليها:

مرونة العمل:

إنّ أول عنصرين أعلاه بالإضافة إلى عنصر التركيز على المخرجات يشكلون معاً فكرة العمل المرن، حيث يتم العمل في أي وقت وفي أي مكان، و لا يتم تقييمه بعدد الساعات التي تجلس فيها في المكتب وإنما بإنتاجيتك.

لم يعد هناك حاجة لأن يعمل أغلب الموظفون في المكتب من 5 إلى 9 ساعات.

تقوم شركة Unilever بعمل ممتاز من هذه الناحية، حيث جرى طرح هذا المفهوم الذي يسمونه "العمل بخفّة"على موظفيها الذين يصل عددهم إلى أكثر من 175000 موظف حول العالم.

كما أن كلاً من شركتي Aetna وAmerican Express تعتبران أيضاً من ضمن الشركات التي تسعى للعمل المرن. و موظف المستقبل لن يعمل إلا بهذه الطريقة.

إمكانيّة استخدام أي جهاز:

لقد بدأنا نرى ذلك للتوّ من خلال سياسة BYOD وهي اختصار لعبارة Bring Your Own Device أي "أحضر جهازك الخاصّ"، فقد انتهى زمن إلزام الشركات للموظفين باستخدام الهواتف والحواسيب الخاصّة بها، و عوضاً عن ذلك فإنّ موظّف المستقبل سيكون قادراً على استخدام أي جهاز يختاره لإكمال عمله. إنّ شركات Ford و IBM و Intel كانت من بين الشركات التي تسعى للسماح للموظفين باستخدام العديد من الأجهزة الخاصة بهم في العمل.

انتهاء زمن السلم الوظيفي وبداية زمن العمل المخصص:

عندما تبدأ العمل في شركة جديدة فإنك تبدأ من الوظائف الدّنيا، فتبدأ مثلاً كمنسّق مبيعات ثمّ مدير مبيعات و بعدها تصبح كبير مدراء المبيعات ثم تتقلد منصب المدير التنفيذي للمبيعات وهكذا دواليك، أي أنه عليك تسلق السلم الوظيفي لعدّة سنوات آملاً في الوصول يوماً ما إلى المركز الذي يناسبك و تكون سعيدا به.

على أية حال، حالياً و في ظل الاقتصاد المستقلّ و البرامج المشتركة وطرق الإدارة الحديثة، بدأ الموظفون بتشكيل طرقهم المهنية و كيفية عملهم لوحدهم.

تقدم بعض الشركات مثل Deloitte ما يسمّى برنامج تخصيص مجموعات الأعمال، و الذي يسمح للموظفين بتغيير ما يفضلونه من أعمالهم مرتين في السنة. و يتضمن التغيير هنا أشياء مثل القيام بأعمال إضافية ضمن الشركة أو تحديد كم من الوقت يحتاجه الموظف للسفر.

هناك شركات أخرى مثل Valve أو Treehouse تسمح للموظفين باختيار المشاريع التي يريدون العمل عليها أو من يريدون العمل معهم.

مشاركة المعلومات:

كان الموظفون سابقاً يحتفظون بالمعلومات لأنفسهم، حيث لم يكن هناك حافز أو طريقة أو سبب ليتشارك الموظفون ما يعرفونه مع الآخرين. كانت المعرفة هي القوة، و إذا احتفظ الموظفون بأفكارهم لأنفسهم فإنهم يملكون القوة. لم يكن هناك أيضاً تشجيع على المشاركة والتفكير بشكل خلّاق، فقد كان العمل بكل بساطة هو أن يحضر الموظف إلى العمل و يقوم بالمهام المطلوبة منه فقط لا غير.

بالنسبة لموظف المستقبل فإن العكس هو الصحيح، فالبرامج المشتركة تجعل من السهل على الموظفين تشارك المعلومات، و تخلق المؤسسات الحوافز حاليّاً للمشاركة انطلاقاً من المشاريع الداخلية وصولاً إلى برامج رواد الأعمال، من أجل فتح المجال لانتشار البرامج الابتكاريّة داخليّاً. ناهيك عن أن البريد الالكتروني قد انتقل من كونه الشكل الرئيسي للتواصل إلى كونه شكلاً ثانويّاً.

تُعتبر كل من شركة Shell مع برنامجها GameChanger ، و شركة Whirlpool مع برنامجها Winning Workplace مثالين عن المنظمات التي غيرت ثقافتها من اختزان المعلومات إلى مشاركتها.

أيّ موظف بإمكانه أن يصبح مديراً:

كما ذكرنا سابقاً، فقد كان الموظفون يعتبرون أشخاصاً ثانويين، و هذا معناه أنه لم يكن لديهم رأي ضمن المنظّمة. مرّة أخرى تلعب تقنيات المشاركة دوراً حاسماً، حيث أنها تفسح المجال أمام أي موظف في أي مؤسسة ليكون مديراً من خلال مشاركة الأفكار والمفاهيم. و لهذا فإن أي موظف لديه القدرة على جمع أتباع له من خلال المحتوى الذي يشاركه داخليّاً يمكنه أن يصبح مديراً، و هذا لم يكن ممكناً من قبل خاصة من ناحية أن البرامج التشاركية لم تكن متاحة كما هو الأمر اليوم.

فكّر في عدد الناس الذين أصبحوا مدراء بفضل مواقع التواصل الاجتماعية مثل تويتر، إنستغرام وفيسبوك. يمكن للموظفين الآن أن يقوموا بالشيء نفسه داخل شركاتهم.

المعرفة مقابل التّعلُّم التّكيّفيّ:

لم تعد المعرفة الآن أكثر من سلعة. لتكون أذكى شخص في العالم كل ما عليك فعله هو أن تمسك هاتفك المحمول الذي بواسطته يمكنك الوصول إلى أجوبة أي سؤال يخطر ببالك.

و هذا يعني أنه بالنسبة لموظف المستقبل لن تكون المعرفة الأمر الأكثر أهمية، و إنّما قدرة الموظف على تعلّم أشياء جديدة وتطبيق ما يتعلّمه على المواقف والسيناريوهات التي تجري في الواقع. بتعبير آخر يمكننا القول أنّ كونك مستعداً دائماً لتتعلم كيف تتعلم و تتكيف مع الوضع أهمّ و أثمن بكثير من الذي تعرفه.

كلّ شخص هو أستاذ و طالب:

في أغلب المؤسسات الآن، إذا أردت أن تتعلّم شيئاً ما عليك أن تسجل و تحضر صفّاً قد يدوم لعدّة أيام أو أسابيع. و مرّة أخرى كل الشكر للبرامج التشاركيّة، حيث يمكن اليوم لأيّ موظف أن يخرج هاتفه النقال ويبحث عن أية معلومة يريد، ابتداءً من طريقة وصل جهاز توصيل الإنترنت، و حتى برمجة أي شيء على برنامج إكسل. إنّ القدرة على جعل الموظفين يتواصلون بين بعضهم يؤمّن ببساطة طريقة لتعلُّم و تعليم ديمقراطي بطرق لم تكن ممكنة من قبل.

كل الشكر لمواقع مثل Udemy، Coursera و Khan Academy ، فنحن نملك الآن القدرة على تعلُّم ما نريد و تعليم ما نحن مختصّون به.

جيكوب مورغان من كتابه الجديد:

"مستقبل العمل: اجتذب المواهب الجديدة، جهز قادة أفضل و ابنِ مؤسسة تنافسية.

المصدر:

هنا