الطب > علوم عصبية وطب نفسي

دماغك لا يتوقف عن العمل عندما تنام!

دراسة حديثة تظهر أن الدماغ يستمر بالعمل أثناء النوم ويقوم بمعالجة المعلومات المختلفة التي تصله ليساعد باتخاذ القرارات، مثلما يحدث في حالات الاستيقاظ.

الدراسة برئاسة الباحث Sid Kouider و طالب الدكتوراة Thomas Andrillon في جامعة Ecole Normale Supérieure في باريس، حول نشاط الدماغ أثناء النوم ونتائج هذه الدراسة قد تترك أثرا ً مهما ً في سعي الانسان لاكنساب المزيد من المهارات.

الدراسات السابقة أظهرت أن الشخص ينفصل عن البيئة المحيطة به أثناء النوم، ولكن الدماغ "ينام مع إبقاء عين واحدة مفتوحة" ليستمر باستقبال المعلومات التي تهمنا فقط وتجاهل تلك الغير مهمة لنا، لذلك نحن نستيقظ إذا ما نادى أحدهم باسمنا أو عندما يرن المنبه ليوقظنا، ولا نستيقظ لأصوات القطط أو السيارات المارة أو لصوت عقارب الساعة.

في الدراسة الجديدة، أراد الباحثون التعمق في هذا المجال، ووجدوا أن الدماغ لا يعالج التنبيهات فحسب، بل يمكنه استخدامها لاتخاذ قرارات أيضا ً، ذلك شبيه بما يحدث أثناء قيادتك للسيارة، فعليك معالجة الكثير من المعلومات وبسرعة ولكنك معتاد على هذا الأمر الروتيني لدرجة أنك لا تلاحظ ذلك. نفس الأمر ينطبق على قدرتنا على اتخاذ القرارات ونحن نيام!

بالطبع، يتم "إطفاء" الجزء من دماغنا المعني بتلقي الأوامر وتنفيذها أثناء النوم، فلا نستطيع تنفيذ الأوامر الجديدة التي تردنا أثناء نومنا، ولكن ما أراد الباحثون معرفته: إذا تم اعطاء أمر قبل النوم مباشرة، فهل يستمر الدماغ بالعمل عليه حتى بعد الدخول بالنوم؟

يشرح الباحثون تجربتهم تلك:

"للإحابة عن ذلك السؤال قمنا بتصميم التجربة بحيث يقوم المتطوعون بفرز كلمات معينة يسمعونها، أولاً بقرز الكلمات التي تدل على الحيوانات والأشياء، وثانيا ً بفرز الكلمات ذات المعنى عن الكلمات الكاذبة (كلمات تلفظ ولا وجود لها بالقاموس)، وذلك عن طريق الضغط على زرين (أيمن وأيسر) موافقا ً للمجموعة التي تنتمي لها كل كلمة يسمعها المتطوعون، وبعدما أصبحت العملية روتينية، طلبنا منهم الاستمرار بالقيام بذلك مع السماح لهم بالنوم، حيث استكملت التجربة باستلقاء المتطوعين في غرفة مظلمة ، فنام معظمهم فعلا ً مع استمرار سماعهم للكلمات.

وفي الوقت نفسه قمنا بمراقبة نشاطهم الدماغي عن طريق تخطيط الدماغ الكهربائي. ومع دخولهم في النوم، وبدون انقطاع في سيل الكلمات التي يسمعونها، تم إدخال مجموعة جديدة من الكلمات التي لم يسمعوها من قبل عند بداية التجربة. لقد توقف المتطوعون طبعًا عن الضغط على الأزرار عند نومهم ولكن باستخدام تخطيط الدماغ وُجد أنهم استمروا في التخطيط للقيام بالضغط على الزر الصحيح الذي يوافق المجموعة التي تنتمي لها الكلمة التي يسمعونها. هذا يعني أنه بالرغم من كونهم نيام، قامت أدمغة المتطوعين بتحضير الاستجابة التي سيقومون بها.

وعند استيقاظهم في اليوم التالي، لم يتذكر المتطوعون أي من الكلمات التي سمعوها وهم نيام، مما يعني أنهم قاموا بمعالجة معلومات معقدة وهم يغطون في النوم وبدون وعي!"

ما الذي يعنيه هذا للحالمين بتعلم أشياء جديدة أثناء نومهم؟ من المعروف أن النوم يثبت المعلومات الموجودة مسبقًا، لكن تقديم معلومات جديدة هو أمر مخلتف كليًا. ما التضحيات التي على الدماغ القيام بها لتحقيق ذلك؟ وهل ستتدخل أحلامنا بالعملية التعليمية حينها؟، يبدو أنه لازال لدينا الكثير لنتعلمه عن النوم!

المصدر:

هنا