الهندسة والآليات > الادارة الهندسية

إدارة السلامة في المنشئات النفطية: الدرس القاتل

أكثر من 25 عاما مرت على ليلة السادس من شهر تموز/يوليو 1988 حيث حدثت أكبر كوارث بحر الشمال. حريق منصة الضخ ألفا (Piper Alpha) -الذي تسبب بوفاة 165 شخصا من أصل 220 عاملا على متن المنصة بالإضافة إلى شخصين من كوادر الإنقاذ- جعله أسوء كارثة على مستوى العالم لمنصة نفطية بحرية. كما أنه قدرت الخسائر الناتجة عن الحادث بـنحو 1.4 مليار دولار أمريكي.

لم يكن سبب الحادث بالبساطة التي يبدو عليها في التقارير الأولية، وهي أن بعض أعمال الصيانة كانت تجرى على أحد المضخات عالية الضغط المحكمة. حيث أزال فريق الصيانة المضخة وأحد صمامات الأمان للصيانة. وتم سد نهاية أنبوب الضغط حتى انتهاء أعمال الصيانة. وفي المساء قام عمال المناوبة الليلية بتشغيل المضخة الاحتياطية مما فتح الضغط على الأنابيب، ولم يعلموا بأن بعض أعمال الصيانة أجريت نهارا. وتبعا لذلك، لم تتحمل سدادة الأنبوب الضغط مما أدى إلى حدوث تسريب للغاز المضغوط أدت إلى اختناق بفعل الأبخرة المتكثفة في المحيط ثم تطور الأمر إلى عدة انفجارات تالية لتسرب الغاز.

تم إجراء تحقيق شامل عن الحادث يعرف بتحقيق "كولن" (Cullen Inquiry) نسبة إلى اللورد كولن الذي كان مشرفا على التحقيق. كانت الاعتقادات في بداية التحقيق أن هذه الكارثة ستكون بسبب عطل في أحد المعدات. لكن لوحظ سريعا أن الطريقة المتبعة في إدارة السلامة كانت وراء الحادث وليس خطأ فردي أو تقني. التقرير اللاحق للتحقيق بعد سنتين انتقد وبشدة إجراءات السلامة على متن المنصة المملوكة لشركة أوكسيدنتال للنفط (Occidental Oil). وعلى الرغم من أنه لم توجه أصابع الاتهام إلى أي فرد في ذلك الوقت إلا أنه تم إلقاء اللوم على عاملين توفوا في الحادثة بعد الحادث بحوالي تسع سنوات.

أوضح التقرير أن التقصير كان من أوجه عدة، ولم يكن فقط عطلا فنيا أو خطأ بشريا؛ حيث تبلورت أوجه القصور في أمور أخرى أكثر تعقيدا من حيث الربط بينها، وفي المقابل تعتبر هذه المفاهيم من الأساسيات في القطاع الصناعي وهي:

1- إجراءات التبديل ومناوبات العمل بما في ذلك خطوات التسليم والاستلام. (Shifting)

2- تصاريح العمل العامة. (Cold Work Permits)

3- تصاريح العمل الخاصة.(Hot Work & Confined Space Permits)

4- مستندات تحليل مخاطر العمل. (Job Safety Analysis JSA)

5- قواعد وإجراءات السلامة المهنية والخاصة. (Safety Rules and Procedures)

6- إجراءات الطوارئ وخطة الإخلاء. (Evacuation Plan، Egress Means، Emergency Plan)

عدا عن القصور من ناحية التفتيش الأمني الدوري والتدقيق، لم يكن هناك خطة مسبقة للتعامل مع الأخطار المتوقعة لحوادث احتراق الغاز عالي الضغط الذي يعتبر خطرا بديهيا؛ ومع ذلك لم يتم اتخاذ إجراء مسبق ضدها.

وضح (كولن) في تقريره بأنه لا يمكن لأي من التشريعات والقوانين المستحدثة لتحسين السلامة أن تعوض القصور في الطريقة التي تمت بها إدارة السلامة في هذه الحادثة؛ ما يعني أن ما نتعلمه هو مايجب أن نطبقه.

لم يكن ذلك الدرس للتاريخ فحسب، بل أدى إلى تغيير جذري في المفاهيم والقواعد والإجراءات المتبعة في السلامة المهنية أولا، ثم في الجاهزية المسبقة ورفع حالة الاستعداد الدائم لمواجهة المخاطر المحتملة بما في ذلك الإجراءات الوقائية وأنظمة مكافحة الحريق.

يمكنكم متابعة الأنفوغراف التالي عن السلامة السلوكية في قطاع النفط والغاز



يتضح لنا مما سبق؛ أن المسؤولية تقع على عاتق الجميع وليست مسؤولية فرد أو هيئة. كما نرى أهمية الالتفات إلى الجوانب الإدارية الهندسية غير التقنية كإدارة الصحة والسلامة المهنية والبيئية، للأسف كان الثمن باهظا ليلفت الانتباه نحو هذا الجانب.

و تبقى الأسئلة الذهبية بين ما حدث وما سيحدث

ما الذي تعلمناه؟

هل كانت الوقاية شيء ممكن؟

هل كان القطاع المهني مجهزا ومدربا ومستعدا؟

هل الهيئات الرسمية على قدر كاف من تحمل المسؤولية؟

هل نحن نطبق ما تعلمناه ؟

المصادر :

1- هنا

2- هنا

3- هنا

مصدر الانفوغراف : هنا

مصدر الصورة : هنا