منوعات علمية > العلم الزائف

أصبحت الأبراج السماوية 13 فتعرَّف على برجك الجديد

ما هو برجك؟ كثيراً ما يكون هذا السؤال مطروحاً في الأحاديث المتداولة بين الناس، وتتفاوت درجة الاهتمام بهذا السؤال بين باحثٍ عن الترفيه والتسلية، وبين مَن قد يتفاءل أو يتشاءم وفق توقعات برجه، وبعض الناس قد تصل بهم الأمور ليغيروا مسرى حياتهم بسبب توقعات المنجِّمين!

ما هي صحة الأبراج؟ وما هي التأثيرات المُمكنة من تلك المجموعات النجمية؟ وهل أنتم متأكدون أصلاً من أنكم وُلدتم في تواريخ أبراجكم الفلكيَّة التي تعرفونها اليوم! إذ إن الأبراج أصبحت 13 برجاً!

• من أين أتت الأبراج؟

تُقسم القبة السماوية (السماء المرئية لنا) فلكياً إلى مجموعاتٍ نجميَّة ظاهرية، تصوَّرها القدماء وفق أشكال خيالية رُبِطت مع أشكال بعض الحيوانات، وبعضها أخذ أسماء شخصياتٍ أسطورية، وعام 1928 نظَّم الاتحاد الفلكي الدولي هذه المجموعات النجميَّة وقسَّمها إلى 88 برجاً ما بين القبَّتين السماويتَين الشمالية والجنوبية لتسهيل عملية الرَّصد والدراسة الفلكية، ونتيجة دوران الأرض حول الشمس يُخيَّل إلينا ظاهرياً بأن الشمس تدور حول الأرض كل سنة مشكِّلةً مساراً يسقط على خلفية القبة السماوية لترسم حزاماً وهمياً يمر من بعض تلك المجموعات النجمية، ويُسمَّى بدائرة البروج الاثني عشر بحسب التقسيم القديم، وهي عدد من المجموعات النجمية التي تقع على مستوى مدار الشمس الظاهري نفسه، وهذه الأبراج الاثنا عشر هي التي يتداولها المنجِّمون: الحمل، الثور، الجوزاء، السرطان، الأسد، العذراء، الميزان، العقرب، القوس، الجدي، الدلو، الحوت، ويُحدَّد برج الشخص كما هو متعارف بحسب البرج الذي تقع فيه الشمس يوم ولادة الشخص، فإذا صادف وقوع الشمس أمام برج العقرب مثلاً، يُقال إن الشخص من مواليد برج العقرب.

صورة للتوضيح:

(مصدر الصورة: هنا )

عند اكتشاف الأبراج قديماً - وخلال عامٍ واحدٍ - قَدَّر المُنجِّمون أن الشمس تحتاج إلى شهرٍ كاملٍ للمرور في كلٍ من الأبراج الاثني عشر، وبما أن محيط الدائرة كما هو معلوم 360 درجة، فعلى كل برج أن يشغل 30 درجةً من القبة السماوية عبر دائرة البروج، ويُقدَّر بدايةُ استخدام المنجِّمين للأبراج منذ 600 عام قبل الميلاد، وحُدد يوم الاعتدال الربيعي الذي يتقاطع فيه مدار الشمس مع خط الاستواء السماوي (أي أول يوم من فصل الربيع في نصف الكرة الشمالي) كنقطة البداية ليكون برج الحمل هو نقطة الصفر في دائرة البروج أو ما يُسمى "النقطة الأولى من الحمل"، ليشمل هذا البرج أول 30 درجة، ومن بعده يأتي برج الثور ليشمل الدرجات من 30 إلى 60 والجوزاء من 60 إلى 90...إلخ، وهكذا حتى تكتمل الأبراج الاثنا عشر.

• ما هو الخطأ الذي وقع فيه المنجِّمون؟

"الحركة البدارية" (precession) لم تكن معروفة حينها لدى قدماء المنجِّمين، وهي حركة تنتج عن تفلطح الأرض وتأثير جاذبية القمر والشمس عليها، فتتمايل الأرض باستمرار وفق شكلٍ مخروطيٍ حول محورها لتدور دورةً كاملةً كل 25800 عام، وتُدعى تلك الحركة بالحركة البدارية أو المداورة، وخلال ال2500 عامٍ الماضية قد سببت هذه الحركة انزياح نقطة التقاطع ما بين خط الاستواء السماوي وما بين مدار الشمس، لتتحرك غرباً بقرابة 36 درجة، أي ما يقارب انزياح الأبراج من مواقعها لمدة شهرٍ كامل.

صورة توضيحية:

مصدر الصورة: هنا

نتيجة لذلك، فإن من وُلدوا بين 21 آذار/مارس وما بين 19 نيسان/ابريل من الخطأ أن يُعدُّوا أنفسهم من مواليد برج الحمل؛ لأننا اليوم نعلم تماماً أن الشمس لم تعد ضمن كوكبة الحمل في معظم هذه الفترة (نتيجةً للحركة البدارية) بل ستكون ما بين 11 آذار/مارس و18 نيسان/ابريل في برج الحوت! والمدهش أكثر أن مَن وُلد ما بين 29 تشرين الثاني/نوفمبر و17 كانون الأول/ديسمبر سيكون من مواليد برجٍ فلكيٍ لم يُكتب عنه يوماً في أي مجلة أو يسمع به على لسان أي منجِّم في أي زمن مضى! برجه سيكون "الحواء" وهو الذي تمر فيه الشمس مباشرةً بعد برج العقرب.

وبسبب الحركة البدارية فإن المستوي المُحدد بمدار الشمس متغير، أي إن موقع كلٍ من تلك الأبراج ومدة مكوث الشمس فيها متغيرٌ دائما، وعددها أيضا قد يتغير كما هو الحال اليوم، إذ أصبحت الشمس تغطي 13 برجاً عوضاً عن 12، وتختلف مدة المكوث فيها تماماً عمَّا هو متداول في حسابات المنجمين.

صورة توضيحية:

ويجب أن نعلم بأن بُعد تلك المجموعات النجمية عن الأرض قد يبلغ مئات أو آلاف السنوات الضوئية، ونجوم الكوكبة أو البرج الواحد تقع في تشكيل ظاهري لنا ولكنها في أغلب الأبراج متباعدةٌ وغير مترابطةٍ نهائياً، ولا تملك أي تأثير مشترك فيما بينها سوى في المشاهدة الظاهرية لنا بالنسبة لموقعها.

ومع أن علم الفلك الحديث استند على بعض تسميات التنجيم القديمة وتقسيماتها، لكنَّه علمٌ حقيقيٌ يهتم بدراسة حركات الكواكب والنجوم وينظِّم الأرصاد الفلكية من خلال تقسيم السماء الظاهرة لمجموعات نجمية أو أبراج فلكية، ويجب علينا عدم الخلط بين التنجيم وعلم الفلك.

• بغض النظر عن الحقائق الفلكية السابقة، لماذا قد ينجح المنجمون في توقعاتهم؟!

بعد أن قُمنا بالنقض العلمي الفلكي لفكرة وجود الأبراج الـ12 التي يقوم عليها التنجيم، لنفترض أن الأبراج ثابتةٌ لا تتغير، وأن عددها فعلاً 12، هل سيكون حينها التنجيم بالأبراج صحيحا؟! بالتأكيد لا! وإنْ صدق المنجِّمون بتوقعاتهم فإن هذا يعود لما يُسمى بتأثير فورير، نسبةً لعالم النفس بيرترام فورير (Bertram R. Forer) الذي تحدث عنه، إذ وجد أن الناس يميلون لقبول أي وصفٍ غامضٍ وعام قد ينطبق على أي شخص في هذا العالم على أنه وصفٌ موجهٌ إليهم شخصياً. مثلا:

"أنت شخصٌ مُحتاجٌ لتقدير الناس وإعجابهم، لكنك رغم ذلك تميل لانتقاد نفسك كثيراً، وفي حين أن لديكَ شيئاً من ضعف الشخصية، فإنك قادرٌ على تعويض ذلك الضعف عموما، ولديك من القدرات الكامنة الكثير التي لم تستخدمها في صالحك بعد."

قد يظن أيُّ شخصٍ أن هذا الكلام هو المعني به تماماً (وهو كلامٌ عشوائيٌ نقلتُه من إحدى صفحات الإنترنت)، لكن حين تفكر بالأمر، أليس الكثيرون منا يحبون أي يحوزوا تقدير الناس وإعجابهم؟ ومَن منَّا لا ينتقد نفسه حين يُخطئ؟ ومن أيضاً ذو شخصيّةٍ كاملةٍ بتمام جوانبها ولا تعاني من أي ضعف؟ وهل من أحدٍ يستغل كل وقته وقدراته على مدار الـ24 ساعة في اليوم؟! وإضافةً إلى ذلك فإن الناس يميلون إلى تصديق هذه المعلومات التي تصفهم بالغموض، وهذا ما فعله فورير في الدراسة التي أجراها على تلاميذه، إذ أعطاهم استبياناتٍ فيها أسئلة عن شخصياتهم، وبعد أن أجابوا على الاستبيانات أخذها ولم يقرأها، ثم عاد وأعطى كل واحدٍ منهم نصَّاً شبيهاً بالذي كتبناه كمثال (جميعهم حصلوا على النص نفسه) وطلب منهم أن يُقيِّموا مدى دقة تحديده لصفاتهم بعلامة من 0 إلى 5، مُدَّعياً أنه حدد صفاتهم بناءً على الاستبيانات، وقد أعطاه معظم الطلاب علامة 4.2 من 5 في صحة انتقائه لصفاتهم (أي إن فورير كان على حقٍ في 84% من صفاتهم التي كتبها في النص)، مع أنهم أخذوا جميعاً النص نفسه وأن فورير لم يقرأ الاستبيانات!

الخُلاصة، لا يمكن لمجموعة من النجوم التي تبعد عنا مئات وآلاف السنوات الضوئية أن تتحكم وتسيطر بالطريقة نفسها على العمل والدراسة والصحة والحياة الاجتماعية والأسرية لمئات الملايين من البشر الذين يعيشون في مناطق مختلفة من العالم، ويخضعون لظروف موضوعية مختلفة من حيث الثقافة والتعليم ومستوى المعيشة! وبالتالي فإن فرص صناعة المستقبل ستكون متفاوتةً بين شخصٍ وآخر حتى لو وُلدا في اليوم نفسه واللحظة نفسها، أما بالنسبة للصحف والقنوات التلفزيونية والإذاعية والتي تزخر بالكثير من برامج الأبراج والتوقعات الفلكية فما هي إلا وسائل جذبٍ رخيصة تهدف بالدرجة الأولى إلى بيع الوهم واكتساب المال من وراء ذلك، ولها انعكاساتٌ خطيرة تتعدى التسلية، فبعض الناس يُحددون مسار مشاريعهم المستقبلية وحتى علاقاتهم الأسرية وفقاً لما تقول لهم الأبراج!

الآن، هل تعتقد الآن أن مَن يطلق على نفسه "عالماً فلكياً" - وهو غير قادر على تحديد برجك الحقيقي - قادرٌ أن يهديك لنصيحة ما أو يعرف مزاجك اليوم؟!

بعد اطلاعك على الجدول الآتي أخبرنا ما هو برجك الجديد والحقيقي؟ خاصَّةً أولئك الذين ولدوا في البرج الجديد (الحواء)، لعلَّ "المنجِّمون السوريون" يستطيعون أن يكتشفوا صفاتٍ مميزة لهم!

الجدي: 20 كانون الثاني/يناير حتى 16 شباط/فبراير

الدلو: 16 شباط/فبراير حتى 11 آذار/مارس

الحوت: 11 آذار/مارس حتى 18 نيسان/إبريل

الحمل: 18 نيسان/ابريل حتى 13 أيار/مايو

الثور: 13 أيار/مايو حتى 21 حزيران/يونيو

الجوزاء: 21 حزيران/يونيو حتى 20 تموز/يوليو

السرطان: 20 تموز/يوليو حتى 10 آب/أغسطس

الأسد: 10 آب/أغسطس حتى 16 أيلول/سبتمبر

العذراء: 16 أيلول/سبتمبر حتى 30 تشرين الأول/أكتوبر

الميزان: 30 تشرين الأول/أكتوبر حتى 23 تشرين الثاني/نوفمبر

العقرب: 23 تشرين الثاني/نوفمبر حتى 29 تشرين الثاني/نوفمبر

الحواء: 29 تشرين الثاني/نوفمبر حتى 17 كانون الأول/ديسمبر

القوس: 17 كانون الأول/ديسمبر حتى 20 كانون الثاني/يناير

المصادر:

هنا

هنا

هنا

مصادر الصور:

هنا

هنا

هنا

هنا