البيولوجيا والتطوّر > بيولوجي

الحمية القاسية قد تُغير من طبيعة البكتيريا في الأمعاء

كَثُر الحديث في الآونة الأخيرة حول كيفية تأثير البكتيريا في الأمعاء على الصحة والمرض، ليس هذا فحسب، إنما يبدو أنها مسؤولةٌ عن أجسادنا أيضاً.

تَكشف دراسةٌ حديثةٌ أن التغييرات الجذرية في الأنظمة الغذائية تؤثر بشكل كبير على التركيب الميكروبي للأمعاء كما تؤثر على الوظائف التي تؤديها هذه الميكروبات داخل أجسامنا.

تشير لنا دراسة جديدة كل شهر، إلى وجود صلة بين البكتيريا التي تعيش في القناة الهضمية والأمراض من السمنة إلى مرض التوحد، وهذا على الأقل في الفئران. أما بالنسبة للبشر، فقد واجه الباحثون صعوبات عديدة، منها أنه من الصعب أن تجعل الناس تغير من عاداتها وأنظمتها الغذائية لأسابيع وشهور لإتاحة الفرصة لحدوث تغييرات في ميكروبات الأمعاء وبالتالي نرى تأثيرها على الصحة.

قام عالم الأحياء الدقيقة "Peter Turnbaug" بدراسةٍ أظهرت أن تغييراً في النظام الغذائي ولو ليوم واحد يؤثر على الميكروبات المعوية. فقرر "Tumbaug"، ومعه " Lawrence David"، معرفة فيما إذا كان للنظام الغذائي تأثيراً فورياً على البشر أيضاً.

قام العالمان بتجنيد عشرة متطوعين للدراسة بحيث ألَّا يأكلوا إلا ما يُقدَّم لهم من قبل الباحثين ولمدة خمسة أيام

كان على النصف الأول أن يتناولوا منتجات حيوانية فقط (لحم الخنزير المقدد والبيض على الفطور، الأضلاع والصدر على الغداء، السلامي ومجموعة مختارة من الجبن لتناول العشاء، مع جلود لحم الخنزير والجبن كوجبات خفيفة).

أما النصف الآخر من المتطوعين، فكان عليهم أن يتناولوا طعاماً غنياً بالألياف والنباتات فقط باللإضافة للحبوب والبقول والفواكه والخضار.

لعدة أيام قبل وبعد التجربة، سجل المتطوعون ما أكلوه كي يتسنى للباحثين تقييم مدى تأثير أختلاف الطعام، ثم قام العلماء بعزل الحمض النووي والجزيئات الأخرى، فضلاً عن البكتيريا، من عينات البراز ( قبل، وأثناء، وبعد التجربة).

تمكنوا بهذه الطريقة من تحديد الأنواع البكتيرية التي كانت موجودة في القناة الهضمية وما العمل الذي كانت تقوم به، كما قاموا بدراسة النشاط الجيني في الميكروبات.

وجد الباحثون أن الاختلافات بين الميكروبات المعوية عند المتطوعين –ضمن كل مجموعة من الأنظمة الغذائية- بدأت بالإختفاء، حيث أن أنواع البكتيريا لم تختلف كثيرًا، وإنما وفرة تلك الانواع المختلفة هي التي تأثرت، لاسيما عند من أكلوا اللحوم، حيث وُجِدَت لديهم زيادةٌ كبيرةٌ في أنواع البكتيريا التي تتحمل الأحماض الصفراوية (حيث أن الجسم يفرز المزيد من العصارة الصفراوية لهضم اللحوم)، كما أن النشاط الجيني –الذي يعكس لنا كيفية استقلاب البكتيريا للطعام- قد تأثر قليلاً.

فعند تلك المجموعة التي تغذت للحوم، زاد نشاط الجينات المسؤولة عن هضم البروتينات، بينما عند المجموعة التي تغذت على النباتات والألياف، فقد ازداد نشاط الجينات التي تساعد في هضم الكربوهيدرات، وهذا مطابق تمامًا لما يحدث عند الحيوانات العاشبة و اللاحمة، وما قد أثار دهشة الباحثين أن هذا التغيير السريع حدث أيضاً للنباتيين الذين غيروا أنظمتهم الغذائية لأجل الدراسة.

من منظور تطوري، فإن قدرة بكتيريا الأمعاء على درء آثار التغير السريع في النظام الغذائي، وتغيير العمليات الأستقلابية اعتمادًا على الوجبة المستهلكة، قد كانت مفيدة جدًا للإنسان البدائي، ولكن هذه المرونة لديها أيضاً آثارها المحتملة على الصحة اليوم.

الباحثون متفائلون بأنه يوماً ما، ومن خلال تعديل النظام الغذائي، يمكن للإنسان أن يعيد تشكيل البيئة المكيروبية المعوية في جسمه بالطريقة التي يُمكن بها تعزيز الصحة .

وفي النهاية، فإنَّ أفضل نصيحة للمحافظة على الصحة هي اتباع نظام غذائي متنوع متوازن، يحتوي على المغذيات الأساسية سواء كانت حيوانية أو نباتية أو أنظمة غذائية مختلطة.

المصدر:

هنا