الفيزياء والفلك > علم الفلك

بحث جديد يحل اللغز القديم للكوازارات

الكوازرات هي ثقوب سوداء هائلة الكتلة، قد تصل كتلتها حتى عدة مليارات المرات من كتلة الشمس محاطة بقرص هائل من الغاز والمواد يدور حوله بسرعة منجذباً تحت تأثير القوة الهائلة لجاذبية الثقب الأسود. تتواجد الكوازارات في مراكز المجرات العملاقة البعيدة، وتعد كأشدّ الأجسام سطوعاً في السماء وينتج ضوئها بسبب السرعة العالية للمواد التي تجذبها القوة الهائلة للثقب الأسود الموجود في المركز والتي ينتج عنها الارتفاع الشديد لحرارتها وبالتالي تصدر أشعاعات بمختلف الأطوال الموجية.

وجدت الدراسات والأبحاث السابقة أن بعض الخصائص الفيزيائية للكوازارات ترتبط ببعضها بشكل منتظم. فعلى سبيل المثال يرتبط حجم الكوازر بكتلته. ولكن على الرغم من هذه الترابطات بين بعض خواص الكوازارات، فقد كانت تُظهر تبايناً واسعاً في المظهر سواء ضمن مجال الضوء المرئي أو الإشعاع فوق البنفسجي.

بحث جديد في معهد الفلك والفيزياء في جامعة "بيكينغ" حلّ هذا اللغز الذي حير الفلكيين على مدى عشرين عام، بحثهم الذي نشر في مجلة "Nature" يظهر أن تنوع الكوازرات الكبير يمكن تبسيطه ضمن عاملين فقط: الأول يصف مقدار الكفاءة التي يجذب بها الثقب الأسود المواد نحو مركزه، والثاني يتعلق بالجهة التي يوجد فيها الراصد بالنسبة للكوازار.

تُظهر الكوازارات تنوعاً شديداً في مظهرها الذي يرصده الفلكيون، عاكسة بذلك تنوع ظروف المناطق القريبة من مراكزها، وعلى الرغم من هذا التنوع فإن خواص الكوازرات القابلة للقياس تنتظم بشكل كبير ضمن خطوط بيانية يمكن تسميتها "التسلسل الرئيسي للكوازرات" على نمط التسلسل الرئيسي للنجوم والذي ينظم مختلف انواع النجوم بحسب لونها ودرجة حرارتها وكتلتها، وقد تم اكتشاف التسلسل الرئيسي للكوازارات قبل 20 عاماً. الآن وبفضل الباحثين يو شين ولويس هو القائمين على الدراسة، تم حل هذا اللغز: ما الذي يوحد هذه الصفات في التتابع الرئيسي ؟

باستخدام أكبر وأكثر مجموعة متجانسة مكونة من 20000 كوازر أخذت بياناتها من مسح Sloan الرقمي للسماء ، بالإضافة إلى اختبارات إحصائية حديثة، استطاع الباحثان إظهار أن خاصية محددة متعلقة بنمو الثقب الأسود هي العامل الأساسي خلف وجود التسلسل الرئيسي. تدعى هذه الخاصة أو هذا المقدار "نسبة أدينغتون". وهي النسبة التي تصف مدى كفاءة الثقب الأسود في ابتلاع المواد المحيطة به. فالمواد الموجودة في القرص الغازي الضخم المحيط في الثقب الأسود لا تنجذب نحو مركز الثقب ببساطة بل تخضع لنزاع مابين قوة الجاذبية الهائلة نحو الثقب الأسود من جهة وقوة المعاكسة الناتجة عن ضغط الاشعاع الصادر عن بقية المواد التي جذبها الثقب الأسود ورفع من سرعتها وبالتالي حرارتها لتصدر أشعاعاً شديدا ضمن مختلف الأطوال في الطيف الكهرومغناطيسي. لقد اعتقد العلماء لفترة طويلة أن هذا الشد والدفع مابين هاتين القوتين يلعب حتماً دوراً أساسياً في وجود التسلسل الرئيسي للكوازارات. أما الان فقد أصبح الموضوع مؤكداً.

أما العامل الأخر فهو اتجاه نظر الفلكي للكوازار، فقد وجد الباحثان أن هذا العامل يلعب دوراً كبيرا في رصد سحب الغاز السريعة الأقرب للثقب الأسود والتي يصدر عنها الطيف الواسع من الإشعاع. بلا شك سيغير هذا من فهم العلماء لطبيعة المنطقة المشعة للضوء القريبة من الثقب الأسود، وسيساعد الفلكيين في تحسين قياساتهم لكتل الثقوب السوداء الموجودة في الكوازارات.

"لنتائجنا آثار عميقة على الأبحاث المتعلقة بالكوازرات. ومخطط التوحيد البسيط هذا يقدم سبيلاً لفهم أفضل لقدرة الثقوب السوداء هائلة الكتلة على ابتلاع الكتلة والتفاعل مع البيئة المحيطة" بحسب ما يشرح يو شين.

ويضيف لويس هو : "ستفيدنا القياسات الأفضل لكتل الثقوب السوداء في طيف واسع من التطبيقات لفهم النمو الكوني للثقوب السوداء هائلة الكتلة ومواقعها في تشكل المجرات "

بالإضافة إلى ذلك هناك حالياً العديد من الدراسات التي تجرى على الكوازرات، ومن شأنها أن توفر المزيد من البيانات لتوسيع "مخطط التوحيد" هذا، وستساعد على إسقاط ودراسة هذه الرؤية على الثقوب السوداء الأصغر والأقل سطوعاً، والتي لم يتم أخذها بعين الاعتبار في هذه الدراسة.

المصدر:

هنا

هنا

حقوق الصورة: ESO/M. Kornmesser

البحث المنشور: هنا