الموسيقا > موسيقا

Für Elise ... لحن أخاذ لم يكتبه بيتهوفن لتسمعوه

بداية أريد الاعتذار من جميع الفتيات صاحبات اسم (ليزا) أو (إليزا) وإخبارهم أن قطعة البيانو الشهيرة (الباغاتيل) المسماة For Elise أو für elise والتي ألفها بيتهوفن من المحتمل ألا يكون هذا اسمها الحقيقي، وهو على أغلب الظن خطأ بقراءة عنوان المخطوطة الأصلي المكتوبة بيد بيتهوفن نفسه. هذا الخطأ وقع من قبل أحد الباحثين العاملين في موسيقى بيتهوفن، فالقطعة من المفروض أنها لم تكن مهداة إلى إليزا وإنما إلى (تيريزا) أو (إليزابيث).

بعيداً عن الأخطاء والتأويلات بالقراءة، فإن إسم القطعة الأساسي والكامل هو : قطعة للبيانو من سلم لا مينور – عمل بدون تصنيف رقم 59.

Ludwig van Beethoven

„Für Elise“، Bagatelle a-moll WoO 59

في عام 1867 -أي بعد 40 عاماً من وفاة بيتهوفن- قام الباحث الموسيقي Ludwig Nohl بنشر العمل لأول مرة ونقل عنوانها عن التوقيع الأصلي المكتوب بيد بيتهوفن على القطعة كالتالي: إلى إليزا بتاريخ 27 نيسان للذكرى من بيتهوفن

„Für Elise am 27 April zur Erinnerung von L. v. Bthvn“

الورقة الأصلية هذه وجدت في منزل Babette Bredl في ميونخ، ولكن ولسوء الحظ لم تعد الورقة موجودة الآن!

عام 1810 كتب بتهوفن مسودة هذا العمل، ولكن لم يتمه إلا في عام 1822.

لا يدور الشك حول إذا ما قام بيتهوفن بإهداء القطعة لفتاة أما لا، فهذا شبه مؤكد، حيث أن عادة إهداء القطع الموسيقية إلى البنت اللي يهواها المؤلف أو يميل لها قلبه كانت موجودة بكثرة في ذلك الوقت في أوروبا، ونجد مثالاً على ذلك ليس فقط عند بيتهوفن، بل أيضاً عند موتسارت مثلاً عندما أهدى طالبته جوزيفا التي أحبها عدة قطع من أهمها سوناتا الكمان والبيانو من سلم فا ماجور.

ولكن ابتداءً من القرن العشرين بدأ الشك عند بعض الباحثين الموسيقيين في حقيقة اسم القطعة وإهدائها إلى (إليزا)، وبدأ التساؤل حول شخصية إليزا المحتملة التي أهداها بيتهوفن عمله هذا، خصوصاً وأنه لم يكن في حياة بيتهوفن من الفتيات اللواتي أثرن به أو أحبهن أي فتاة بهذا الإسم. فكر هؤلاء الباحثون أنه من المحتمل أن يكون هناك خطأ في قراءة المخطوطة الأصلية، خصوصاً وأن خط بيتهوفن معروف برداءته الفائقة، وقد نتجت عن هذه الشكوك والأبحاث نظريتان الأولى تفترض أن القطعة مهداة إلى (تيريزا)، بينما الثانية تهديها إلى (إليزابيث):

عام 1923 كان Max Unger أول من حرض الشك حول إسم القطعة، مدعوماً بأنه لم يوجد في حياة بيتهوفن في تلك الفترة أية فتاة تدعى (إليزا)، وأن الباحث Nohl قام بنقل الإسم عن طريق الخطأ، وأن الصواب يجب أن يكون (تيريزا) „Therese“ قاصداً بذلك Therese Malfatti الممرضة وطالبة البيانو السابقة لبيتهوفن التي أحبها وأراد أن يتزوجها في مطلع عام 1810 ولم يتحقق له ذلك. ما يدعم هذه النظرية أن المخطوطة الأصلية بقيت في بيتها وقتاً طويلاً، حيث أن المخطوطة وكما قلنا وجدت في منزل Babette Bredl في ميونخ عام ،1865 الذي من المفروض أنه جيء بها إلى هنا عن طريق ابنه (رودولف) صديق (حبيب) تيريزا.

النظرية الثانية للباحث Klaus Martin Kopitz والتي أثارها عام 2010 حول الفتاة Elisabeth Röckel ذات السبع عشرة ربيعاً والتي كانت صديقة قريبة لبيتهوفن بين عامي 1808 و 1814، وكان قد خلف لها بتهوفن خصلة شعر موجودة إلى يومنا هذا في بيته في مدينة بون. وفرضيته على ذلك أنه وبحسب دراسة خط بيتهوفن، فإنه من غير الممكن أن يحصل لخبطة في القراءة بين إسم (تيريزا) وإسم (إليزا)، وأن (إليزابيث) كانت معروفة في ذلك الوقت بإسم (إليزا) والتي غادرت فيينا عام 1810 لتنتقل إلى مدينة أخرى بهدف العمل، ولهذا السبب عنون بيتهوفن القطعة (إلى ذكرى..) كإشارة إلى رحيلها.

إلى الآن لم يتمكن أي من الباحثين من إثبات أي من هاتين النظريتين، ولكن من المؤكد أن الذنب في ذلك الشك حول خطأ الإسم لا يقع كله على الباحث Nohl الذي قام بنشر العمل لأول مرة عام 1867، وإنما أيضاً على خط بيتهوفن المعروف برداءته.

من الجدير بالذكر أن هناك أيضاً نظرية غريبة بعض الشيء حول القطعة ذاتها من قبل باحث إيطالي، والذي يعتقد أن القطعة لم تؤلف من قبل بيتهوفن على الإطلاق!! ومما يدعم النظرية هذه أن بيتهوفن لم يقدم للعلن أية نسخة من النوطات النهائية لهذا العمل ولا مرة. ولكن ومع ذلك يبقى هذا اللحن من أشهر الألحان المعروفة في العالم أجمع، مع العلم أنه لم ينشهر إلا من حوالي ال100 عام فقط.

لا يوجد لدينا اليوم أي دليل حقيقي عن التوقيع الأصلي لكشف السر عن اسم هذه القطعة، إلا ورقة المسودة المكتوب عليها الأفكار الأولى لهذا العمل، إلى جانب الإعداد المبدئي لعمل Egmont op. 84 والمارش من دون تصنيف رقم 19.

وفي النهاية لا بد أن نسأل السؤال الذي يثير القشعريرة لدى كل عشاق بيتهوفن: كم من الألحان التي ألفها بيتهوفن من الممكن أن تكون قد ضاعت؟ كم من المقطوعات الرائعة لم يكن بيتهوفن سينشرها وحرمنا من سماعها كما كان سيحصل مع Für Elise ؟ هل سيفاجئنا الزمن يوماً باكتشاف مقطوعة جديدة لبيتهوفن؟

ندعوكم لقراءة مقالنا عن الموسيقى التي كتبتها جينات بيتهوفن من هنا

والآن نترككم مع Für Elise:

المصادر:

- Dieter، Rexroth: Beethoven. Leben-Werke-Dokumente، 2. Aufl. Mainz: Schott، 1988.

- Nohl، Ludwig: Neue Breife Beethovens. Nebst einigen ungedruckten Gelegenheitscompositionen und Auszügen aus seinem Tagebuch und seiner Lektüre. Stuttgart: Cotta، 1867.

- Loesch، Heinz und Raab، Claus: "Für Elise"، In: Das Beethoven Lexikon. Das Beethoven Handbuch. Bd. 6، Laaber: Laaber، 2008، S. 275 ff.