البيولوجيا والتطوّر > التطور

تطور الريبوزوم يخبرنا المزيد عن أصل نشوء الحياة

منذ حوالي 4 بليون (مليار) سنة اجتمعت جزيئات الحياة الأولى معاً على الأرض وشكلت في ذلك الوقت طلائع البروتينات الحالية وجزيئات من الحمض الريبي النووي RNA، وأثناء بحثهم عن ألغاز حدوث مثل هذه التفاعلات، فإن العلماء الذين يدرسون أصل الحياة عثروا على بعض الأدلة لحدوث تلك التفاعلات في بنية الريبوزوم.

لنتعرف في البداية على ذلك النظام، ما هو دوره، وكيف يقوم به؟

الريبوزومات هي بُنى جزيئية ضخمة موجودة في خلايا جميع الأنواع، تلعب دور المصنع الخاص لتشكل البروتينات، حيث تأتي إليها جزيئات الـ mRNA (الحمضر الريبي النووي المرسال أو الرسول) محملة بالشيفرة الوراثية قادمة من النواة، لتتم ترجمتها إلى أحماض أمينية ومن ثم بروتينات أو أنزيمات ضرورية لاستمرار حياة الخلية، وبالتالي حياة المتعضية بشكل عام.

ما هي هذه الدراسة وكيف قام بها العلماء؟

قارن الباحثون في هذه الدراسة بُنى ثلاثية الأبعاد لأجزاء مختلفة من الريبوزومات عائدة لأحياء متفاوتة التعقيد، بما فيها الإنسان، الخميرة، الجراثيم و العتائق (Archaea)، فوجدوا بصمات واضحة في تلك الريبوزومات حيث تمت إضافة بنى جديدة إلى السطح الخارجي للريبوزومات دون تغيير في الجوهر الداخلي للريبوزومات الموجود مسبقاً عند السلف المشرك لجميع تلك الأحياء المدروسة.

حيث أن البنية الداخلية للريبوزوم هي في الأساس نفسها في جميع النظم الحية (الكائنات الحية – مزارع نسيجية حية... إلخ)، في حين أن الطبقات الخارجية تتمدد وتصبح أكثر تعقيداً كلَّما اكتسب النوع تعقيداً أكثر، وتمكن العلماء من الحصول على البنية الريبوزومية الأولية عن طريق إزالة الطبقات العليا للريبوزومات الحالية وإحداث تصميم ثلاثي الأبعاد لها.

وبمقاربة لفهم آلية ازدياد تعقيد الريبوزوم مع ازدياد تعقيد النوع، فإنهم وضعوا مثلاً لذلك، فلمعرفة المزيد عن نمو النباتات و أعمراها فإنه يتم قطع بعض أغصانها وفروعها، كذلك في الريبوزوم تتم إضافة طبقات جديدة باستمرار إلى الريبوزوم دون تغيير البنية الأساسية الداخلية، فتم عكس عملية الإضافة للطبقات مع ازدياد التطور للوصول إلى تلك البنية الأساسية الداخلية، وبناءً على ذلك، يقول "Loren Williams": "إن تاريخ الريبوزوم يخبرنا عن أصل الحياة."

وجد العلماء أن البنية الداخلية للريبوزوم مشتركة عند البشر، الخميرة، الجراثيم والعتائق وفي جميع النظم الحية أيضاً، وأنه وبناءً على ذلك المبدأ، فإن الريبوزوم يصبح أكثر تعقيداً مع ازدياد درجة تطور الكائن الحي، وعليه فإن البشر يملكون أكبر وأعقد ريبوزوم من بين ريبوزومات الأحياء، فهو متشابه في الجوهر الداخلي مع ريبوزومات البكتريا، لكنه يختلف معها بدرجة التعقد المتمثلة بالطبقات المضافة إلى ذلك الجوهر.

في النهاية يمكن التوصل إلى أن الريبوزمات الموجودة عند جميع الكائنات الحية كجهاز لترجمة الشيفرات الوراثية واصطناع البروتينات في الخلايا، هي متشابهة عند جميع تلك الكائنات في الجوهر، حيث تضيف درجة التطور تعقيداً على الطبقات الخارجية منها دون المساس أو تغيير ذلك الجوهر، وهذا بدوره يشير إلى أن البحوث ما زالت تثبت يوماً بعد يوم على أن التطور يساهم بشكل رئيس في تفسير التنوع الحيوي للأنظمة البيولوجية.

المصادر:

هنا

هنا