البيولوجيا والتطوّر > بيولوجي

اكتشاف مصنع DNA مرعب داخل أحد وحيدات الخلية!

يمتاز " Oxytricha trifallax" – وهو أحد الكائنات الحية وحيدة الخلية التي تعيش في المستنقعات- بقدرته الملحوظة على فصم الحمض الريبي النووي منقوص الأوكسجين DNA الخاص به إلى حوالي ربع مليون قطعة، ثم يعيد تجميعها بشكل فوري عندما يحين موعد التزاوج.

يخزن هذا الكائن مجينه (جينومه) على شكل آلاف القطع المورثية المشفرة، وحين يأتي وقت تزاوجه مع كائن آخر من نفس النوع، فإنه يعمل على تشكيل حوالي 225،000 سلسلةDNA صغيرة من تلك المورثات المختلطة، وقطع الـ DNA، كل ذلك يحصل فقط خلال 60 ساعة فقط.

إن وجود القدرة على تفكيك المورثات، وإعادة تجميعها سريعاً لدى مثل هذا الكائن البسيط يؤكد تنوع الحياة على كوكبنا. ما نراه هنا هو واحدة من المحاولات الأولى التي قامت بها الطبيعة لتصبح أكثر تعقيداً، كما توجد أيضاً أمثلة أخرى كثيرة لحالات مشابهة إلا أن نموذج الـ " Oxytricha trifallax" يُعتبر الأشد تعقيداً. فعلى ما يبدو، إن هذه الكائنات التي كنا نعتقد أنها بسيطة جعلتنا ندرك أن الحياة يمكن أن تكون أكثر تعقيداً مما تخيلنا.

من وجهة نظرٍ عملية، يمكننا اعتبار "Oxytricha" كائناً نموذجياً يعطينا فكرة عن كيفية تفكك، وإعادة تجميع الصبغيات لدى كائنات أخرى أكثر تعقيداً، كالبشر مثلاً.

ففي حالة السرطانات مثلاً، تكون هذه العملية فوضوية وغير متوقعة، في حين تجري خطوة بخطوة وفق تنظيم معين عند الـ "Oxytricha".

تفسر هذه الدراسة التغير الجوهري الذي تخضع له المعلومات الوراثية الخاصة بكل كائن حي قبل أن تُستخدم لبناء مكونات الخلية الحية، وتعرض هذا التفسير بطريقة مثيرة للاهتمام.

يختلف الـ "Oxytricha" عن الكائنات الحية المجهرية الأخرى، فهو عبارة عن خلية كبيرة تمثل 10 أضعاف خلية بَشَرِيَّة عادية، وهي تحوي نواتين، في حين لا توجد سوى نواة واحدة عند أكثرية وحيدات الخلية. تعمل النواة على تنظيم النشاط الداخلي، فضلاً عن كونها تحوي DNA الخلية بالإضافة إلى المورثات.

كل خلية "Oxytricha" تحتفظ بالـ DNA النشط الخاص بها ضمن نواة واحدة نشطة، في حين تستخدم النواة الأخرى (ندعوها نواة الخط الإنتاشي) لغرض تخزين المعلومات الوراثية التي ستنتقل إلى الجيل الآخر أثناء التكاثر. يخضع مجين النواة الثانية للتفكك، وإعادة التركيب بغية إنتاج نواة جديدة لدى النسل الناتج.

ولتبادل الـ DNA ، تستخدم كائنات ال "Oxytricha" التكاثر الجنسي عوضاً عن الانقسام، وفي أثناء العملية الجنسية يتحد الكائنان مع بعضهما، ويقدم كل منهما نصف معلوماته الوراثية للمشاركة مع الطرف الآخر، والهدف من ذلك هو أن تقوم كل خلية باستبدال الجينات المعمرة بأُخرى جديدة مع أجزاء من DNA الشريك، أي تُنتج كل خلية نواةً نشطة جديدة بمجموعة جديدة من الصبغيات، حيث يسهم هذا الأمر في تجديد شبابها، وتنويع مادتها الوراثية، الأمر الذي ينعكس إيجاباً عليها.

هذا يبدو كإحدى قصص الخيال العلمي، فهي توقف الشيخوخة عن طريق مبادلة أجزاءها القديمة.

يجري تشكيل ال 225،000 سلسلة DNA باستخدام المورثات الموجودة في نواة الخط الإنتاشي، حيث يستخدم كل واحد من الشريكين هذه السلاسل لإعادة بناء صبغياته، وتبين أن ملايين جزيئات الـ RNA غير المرمزة من الجيل السابق تدير هذه العملية من خلال وسم وتصنيف قطع ال DNA وفق الترتيب الصحيح.

ومن الأمور المثيرة للاهتمام أيضاً، الوزن الهائل لمجين (جينوم) الـ "Oxytricha"، إذ يوجد 16،000 صبغي في النواة النشطة لهذه الكائنات، مقابل 46 صبغياً فقط لدى البشر، كما تحوي معظم صبغيات الـ "Oxytricha" مورثة واحدة وحيدة فقط.

كل واحدة من جينات الـ "Oxytricha" تتركب من قطع DNA يتراوح عددها بين 1 و245 قطعة.

وخلال التكاثر، تنتقل القطع السليمة فقط من الـDNA وهذا ما يجعل انتشارها قوياً في الطبيعة.

المصدر:

هنا

هنا