البيولوجيا والتطوّر > بيولوجي

طيور تشيرنوبل تتكيف مع الاشعاعات!

كان لكارثة تشيرنوبل التي حدثت في 26 نيسان 1986 آثار بيئية مروِّعة، وعلى الرغم من قدم الحادثة فإنَّ تلك المنطقة ما تزال حتى يومنا الحالي ملوّثة إشعاعياً بشكل كبير. لكن المفارقة هيَ أنَّ هذه المنطقة أصبحت موقعاً للتجارب العلميّة البيئيّة ودراسة تأثيرات الأشعّة المؤيّنة على الحياة البريّة.

الأشعّة المؤيِّنة (الناتجة عن الاشعاعات النووية) تؤدي إلى تشكُّل مواد شديدة الفعالية داخل جسم الكائن تُعرَف بالـ "جذور الحرّة" التي تستطيع مهاجمة الخلايا عن طريق أكسدتها. لكن الجسم ينتج مضادات الأكسدة التي ترتبط مع هذه الجذور وتمنعها من إلحاق الضرر بالخلايا. إذا كانت كمية مضادات الأكسدة الموجودة في الجسم صغيرة بالنسبة لمستوى الإشعاع الموجود يزداد الضغط التأكسدي على الجسم ويتضرر ال DNA مما يقود إلى الشيخوخة فالموت بسرعة.

فيما مضى اعتقد أن التعرض الطويل للأشعة يؤدي إلى استنفاذ مضادات الأكسدة من جسم الكائن وزيادة الضرر الخلوي الناتج عن الأكسدة. لكن هذه الدراسة أظهرت أن مستويات مضادات الأكسدة ارتفعت مع طول التعرض لاشعاعات المنطقة. لكن تشير دراسة في مجلة Functional Biology التابعة لجمعية البيئة البريطانية إلى أنَّ الطيور الموجودة في المنطقة المحظورة من تشيرنوبل بدأت تتكيّف مع الإشعاع الموجود في تلك المنطقة! تُعد هذه الدراسة أوّل دليل على أنَّ الحيوانات البريّة قادرة على التكيُّف مع الأشعَّة المؤيِّنة.

وتشير الدراسات المخبرية إلى قدرة الإنسان وحيوانات أخرى على التكيُّف مع الإشعاعات، وأنَّ التعرض الطويل لجرعات منخفضة من الإشعاعات يزيد مقاومة الكائن لجرعات أقوى في المستقبل. وعلى الرغم من ذلك فإنَّ هذه الدراسات لم تثبت بشكل حي خارج المختبرات.

اقتصرت دراسات مضادات الأكسدة وأذيّات التأكسد السابقة في تشيرنوبل على البشر ونوعين من الطيور ونوع واحد من الأسماك. لكن الحيوانات تختلف فيما بينها بحساسيّتها للأشعة لذا فهذه المعلومات المحدودة جعلت من دراسة تكيف الكائنات الحية مع الأشعة أمراً صعباً.

عمل العلماء في محيط منطقة تشيرنوبل منذ تسعينيات القرن العشرين، حيث استُعمِلت الشِباك لالتقاط 152 طيراً من 16 نوع مختلف في 8 مواقع داخل منطقة الحظر في تشيرنوبل وبجوارها، وقاسوا مستوى الإشعاع في كل منطقة (Background Radiation Level)، كما أخذوا عيّنات من دم هذه الطيور وريشها ثم أطلقوها لتعيش في نفس المنطقة.

بعد ذلك قاس العلماء مستويات "الغلوتاتيون" في دم الطيور والذي يُعتَبر مضاد أكسدة رئيسي في الجسم، كما قاسو الضغط التأكسدي و مدى تضرر الـ DNA. أما عينات الريش فقاسوا مستويات صبغات الميلانين فيها. مركبات الميلانين هي أكثر الصبغات شيوعاً عند الحيوانات ولكن لأن إنتاج الفيوميلانين وهو أحد نوعي الميلانين (النوع الثاني هو اليوميلانين) يستهلك مضادات الأكسدة تملك الأنواع الأكثر إنتاجاً له كميات أقل من مضادات الأكسدة وبالتالي تكون أكثر حساسية للإشعاع.

الخلاصة:

مع تزايد التعرض للاشعاع، فإنَّ كميّة الغلوتاتيون (مضاد أكسدة) في جسم الطيور تأخذ بالازدياد، مما يؤدي إلى إنقاص الضغط التأكسدي على الجسم وإنقاص الضرر في الـ DNA. تختلف الطيور عن بعضها بإنتاج نوعي الميلانين، والطيور التي تنتج كميّات أكبر من الفيوميلانين وكميّات أقل من اليوميلانين تكون الأقل قدرة على التكيّف مع الإشعاع وأكثرها تضرُّراً منه.

المصادر:

هنا

هنا