الفنون البصرية > فن وتراث

الفتاة الأفغانية.. لغز السبعة عشر عاماً

لم تكن هذه الصورة مُجرّد غلاف لمجلة ناشيونال جيوغرافيك. ولم تكن صاحبةُ هاتين العينين بنظرتهما الخجولة والمرتبكة ووشاحها الأحمر مُجرّد فتاة عادية. كانت لغزاً استمر لـ17 عام. فما كان اسمها؟ أين هي الآن؟ هل نجت من الحرب؟

في ديسمبر من عام 1984، أتمّت الحرب الدموية في أفغانستان عامها الخامس، وشد ملايين اللاجئين رِحالهم إلى حدودِ الباكستان هرباً من الحربِ الدائرةِ في بلادهم. هذا ما دفع مُصوّر ناشيونال جيوغرافيك Steve McCurry للذهاب إلى إقليم باكستان في مُهمّة تتعلّقُ بمعاناةِ اللاجئين. وأثناء تجواله في مخيم لجوءٍ على الحدودِ الأفغانية-الباكستانية، دخل خيمة كبيرة للتدريس وأول ما وقع عليه ناظريه كان عينان مُلتهبتان لطفلة في الثانية عشر من عمرها. اقترب منها وسمحت له بالتقاط صورةٍ لها.

قال McCurry: "لم أعتقد أنّ صورة تلك الفتاة كانت تتميّز عن أي صورةٍ أُخرى اُلتقِطْتُ يومها"

لكن تلك اللّقطة كانت صورةً غايةً في الجمال لفتاة صغيرة بعينين أخّاذتين مثّلتا آلام وقوة شعبِها. اختارت المجلة لقطة قريبة لهذه الفتاة كصورة غلاف للمقال الذي نشر في إصدار حزيران لعام1985. بعينيها الخضراوتين المقلمتين بالأزرق و الأصفر، ونظرتها الممزوجةِ بالمرارة والشجاعة، ووشاحها العنّابي المُمزّق، أسرت "الفتاة الأفغانية" ملايين القلوب.

من تكون تلك الفتاة ؟!

اسمها "شربات غولا" والّذي يعني بلُغةِ قبيلتها "فتاة ماء الورد". ولم يكن ل McCurry أو أحدٍ آخر فكرة عن اسمها أو أي تفصيل لحياتِها المأساوية إلّا بعد 17 عام.

قدُمت "شربات" إلى باكستان عام 1983 بعد أنْ قُتِل أبواها معاً بغارةٍ جويّةٍ للاتحاد السوفييتي على قريتهم. اجتازت الجبال شتاءً مشياً على الأقدام لمُدّة أُسبوعين مُرافقةً جدتها، أخاها، وثلاثة أخوات. عاشت "شربات" في عدّة مخيمات قبل أنْ تنتقل للمُخيّم الّذي جمعها بـ McCurry

بحسب McCurry فالصورة بالنسبة له لخّصت الصدمة والمأزق وكل ما يصاب به الإنسان عند اضطراره للفرار من منزله حتى مئات الأميال وصولاً إلى مُخيمات اللاجئين.

حاول McCurry عدة مرات بعد سنوات من نشر الصورة إيجاد "شربات" لكن دون جدوى.

ولكن جهوده أثمرت أخيراً في رحلةٍ عام 2002 إلى باكستان. حيث عاد الى المُخيّم ذاته ليجده مازال قائماً، وتعرّف أحدُ الرجال في هذا المُخيم على صاحبة الصورة الّتي في يدهِ، قائلاً للمُصوّر أنّه كان صديقاً لأخيها. وسيذهب ليجدها.

بعد إنتظار ثلاثة أيام، عاد برفقة "شربات" وعائلتها الّتي اتّخذت من قريتها الأصليه موطناً لها.

من خلالِ فحوصاتٍ عينيّة واختبار التّعرف على قزحيّة العين في مختبرات نيوجيرسي، تم التًأكدُ من تطابُقِ هذه المرأة مع الفتاة في الصورة.

"تم العثور على الفتاة الأفغانية"!

قال McCuryy: "إنّ هذهِ المرأة مُدهشة بنظرتها كالفتاة التي صوّرتُها مُنذُ 17 عام"

يحملُ وجهُ شربات في طيّاتهِ علامات ما نجت بهِ من المشقّات، ولكن عينيها لا تزال تشُعّان بالبريقِ ذاته. لاتعلم شربات عُمرها بالضبط لكنها تتذكّر يوم قدوم McCurry الى خيمة الدراسة.

تعيش شربات حياةً بسيطةً مجهولةً في أفغانستان مع زوجها و بناتها الثّلاث. لم ترَ طوال حياتها صورة McCurry الشهيرة ولم يكن لديها أدنى فكرة كم أصبح وجهها رمزاً مشهوراً.

قبِلتْ شربات فقط بعد موافقة زوجها أن تُصوَّر غير واضعةً للخمار. و في إصدار أبريل لعام 2002 نُشرت قصةُ شربات مع صورتها القديمة والحديثة.

المصدر :

هنا

هنا

مصدر الصورة :

هنا