الفلسفة وعلم الاجتماع > الفلسفة

الحب الأفلاطوني

تعد الأفلاطونيات واحدة من أكثر العرف تأثيراً في الحب. وقد عرفت من خلال أرسطو والأفلاطونيين وخصوم الأفلاطونية الحديثة في عصر النهضة. ولكن تأثير أفلاطون تخطى التقاليد التي بدأها، وقد تجلى ذلك في الرومانسية في القرن التاسع عشر، والحب الغزلي في العصور الوسطى وخصائص مهمة للحب الديني.

الفكرة الشائعة أن الأفلاطونية ترتبط مع مفهوم الحب الأفلاطوني والذي يفهم على أنه العلاقة غير الجنسية بين الأصدقاء من جنسين مختلفين. وقد وجد العلماء الفرنسيون ضرورة التفريق بين مفهوم الحب غير الجنسي والحب وفقاً لأفلاطون.

ففي أثينا في القرن الخامس، وبعيداً عن بعض الاستثناءات، كان الرجال يتزوجون بهدف الإنجاب فقط ومصطلح الحب والنشاط العاطفي محفوظ لمثليي العلاقة الجنسية.

نظرية أفلاطون في الحب هي شرح عن أهمية الحب بالنسبة لنا ولماذا تفشل علاقات الحب في كثير من الأحيان. ونظرة أفلاطون تنطبق على حياتنا المعاصرة فمن المعروف ارتفاع نسبة الطلاق التي تهدد زيجات كثيرة. فنحن نتوقع الكثير من الشغف الجنسي المسمى بالحب ولكن عادة ينتهي بخيبة عندما تختفي الرومانسية. ومع ذلك نستمر في الزواج أملاً أن نكون من سيكسر هذا القالب. وإذا فشلنا نغير الشريك ونفشل أيضاً (للأسف). فننهيه كما بدأنا نفس الخوف ونفس التلبك ونفس شعور الخيبة ونفس الأمل.

1.الحب كرغبة في الامتلاك الدائم للخير:

من أشهر من كتب عن نظرية أفلاطون في الحب الكاهنة Diotima والمسرحي أريستوفانيس. أوضح أريستوفانيس من خلال أسطورة كوميدية ملونة أن الحب هو بحثنا عن جزئنا الذي يكملنا، وأنه علاج لجرح قديم ألحقته بنا الآلهة ومنذ ذلك الوقت ونحن نبحث بلا هوادة عن الشخص الذي يكملنا. أما سقراط أضاف أن الحب ليس بحثنا عن مكملنا ما لم يكن خيراً. أي أن حافزنا في الحب هو توقنا للخير وليس الاستكمال فحسب. وعندما نحب شيئاً فإننا نسعى حقاً إلى امتلاك الخير. ومن هنا عرف أرسطو الحب هو الرغبة لامتلاك الخير.

فأولاً، حياتنا هو بحثنا المستمر عن الأشياء التي تلبي حاجاتنا والتي من شأنها أن توفر السعادة. ثانيا، هو الرغبة في الحصول على ما هو خير. ووفقا لأرسطو فإننا نسعى بشكل مباشر أو غير مباشر للحصول على الخير.

وعلى الرغم من المحبة المنتشرة بكل شيء وعلى الرغم من أن جميع الرجال عشاق إلا أن القليل من يدرك مضمون حبهم الذي يكمن وراء جميع رغباتهم والذي يسميه أفلاطون بالخير أو الجمال المطلق. ولكن ألا تستطيع المرأة أن تكون جميلة ولكن شريرة بنفس الوقت؟ أو على الأقل ليس كما يراها أفلاطون.

عند الإغريق الجمال هو التناغم بين الأجزاء. ومن هنا يرى أفلاطون أن ما هو حقا جميل هو خيّر وما هو خيّر حقا هو جميل. وإذا أردنا فهم الجمال المطلق أو الخير وفق وجهة نظر أفلاطون فيجب أن نعلم أن العالم وفقاً لأفلاطون هو أفكارنا تجاهه وليس ما تستقبله حواسنا. فالعالم ليس بعشوائي بل هدفي، والمعرفة القصوى تعرض لنا كيف أن كل شيء يسعى لما هو خير له أو يلبي وجوده.

ووفقا لأفلاطون فإن أعظم حب سيكشف سر الجمال في كل شيء والانسجام الخفي الذي يوجه جميع الناس نحو أفضل نتائج ممكنة. وبما أن المراد هو الجمال أو الخير فيجب أن يظهرا في جميع مراحل حياة الإنسان ولكن قلة من الناس يعون ذلك، فخلال اضطرابات حياتهم يعون أن لديهم رغبات ولكن لا يعون ما الذي سيرضيها. فعند الجوع يأكلون ويعتقدون أن الأكل هو جوهر رغباتهم ولكن ما إن يأكلوا حتى يرغبوا بأشياء أخرى ويستمروا على هذا المنوال حتى يضع الموت حدا لذلك. ولا يعون أن محفزهم للبحث هو الجمال أو الخير. فيعيشون في جهل وعدم القدرة على الحب بشكل أمثل.

2.الحب كرغبة في الخلود:

من المهم فهم مفهوم سقراط "حب امتلاك الخير" الذي عدل به تعريفه للحب: أن تحب الجمال هو أن تتمنى أن تؤدي إلى الجمال. أي لتتملكه للأبد يجب أن تخلقه إلى ما لا نهاية. وبالنتيجة يجب أن يكون الحب بطبيعته هو حب الخلود وكذلك للجمال. وذلك ما يفسر ارتباط الحب مع الإنجاب وهو طريقة للأبدية. وأيضا إن تضحيات الأبطال تنتج عن حب الشهرة وهي طريقة أخرى للخلود. أيضا حب الفيلسوف يقربه إلى الخلود.

وفقا لنظرة أرسطو الازدواجية للطبيعة البشرية فإن الروح غير مادية وغير قابلة للتدمير أي أنها خالدة. بالأصل، الروح عاشت بين الآلهة وتمتعت بالشكل الحقيقي من الأبدية. ولكن عندما أصبحت بشراً نسيت أصلها الإلهي ومع ذلك يبقى الماضي كحالة من الكمال التي يطمح لها الجميع سراً. ووفقا لوجهة نظر أفلاطون فإن الطبيعة البشرية مزدوجة، تركيبة غير مستقرة من الروح والجسد وكل منها محكومة بالدوافع العكسية وكل جزء يناضل من أجل توجيه الإنسان إلى اتجاه معين ولكن كلاهما يحركهما الحب ولكن الحب لأشياء مختلفة.

الجسم يدفعها لمستنقع الشهوانية بينما الروح تدفعها تصاعدياً من خلال النبل والعلاقة الروحية النقية التي تمكن كلا الحبيبين من البحث عن الفضيلة. ويصف أفلاطون المتعة التي يشعر بها الحبيب عندما يرى الجمال المطلق في شخص آخر. قد نفسر ردة الفعل هذه بردة فعل جنسية ولكن ليس باعتبار أفلاطون. فهي ما تفسر من خلال لغة العاطفة كيف تنمو الأجنحة للروح. فعند الأفلاطونية مثل هذا العشق هو بداية حب. عند الصعود على سلم الحب، الحبيب الحقيقي يحصل على الخير من خلال تمكين الخير للاستيلاء عليه. عندما يحدث هذا، يبلغ العاشق معرفة الواقع.

3. الطريق إلى الحب الناجح:

في بداية بحث الحبيب بشكل طبيعي سيفكر في الجمال الجسدي. وفي النهاية سيقع في حب شخص معين وهو الشخص الذي يشعر بانجذاب معين له. وبسبب كون الحب سريع الزوال في هذه المرحلة ينتقل الحبيب من جميلة إلى أخرى. المرحلة الثانية هي مرحلة إدراك جمال الروح وهو أكبر قيمة من جمال الجسد. وعندما يكون جمال الروح محصوراً في هيئات قبيحة هنا ينتقل إلى مرحلة جديدة. هنا يقدر الشخص الجمال الاجتماعي والأخلاقي والفكري. المرحلة الرابعة هي دراسة العلم اكتساب المعرفة وهو الجمال المطلق فهو يتوج أسرار الحب ويكشف عن طبيعة الكون. وهذا الجمال هو أول الأبدية وهو لن يمض أو يختف.

المصدر: هنا

مصدر الصورة: هنا