البيولوجيا والتطوّر > بيولوجي

فيروس عوز المناعة المكتسب: كيف وأين نشأ؟

هنالك العديد من الأسئلة التي لاتزال موضع جدلٍ كبيرٍ لدى العلماء بخصوص مرض الإيدز AIDS، كمعرفة كيف نشأ، وأين كان ذلك ومتى.

فلنتعرف سوياً على الإجابة:

ظهر فيروس HIV المسبب لمتلازمة عوز المناعة المكتسب AIDS في أوائل ثمانينيات القرن الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية حين أظهر مجموعة من الشباب المثليّين أعراض العدوى والسرطان، والتي كانت مستعصية على العلاج، إذ كان مرض الإيدز في بادئ الأمر غير معروفًا، ولكن سرعان ما تبيّن أنّهم يعانون من المرض نفسه.

فيما بعد أصبح جليّاً أنّ سبب مرض الإيدز هو فيروس نقص المناعة المكتسبة HIV، المنتمي لفصيلة الفيروسات البسيطة lentivirus كونه يأخذ وقتاً حتى تظهر أعراضه بشكل واضح في المصاب.

كما تبيّن أنّ أصل فيروس HIV هو فيروس ال SIV الذي يصيب القردة عادة، حيث اكتشف باحثون صنفًا من الـ SIV يشكل نسخة طبق الأصل تقريباً عن الـ HIV.

واستنادًا إلى إحصاءات منظمة الصحة العالميّة WHO وبرنامج الأمم المتّحدة HIV/AIDS، كان يوجد 34 مليون شخص مصاب بهذا الفيروس حول العالم في عام 2010. ويموت يومياً حوالي 6000 شخص من الأمراض المتعلقة بالـ HIV.

نترككم الآن مع النظريات الّتي شرحت كيفية حصول الـ "zoonosis" أي انتقال الإمراض من الحيوانات إلى الانسان، وكيف تحول فيروس ال SIV إلى HIV:

1) نظرية الصياد The Hunter Theory:

وتعدّ من أكثر النظريات شيوعًا، وتتص على أنّ فيروس SIV انتقل إلى الإنسان عبر تناول لحم الشمبانزي أو انتقال دمها إلى جرح في الصّياد. وكان من المفترض لجسمه أن يقاوم الفيروس إلّا أنَّ الفيروس، وفي العديد من الحالات، تأقلم مع الجسم البشري المضيف، وتحوَّل على إثر ذلك إلى ما نعرفه باسم HIV.

ويعدُّ وجود سلالات مختلفة لفيروس نقص المناعة المكتسب، خير دليل على صحة نظرية الصياد، ففي كلِّ مرة يتأقلم فيروس القردة SIV في جسم المضيف، يتطور ليعطي سلالة HIV مختلفةً قليلاً عن السلالات الأخرى.

2) نظرية لقاح شلل الأطفال الفموي The oral polio vaccine (OPV) theory:

تقترح هذه النظرية أنّ مرض الإيدز كان نتيجة خطأ طبيّ يكمن في تلوث هذا اللقاح بفيروس SIV، إذ يتم استزراع هذه العينة في أنسجة قردة، وتقترح النظرية أنَّ تلك الأنسجة كانت مصابة بالفيروس SIV.

بيد أنَّ هذه النظرية لم تحظ بالتأييد الكافي، وتم طعنها استنادًا إلى فكرة أنّ القردة المحليّة في مكان صناعة اللّقاح لم تثبت إصابتها بسلالة فيروس SIV التي يربطها العلماء بالـ HIV. كما أنَّ السبيل الفموي ليس مكانا مرشحًا لحدوث الإصابة، حيث تحتاج لمجرى دموي لحدوثها. ناهيك عن كون بطانة الفم والحلق حاجزًا جيّدًا يمنع وصول الفيروس.

3) نظرية الإبرة الملوثة The contaminated needle theory:

أصبح استعمال المحاقن البلاستيكية (السيرنغ) شائعًا جدًا في الخمسينات من القرن العشرين باعتبارها طريقة رخيصة ونظيفة نسبيًا لإعطاء الأدوية. خلال تلك الفترة احتاج أخصائيو الصحة في أفريقيا إلى كميات كبيرة منها، وهو ما سيكلفهم الكثير، ممّا اضطرهم إلى استخدام الإبرة الواحدة لحقن أكثر من مريض دون القيام بتعقيمها، بالتالي ساهم ذلك في تطوّر فيروس HIV وانتشاره بسرعة.

4) النظرية الاستعمارية The colonialism theory:

تلقّب أيضاً بنظرية قلب الظلام "Heart of Darkness"، والتي تُنسب إلى رائعة جوزف كونراد التي تحمل نفس العنوان. وتنصُّ على أّنَّه في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، كانت معظم القارة الأفريقية واقعةً تحت وطأة القوى الاستعمارية كالفرنسية والبلجيكية. حيث أرغم المستعمرون الشعوب الأفريقية في الكونغو على العمل قسراً في معسكرات لا تراعي شروط الصحة سواء بالغذاء أو اللوازم الطبية. ومع الوقت أدى ذلك إلى ضعف مناعتهم وتباعًا أصبحوا هدفًا سهلاً لفيروس SIV وتطوُّره إلى فيروس HIV.

ما دعم كل هذا هو تزامن قيام هذه المعسكرات مع فترة بدء انتقال الفيروس إلى الإنسان.

5) نظرية المؤامرة The conspiracy theory:

يعتقد البعض أنّ الـ HIV هو عبارة عن "مؤامرة" حاكها الإنسان. حيث أظهرت استطلاعات الرأي التي أُجريت مؤخرًا في الولايات المتحدة الأمريكية أنّ عددًا ملحوظًا من الأمريكيين من أصل إفريقي يظنّون أنّ الـ HIV تَمَّت صناعته كجزء من برنامج الحرب البيولوجية الذي هدف –حسب اعتقادهم– إلى التخلص من أعداد كبيرة من السود والمثلييّن، وقد تحدَّث بعضهم عن تورُّط برنامج فيروس السرطان المميز (Special Cancer Virus Program) SCVP بالأمر، وذلك بمساعدة من الـ CIA. واعتبر عدد من الخبراء أنّها نظرية ضعيفة لعدم اعتمادها على أدلّة كافية وتجاهلها لارتباط فيروسي الـ HIV والـ SIV.

سواءَ انتقل الايدز عن طريق الحروب أوالترحال أو الحقن أو القوى الاستعمارية، يبقى فيروس عوز المناعة المكتسب مُبهمَ المنشأ حتى الآن، ومن الصعب معرفة هوية أول شخص أصيب به.

و يبقى لنا أملٌ كبير أن يتمكن العلماء من إيجاد علاج لهذا المرض والحدِّ من انتشار الفيروس المسبب له.

المصادر:

هنا

هنا

هنا