البيولوجيا والتطوّر > بيولوجي

كائنات غريبة و عجيبة في بحار و محيطات كوكبنا الأزرق (الجزء الثاني)

نستكمل هنا الحيوانات التي وردت معنا في الجزء الأول من المقال على هذا الرابط:

5- البارجة البرتغالية Portuguese man o’war:

الاسم العلمي: Physalia physalis

قد يخاله بعض المتحمسين مخلوقاً فضائياً، إلا أنّ الحقيقة قد تخيب آمالهم، فهو ليس مخلوقاً فضائياً، بل هو أقرب إلى مظهر قنديل البحر. ومع ذلك، فهذا ليس بقنديل بحر، ولا حتى كائن حي واحد بعينه! فما هو إذاً؟

إنّه مستعمرة حيوانية مشكلة من أشباه حيوانات، لكل منها دوره المحدد، لتقوم كلها كوحدة متكاملة لا يمكن لأحدها العيش دون الآخر.

يتكون هذا الكائن من مجسات وأربعة أنواع من البوليبات polyps (أنابيب جوفاء)، أولها يظهر من فوق سطح الماء ليعطي هذا الكائن شكله المميز، والذي شبهه المراقبون بالسفن البرتغالية في القرن الثامن عشر، ومنه جاء الاسم. هذا البوليب يمثّل مثانة غازيّة تساعده على الطفو والتحرك باتجاه الرياح، كما تساعده في البقاء على قيد الحياة بحيث يتم تفريغ هذه المثانة للنزول تحت الماء هرباً من أخطار السطح.

أما البوليبات الأخرى فأحدها مختص للعمليات الهضم، والآخر للتكاثر، أما الثالث وهو الأخطر، اللوامس أو اللاسعات، والتي قد تصل لطول إلى 50 متراً. تحمل هذه اللوامس سماً قادرا على قتل الكائنات الصغيرة. ومع أنّ لسعة هذه اللوامس مؤلمة، إلا أنها ولحسن الحظ قد لا تكون قاتلة للبشر. ولكن عليكم الانتباه، فهي قادرة على اللسع حتى بعد موتها.

6- التنين الأزرق :Blue Dragon

الاسم العلمي: Glaucus atlanticus

إن ما ترونه الآن ليس بوكيموناً، وهو كذلك ليس كما يوحي اسمه "التنين الأزرق" فهو ليس تنيناً بل هو حيوانٌ لطيف من الرخويات.

حسناً، إنه ليس لطيفاً أيضاً، فهذا الكائن الذي لا يتجاوز طوله الثلاث سنتيمترات قادرٌ على خرق القاعدة التي تقول "الكبير يأكل الصغير" حيث أنه يتغذى على كائناتٍ أكبر منه حجماً، منها البارجة البرتغالية Portuguese man o’war -لا تكترثوا للتسمية- الذي قد يصل طوله إلى عشرة أضعاف طول التنين الأزرق، ورغم امتلاك البرتغالي –إن صح التعبير- لخلايا تفرز مواد سامةً إلا أن تنيننا الصغير يستعمل هذه المواد ليملأ بها بعض الجيوب في جسده ليستعملها بدوره في الدفاع عن نفسه ضد مفترسيه.

لا تذهبوا بعيداً فهناك شيءٌ آخر مثير، إنه يستطيع أن يملأ بعض الأجواف في جسمه بالهواء كي يستطيع أن يطفو على سطح الماء، حيث يطفو عادة بالمقلوب!

7- :Gorgorian Wrapper

الاسم العلمي: Nemanthus annemensis

ما الذي قد يدفع بعض أنواع السرطانات إلى حمل هذا الحيوان الذي يشبه شقائق النعمان على ظهرها أينما ذهبت؟ السبب يكمن في أنّ بعض أنواع الخلايا التي يمتلكها صديقنا هي خلايا قادرةٌ على إطلاق السموم عندما يقترب خطرٌ منها.

يعد إفراز السموم عنده من أسرع الحركات في كامل المملكة الحيوانية، وذلك في وقتٍ لا يتجاوز 700 نانوثانية، ولكي أسهل عليكم التصور، فإنّ النانو هو واحد على مليار أي قسموا الثانية الواحدة إلى مليار جزء، وفي غضون 700 جزء من المليار من الثانية تنطلق هذه المواد السامة مما يسبب للكائن المستهدف الشلل....مخيف، أليس كذلك؟!!

8- Giant Siphonophore

الاسم العلمي: Praya dubia

ربما يكون أول ما تبادر إلى أذهانكم عند رؤية الصورة أنها صورة لإحدى الديدان، ذلك الشيء الصغير المقزز الذي يحفر في باطن الأرض، لكنكم مخطؤون، هذه إحدى أنواع السيفونوفورا، ولكي نتعرف عليها يجب علينا أن نستقل غواصةً ونشغل الأنوار فوجهتنا هي 700 متر تحت سطح البحر على الأقل، ويجب عليّ أيضاً –بصفتي المشرف على الرحلة- أن أعلمكم أنّ المقياس الذي نستخدمه في هذه الصورة التي ترونها لا تعطيكم انطباعاً حقيقياً عن الطول، ففي الواقع طولها يتراوح بين 40 إلى 50 متراً، ما يجعلها من أطول اللافقاريات على في هذا الكوكب.

وهي مؤلفةٌ من مجموعةٍ من الوحدات الحية الأصغر منها، كل منها مختصةٌ بعملٍ ما فبعضها للهضم وبعضها للهجوم وآخر للدفاع وهكذا. وأريد أن أخبركم بأنها غير مدروسةٍ بشكلٍ جيد وذلك لأنها تعيش في ضغطٍ عالٍ تحت سطح البحر وعندما يتم رفعها إلى سطح البحر ينخفض الضغط عليها فتتوسع جداً وتنفجر (شأنها شأن الكائنات الحية في الأعماق، ولكي تتضح الفكرة؛ عندما تضغط على الكرة بقدمك يصغر حجمها وعندما ترفع قدمك يزداد حجمها وتعود للوضع الطبيعي فنقصان الضغط يؤدي إلى زيادة الحجم وكذلك فنقصان الضغط على هذه الدودة يزيد حجمها إلى الدرجة التي لا يتحملها جسمها فتنفجر)

لابد وأنّكم ستشعرون بالخوف إذا قابلتموها!

ختاماً، إننا كلما توسعنا أكثر في العلم نرى أنّ الحياة بكل أشكالها رائعة، مدهشة، آسرة وساحرة. إن أشكال الحياة على كوكبنا الأزرق هي أجمل تعبير عن التفاعلات الكيميائية وأبهى تنظيمٍ ترتبط فيه عناصر و مركبات الكيمياء مع بعضها، والدليل على ذلك أنها تجعلنا نزداد فضولاً كلما عرفنا عنها أكثر ونزداد ولعاً كلما ازددنا لها فهماً.

إنّ هذا الفلم الذي نشاهده دائماً "فلم الحياة" و الموسيقا التصويرية التي تعزفها هذه الكائنات الغريبة هي أجمل على ما أعتقد من أفلام هوليوود التي حاولت فيها تصوير الكائنات الفضائية، وجهة نظرٍ طبعاً

المصادر:

- الحيوان الخامس

هنا

هنا

- الحيوان السادس

هنا

هنا

هنا

- الحيوان السابع

هنا

هنا

- الحيوان الثامن

هنا

هنا