الفيزياء والفلك > فيزياء

باحثون يجرون أول محاكاة حاسوبية دقيقة للحظات الأولى من ولادة الكون

قام باحثون في مختبر لورانس ليفرمور الوطني باستخدام حاسوب فائق لمحاكاة الظروف الموجودة عند ولادة الكون، وذلك استنادا لحسابات اقترحت قبل سبع سنوات تطلب إنجازها كومبيوتراً فائقاً قادراً على القيام بمليار مليون عملية في الثانية.

عندما كان عمر الكون أقل من واحد بالمليون من الثانية، و حرارته تفوق ألف مليار درجة، تحول من مزيج بلازمي من الكواركات و الغلوونات إلى حالات مستقرة من الكواركات المرتبطة ببعضها والتي نعرفها باسم البروتونات والنيوترونات والتي تعتبر اللبنات الأساسية للمادة العادية التي يتكون منها معظم مانراه في الكون. تصف نظرية الكروموديناميك الكمومي (QCD) التفاعلات مابين الجسيمات التي تتبادل التأثير مع بعضها عبر القوة النووية الشديدة أي القوى مابين الكواركات والغلوونات وهي بالتالي تصف التفاعلات التي تحدث ضمن بلازما الكواركات والغلوونات عند اللحظات الأولى من عمر الكون.

أجرى علماء مخبر لورنس ليفرمور، كريس شرويدر و رون سولتز و بافلوس فراناس، حساباتهم باستخدام كومبيوتر فائق السرعة (5 مليار مليون عملية في الثانية) بالإشتراك مع عدة مخابر وفرق بحثية مختصة في حسابات الكروموديناميك الكمومي عبر الحوسبة الفائقة. هذه هي المرة الأولى التي تجرى فيها هذه الحسابات بطريقة تحافظ على تناظر أساسي في نظرية QCD، والتي يمكن فيها أن يتبادل كوارك يميني الجهة مع كوارك يساري الجهة ( يطلق العلماء على هذه الصفات : Chirality وتعني عدم تطابق الجسم مع صورته في المرآة ) وذلك دون أي تغير في المعادلات. من السهل وصف هذه التناظرات إنما من الصعب تنفيذها حسابيا. " ولكن مع تطوير حواسيب البيتافلوب أو الحواسيب القادرة على إجراء مليار مليون عملية في الثانية، أصبحنا قادرين على حساب خصائص نظرية مقترحة منذ سنوات، عندما لم تكن هذه الحواسيب موجودة بعد " يقول سولتز.

يترتب على هذا البحث نتائج كثيرة حول فهمنا لتطور الكون أول جزء من مليون من الثانية بعد الانفجار الكبير، حين بدأ الكون يتوسع و بدأت درجة حرارته بالإنخفاض دون 10 ألف مليار درجة. تنشأ الهادرونات (جسيمات تتشكل من ارتباط كواركين أو ثلاثة مع بعضها كالبروتونات مثلا) عند الترابط ما بين الكواركات والغلوونات تحت درجة الحرارة المذكورة، لأن الكواركات أو الغلوونات لا يمكنها التواجد بشكل منفرد فتشكل بذلك البروتونات والنيوترونات المعروفة. بينما تتفكك هذه الروابط في درجات أعلى فتتشكل بلازما الكواركات و الغلوونات.

"تزودنا النتائج بتأكيد مهم حول فهمنا لتفاعلات القوة النووية الشديدة عند درجات الحرارة المرتفعة، كما تساعدنا على تفسير البيانات التي نجمعها في مصادم الأيونات الثقيلة النسبوي في مختبر بروكهيفن الوطني، ومصادم الهادرونات الكبير في سيرن CERN" كما يشرح سولتز أيضاً .

كتب سولتز وبافلوس بمساعدة زميلهما السابق توماس لوو، بحثاً بينوا فيها أنه بوجود حواسيب قوية كفاية، فإن حالة الانتقال من طور البلازما إلى طور الحالات المرتبطة بما يتفق مع نظرية الكروموديناميك الكمومي يمكن حسابها. نشرت المقالة في قسم الحوسبة بمجلة العلم والهندسة عام 2007،" حين كان اجراء مليون مليار عملية حساب في الثانية يبدو عددا كبيراً جداً" يقول سولتز. "بتطوير حواسيب البيتافلوب، تطلبت الحسابات عدة أشهر من الوقت لتنتهي، لكن التقديرات التي وضعت عام 2007 كانت قريبة جداً من النتائج". أصبحت هذه الحسابات الكثيفة المعقدة ممكنة بفضل الكومبيوتر الخارق Vulcan Blue Gene/Q في مختبر لورنس ليفرمور الوطني.

المصدر: هنا

حقوق الصورة: Derek Leinweber