الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة

غابات تشرنوبل/شمال أوكرانيا لا تتحلّل بشكل طبيعي

مرّ ما يقارب الـثلاثين عاماً على انفجار محطة تشيرنوبل الذي تسبب بكارثة نووية لم يسبق لها مثيل، لكن آثار تلك الكارثة لا تزال ملموسة إلى اليوم، فعلى الرغم من عدم وجود أي أناس يعيشون في مناطق الحظر الواسعة المحيطة بمركز الانفجار إلا أن الحيوانات والنباتات لا تزال تظهر علامات التسمم الإشعاعي.

للأسف لم يقتصر أثر إشعاع تشرنوبل على الناس والحيوانات والأشجار، فالحشرات والميكروبات والفطريات التي تفكك وتحلل المواد العضوية ليعاد استعمالها من جديد قد تأثرت أيضاً.

تركت الإشعاعات أثرا سلبيا على المجتمع الحيوي حول منطقة تشيرنوبل، فالطيور تمتلك أدمغة أصغر بكثير من الطبيعية، الأشجار تنمو بشكل أبطأ، وتعيش فقط قلّةٌ من العناكب والحشرات، والنحل والفراشات والجنادب. بالإضافة إلى ذلك، لا تزال الحيوانات البرية التي ضبطت خارج منطقة الحظر تظهر مستويات غير طبيعية وخطيرة من الإشعاع.

ذلك كله ليس بأهمية القضية البيئية الأخطر، وهي القضية المتعلقة بالكائنات المحلِّلة (الكائنات الحية مثل الميكروبات والفطريات وبعض أنواع الحشرات التي تسبب عملية التحلل) التي عانت أيضاً من التلوث. فهذه الكائنات هي المسؤولة عن العنصر الأساسي في أي نظام بيئي؛ وهو إعادة تدوير المواد العضوية مرة أخرى في التربة. قضية أساسية كهذه يمكن أن تتفاقم آثارها لتضر النظام البيئي بأكمله.

أجريت في تشيرنوبيل أبحاثٌ منذ عام 1991 حول التراكم الملاحظ للبقايا على مر الزمن، فالغابة الحمراء – وهي منطقة تحولت كل أشجار الصنوبر فيها للـّون المحمر بعد فترة وجيزة من الحادثة – ماتت دون أن تتحلل حتى بعد مرور 15 - 20 عاماً. لفت نظر القائمين على الدراسة أن جذوع الأشجار الميتة لا تزال سليمة إلى حد كبير، فالأشجار التي تسقط عادةً تتحول إلى نشارة ناعمة من الخشب على الأرض بعد عقد من الزمن على سقوطها.

أجريت دراسة موسعة لمعرفة تأثير الإشعاع في معدل التحلل بدءاً من أيلول 2007، حيث وُضع 572 كيساً يحوي بقايا من أوراق الأشجار الجافة غير الملوثة بالإشعاع في 20 موقعاً في جميع أنحاء غابات تشيرنوبل التي تتباين في تلوثها الإشعاعي. صنعت ربع هذه الحقائب من شبكة معدنية للحيلولة دون وصول لافقاريات التربة الكبيرة كالحشرات إلى البقايا لاستبعاد تأثيرها. تم استرجاع هذه الحقائب في حزيران 2008، حيث جففت ووزنت لتقدير الفقد في كتلة البقايا (كلما كان الفقد أكبر دلّ ذلك على سرعة تحلل أكبر).

فيما يلي أهم النتائج:

• كان الفقد في كتلة البقايا أقل بنسبة 40٪ في أشد المواقع تلوثاً مقارنةً بالمواقع ذات مستوى الإشعاع المتوسط.

• كان فقدان كتلة البقايا أكبر قليلاً عند تدخل لافقاريات التربة الكبيرة.

• ازدادت سماكة أرض الغابة مع زيادة مستوى الإشعاع.

• قلّلَ التلوث الإشعاعي من معدل فقدان البقايا، وزاد من تراكمها، وأثر في ظروف نمو النباتات الأخرى.

• اختفى من 70% - 90% من الأوراق بعد عام في المناطق التي لا تعاني من الإشعاع.

• بقي بالمقابل 60% من وزن الأوراق الأصلي في المناطق التي تعاني من الإشعاع.

• تلعب الحشرات دوراً هاماً في التخلص من الأوراق، إلا أن للميكروبات والفطريات دوراً أكثر أهمية بكثير.

• يحُول الإشعاع دون التحلل الميكروبي لبقايا الأوراق في الطبقة العليا من التربة وهذا يعني عدم عودة المواد الغذائية بكفاءة إلى التربة.

مشاكل أخرى مرتبطة:

يرجح أن يكون عدم التحلل أحد أسباب تباطؤ معدلات نمو الأشجار المحيطة بتشيرنوبل.

كما وجدت دراسات أخرى أن المنطقة معرضة لخطر الحريق، لاحتوائها على بقايا من أوراق الشجر تعود ل 27 سنة ماضية، وهنا فإن تدمير البيئة بفعل الحرائق ليس المشكلة الوحيدة بل هناك قلق من إعادة توزيع الملوثات المشعة إلى أماكن خارج منطقة الحظر.

ما الحل؟

للأسف، ليس هناك حل واضح لهذه المشكلة في متناول اليد سوى بمراقبة منطقة الحظر بهدف التدخل السريع في حالات الحرائق. كما يتعاون الباحثون أيضاً مع فرق في اليابان لتحديد فيما إذا كانت منطقة فوكوشيما ( التي كان يوجد فيها المفاعل النووي الياباني الشهير) تعاني من منطقة ذات تجمعات ميكروبية ميتة مماثلة.

مصادر:

هنا

هنا