صناعة الباحثين > تعرف الفروع الجامعية

الفلسفة

تعد الجمهورية العربية السورية من الدول العربية القليلة التي تُدرِّس الفلسفة في المدارس والجامعات على نحو حر ومطلق إلى جانب المغرب وتونس والجزائر ومصر ولبنان. أما في بقية الدول، فإما أن تقتصر دراسة الفلسفة فيها على الجامعات، أو أن تكون مناهج الفلسفة مختزلةً وتقتصر على بعض العلوم والمعارف الأولية فقط، في حين نجد أن بعض الدول العربية تمنع تدريسها منعًا باتًا. 

وتعتمد الفلسفة على الفكر الحر الناقد، ولا يكتسب دارسو الفلسفة ثقافةً رفيعةً فحسب، بل يكسبهم التفكير الفلسفي فكرًا ناقدًا حرًا عن طريق الاطلاع على النتاج الثقافي للإنسانية على أنه نتاجٌ يدخل بمجموعه في تشكيل الثقافة الإنسانية، والقضاء على نزعة التعصب والتحيز لفكر دون آخر.

ونتعرّف في هذا المقال إلى العلوم والمعارف التي يكتسبها طلبة الفلسفة في الجامعات السورية: 

قسم الفلسفة هو أحد الأقسام الرئيسية التابعة إداريًا لكلية الآداب والعلوم الإنسانية، وتبلغ مدة الدراسة للحصول على درجة الإجازة فيها أربعَ سنوات، ويختص هذا القسم بدراسة تاريخ الفلسفة والحضارة من جهة، إضافةً إلى بعض العلوم النظرية التي لا زالت في طور الانفصال عن الفلسفة من جهةٍ أخرى. 

المواد الدراسية:

في السنة الدراسية الأولى، تكون المقررات عبارة عن مداخلَ لدراسة الفلسفة ومناهج التفكير العقلي، أكثر من أن تكون دراسةً لنظرياتٍ تصب في صلب الفلسفة. أما في المراحل اللاحقة، تبدأ دراسة القضايا المعاصرة، والعلوم النظرية التي تصب مباشرةً في الحياة الفكرية والسياسية الراهنة، وتتوزع تقريبًا على النحو الآتي:

- مقدمات الفلسفة: وتشمل تعريفًا بمعظم المصطلحات الفلسفية، وملامح عن الفرق بين التفكير الفلسفي وبقية أنواع التفكير من جهة خصائصه ومحدداته. 

- المذاهب الفلسفية: عرضٌ موجزٌ ومكثّف ومبسّط لأهم التيارات الفلسفية وتطور تاريخ الفلسفة، وتتضمن أيضًا تعريفًا بأعلام الفكر ورواده، وأبرز الفلاسفة ونظرياتهم، مما يعطي الطالب مفاتيح تنمية معارفه بتاريخ الفلسفة وفلاسفتها.

- التفكير العلمي: يتناول الطالب في هذه المادة مناهج التفكير العلمي التجريبي، والاختلاف بين التفكير العلمي والتفكير الأسطوري وغيره، ويتعرّف عن قربٍ إلى المنهج الذي يتبعه العالم في الحصول على نتائجه، وكيف تطوّر هذا المنهج حتى وصل إلى المرحلة التجريبية الحالية. 

- علم النفس العام: يعطي علم النفس العام تعريفًا موجزًا بأبرز المدارس والنظريات والمناهج في علم النفس، ويعطي لمحةً عن أبرز علماء النفس وتاريخ تطور هذا العلم وعلاقته ببعض العلوم الأخرى.

- تحليل الشخصية: في هذه المادة يتعرف الطالب إلى أهم الأسس التي تُبنى عليها الفروق الفردية بين الأشخاص، إضافةً إلى أهم الاضطراباتِ التي تحدث للشخصية على المستوى الفردي، وكيفية التعامل الأمثل مع أنواعٍ مختلفةٍ من الشخصيات، واكتساب مهارات التواصل لتحقيق نوع من التوازن والنجاح على المستوى الفردي والجمعي. 

- فلسفة الشرق القديم: تتناول هذه المادة المرحلة الأولى من مراحل التفكير البشري، وتُدرس فيها معالمُ الحضارات الشرقية القديمة، وأبرز الأساطير والديانات والعادات التي كانت سائدة في الشرق قديمًا.

- علم الاجتماع: دراسةٌ موجزةٌ لأهم المفكرين الاجتماعيين، وتاريخ تطور هذا العلم ونظرياته، وأهمِّ القضايا التي يطرحها، وإذا كان علم النفس يهتم بالإنسان على المستوى الفردي، فإن علم الاجتماع يهتم بدراسة الإنسان على المستوى الجمعي والعلاقات ضمن المجتمع وقوانينها. 

- علم الجمال والمذاهب الجمالية: علم يدرس الفنون بأشكالها المختلفة من جهة النظريات التي يضعها النقَّاد، سواء كان ذلك على مستوى الأدب أم الفن المعماري أم الرسم وغيره، ويتناول مفهوم الجمال ومصطلحاته بدراسةٍ نقدية، فضلًا عن نظريات الفلاسفة في الفن والنقد الفني. 

- الفلسفة اليونانية: تتضمن دراسة تاريخ الفلسفة المرور بالفلسفة اليونانية، وذلك بهدف إعطاء الطالب قاعدةً أساسيةً لدراسة الفلاسفة الإغريق ونظرياتهم واتجاهاتهم في الفلسفة وأهمية ذلك في تطوّر الفكر البشري. 

- علم المنطق: دراسة علم المنطق بشقَّيه؛ القديم الأرسطي والمعاصر الرياضي، وهي دراسةٌ متخصصةٌ للمبادئ التي يسير وفقها العقل البشري، بدءًا من أبسط المبادئ وصولًا حتى أعقدِها، إضافةً إلى المبادئ العقلية التي تحكم الرياضيات والعلوم النظرية.

- الأخلاق: وفي هذه المادة يدرسُ الطلبةُ الأخلاقَ من خلال تاريخ تطور نظرياتها، والمبادئ الأخلاقية التي تحكم البشر ومستندِها العلمي أو النظري، والقواعدِ التي يستند إليها المشرّعون القانونيون في وضع القوانين التنفيذية لضمان الحياة الأخلاقية ضمن المجتمع.

- الفلسفة العربية والإسلامية وعلم الكلام: تتناول هذه المقررات دراسةً مفصلةً لنظرياتِ الفلاسفة العرب في العصور الوسطى، ودراسة الفكر الديني وتياراته ومذاهبه واتجاهاته والفروق بينها دراسةً نقديةً من منظور فلسفي محايد.

- الفلسفة المسيحية في العصور الوسطى: وهو المقرر الذي يُعنى بدراسة الفكر المسيحي لدى الفلاسفة الأوروبيين، بدءًا من أول فلاسفة المسيحية وحتى بداية عصر الأنوار في أوروبا. وكما هو الحال في مقرر علم الكلام والفلسفة العربية بالنسبة للفلاسفة المسلمين، يدرس هذا المقرر الفلسفةَ والفكر المسيحي على نحو مفصَّلٍ من منظورٍ فلسفي وزاوية رؤية مقارنة نقدية، وتسمى في بعض الجامعات "علم اللاهوت".

- الفكر الاقتصادي: ويُعنى بالآلية التي يسير بموجبها الاقتصاد بين الدول، وكيفية إرساء القيمة النقدية، وماهية معيار التقدم الاقتصادي، والفرق بين الاتجاهات الاقتصادية الكبرى للدول مثل الاشتراكية والرأسمالية، وذلك من خلال دراسة أبرز النظريات في الاقتصاد قديمًا وحديثًا.

- علم السياسة والفكر السياسي: ويتناول المصطلحات السياسية ومعانيها الدقيقة، والسياسات التي تحكم العلاقة بين الدول، ومبادئ أنظمة الحكم المختلفة والفروق فيما بينها، ويُعنى أيضًا بالقضايا السياسية المعاصرة مثل العولمة بمفهومها وأبعادها.

- الفكر العربي: ويتناول نظرياتِ المفكرين العرب في عصر النهضة بمختلف تياراتهم اليمينية واليسارية، وأبرز المفكرين العرب في تلك الحقبة، ونتاجهم على مستوى الفكر الديني والسياسي.

-الفلسفة الحديثة والفلسفة المعاصرة: دراسةٌ مفصّلةٌ لنظريات الفلاسفة الحديثين والمعاصرين الغرب الأوروبيين والأميركيين ابتداءً من نهاية القرن السادس عشر وحتى اللحظة الراهنة، إضافةً إلى علوم اللغة واللسانيات.

- الحضارة: دراسةٌ متقدمةٌ لعواملِ تشكّل الحضارة من منظورٍ معاصر، ونظريات تقدم الحضارات عند بعض الفلاسفة والمفكرين المعاصرين في الوقت الراهن.

- الأبستمولوجيا (أو نقد المعرفة العلمية): وتُقسم إلى شقَّين، أبستمولوجيا العلوم الطبيعية، وأبستمولوجيا العلوم الإنسانية، وتهتم بالدراسة النقدية لنظريات العلوم الطبيعية والإنسانية ومناهجها، ودراسة طبيعة المعرفة وموضوعيتها، وهي مرحلةٌ متقدمةٌ ومعاصرةٌ من تطور الفلسفة، ويتركز الاهتمام بها في الدول المتقدمة نظرًا للاعتماد عليها في تطوير المعرفة العلمية.

تتيح شهادة الإجازة في الفلسفة لحاملِها فرصةَ التخصصِ في مجالاتٍ شتى، وخاصةً في دول الغرب، ففي حين يقتصرُ سوق العمل في الدول العربية على الإجازة في التدريس أو العمل الصحافي والأدبي، نجد أن مجال تخصصاتها في دول أوروبا وأمريكا وشرق آسيا أرحبُ وأوسع، إذ يمكن للمُجازِ في الفلسفة أن يتخصص في حقول التوجيه الاجتماعي والنفسي، ويوظِّف المعارف الفلسفية للمساهمة في مشروعات التنمية البشرية، وفي معاهدِ الدراسات السياسية والاقتصادية، أو أن يُصبح باحثًا في مناهج العلوم أو اللغويات ضمن برامج البحوث العلمية.