الطب > مقالات طبية

اكتشاف العامل المرتبط بالأمراض الاستقلابية للسمنة

جميعنا يعرف الرابط بين السمنة و داء السكّري .. لكن لا داعي للقلق دوماً، إذ لا تؤدي كل أنواع السمنة الى الإصابة بداء السكري، حيث أن حوالي ربع الأشخاص ال"سمينين" هم فعليّاً ذوو استقلاب صحي وليس لديهم خطر الإصابة بداء السكري من النمط الثاني !

بالرغم من أنّ السّمنة عامل خطر أساسي للسكري، إلا أن هذين العاملين لا يرتبطان دوماً. فقد أشارت دراسة منشورة من قبل Cell Press في الثالث من تموز لهذا العام الى تفسير محتمل، يقول أنّ المستويات العالية من جزيء يدعى "هيم أوكسجيناز 1 "HO-1" (heme oxygenase-1) يرتبط بصحة استقلابية سيئة وبخطر متزايد للإصابة بداء السكري من النمط الثاني لدى الأشخاص السمينين.

أكثر من ذلك، فإن مثبّطات هذا العامل تحسّن الصحة الاستقلابية لدى الفئران السمينة، ما يقترح أن حاصرات هذا الجزيء (العوامل أو المواد التي تمنع عمله) قد تمثل استراتيجيّة جديدة واعدة في علاج الأمراض الاستقلابية.

إن العوامل التي تحدّد إن كانت السمنة تؤدي إلى صحة استقلابية سيئة لطالما كانت غير واضحة، وهناك دليل يقترح أن أحد الاستجابات المناعية السلبية التي تدعى بالالتهاب الاستقلابي (metabolic inflammation) تلعب دوراً مهماً. ولكن الدراسات التي تختبر العلاقة بين جزيء مفترَض مضاد للالتهاب يدعى "OH-1" وبين مرض استقلابي قد أظهرت نتائج متناقضة!

للإجابة على هذا السؤال وجد فريق البحث وبشكل معاكس للنتائج السابقة، أنّ هناك مستوياتٍ أعلى من الجزيء "OH-1" في الخزعات المأخوذة من الكبد والشحم من الأشخاص السمينين، الذين لديهم مقاومة للأنسولين (وهي آلية حدوث النمط الثاني من مرض السكري) مقارنة مع الأفراد السمينين الأصحّاء استقلابياً .

عندما قام العلماء بحذف المورّثة (الجين) OH-1 من خلايا المناعة التي تدعى البالعات الكبيرة (Macrophages) تضاءلت العلامات الجزيئية الدالّة على الالتهاب لدى الفئران، ما يقترح أن هذا العامل يحفّز الالتهاب فعلاَ، بعكس ما هو شائع (إذ ساد الاعتقاد سابقاً أن الجزيء OH-1 يمتلك خواص مضادة للالتهاب) .

كذلك فإنّ حذف جين OH-1 بشكل خاص في كبد أو بالعات فئران تمت تغذيتهم بطعام عالي الدسم أدى الى تحسن وظيفة الكبد وزيادة الحساسية للأنسولين لديهم– وهذه إشارة واضحة إلى تحسن الصحة الاستقلابية .

كخلاصة يقول Pospisilik أحد المشاركين بالدراسة: "تشير نتائجنا إلى أن العامل OH-1 هو من أقوى المؤشرات على السمنة غير الصحية استقلابياَ لدى البشر، و بمكن أن يكون له قيمة تنبُّؤية عالية في اكتشاف بدء تطوّر الأمراض الاستقلابية كالسكري، وهذا قد يمكّن الأطباء السريريين من التدخل بطرق تستهدف منع تطور الأمراض خاصة لدى الأفراد السمينين الذي تظهر عليهم علامات باكرة لداء السكري من النمط الثاني".

و الآن بقي أن نميّز السمنة الصحية استقلابياً عن السمنة الفقيرة استقلابياً المرتبطة بزيادة خطر الإصابة بالسكري .. هل من معايير للتمييز؟

ربما نرى ذلك في مقال لاحق.

مصدر المقال:

هنا

مصدر الصورة:

هنا