البيولوجيا والتطوّر > بيولوجي

الشمبانزي ..البطلة القادمة لألعاب الفيديو

"بانزي" وهي أنثى شمبانزي تبلغ من العمر 22 عاما ً تمكَّنت من حلّ متاهة ضمن إحدى ألعاب الواقع الافتراضي، حيث تفوّقت بأدائها على مجموعة مكوّنة من 12 طفلاً وأربعة بالغين، الأمر الَّذي أثار الدَّهشة بالطَّبع.

قام الباحثون بوضع أربعة من قردة الشمبانزي البالغة بمواجهة 12 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 3 و12 سنة بالإضافة إلى أربعة بالغين، ولاحظوا أنَّ هذه القردة كانت بنفس مستوى براعة الأطفال الذين تراوحت أعمارهم بين 3-6 سنوات، حيث أتمَّت عبور المتاهة خلال المدَّة الزَّمنيَّة نفسها التي استغرقها هؤلاء الأطفال.

وقد عمد العلماء أيضاً إلى مراقبة وتسجيل "فعالية الحركة والانتقال"؛ أي المسافة التي يقطعها كل لاعب قبل أن يتمكَّن من إتمام المتاهة، وهنا كانت لحظة "بانزي" كي تتألّق، ففي المتاهة الأكثر صعوبة قامت باتخاذ الطريق الأقصر للوصول إلى الجائزة على عكس ما قام به الأطفال والبالغون كذلك!

ومع ازدياد تعقيد اللعبة حاول بعض المشتركين من البشر الحصول على دعمٍ من زملائهم في الغرفة، حيث تقول الاختصاصية (Francine Dolins):

"سيطلب المشتركون مني المساعدة، لكن لن أستطيع مساعدة القردة بإعطائها الإجابة".

تمَّ تقسيم البشر والشمبانزي بشكل متساوٍ حسب النوع. كما أن المشاركين من البشر بريطانيُّون أما الشَّمبانزي فقد تم جلبهم من مركز أبحاث اللغة في جامعة ولاية جورجيا حيث أنَّ كل القردة في المركز -بما فيها الشمبانزي- تتطوَّع للمشاركة في الاختبارات، لكن إذا طلب أحد العلماء من "بانزي" أو أحد رفاقها القيام بعمل ما ولم تكن تشعر بالرَّغبة بالقيام به فيمكنها ببساطة أن ترفض ذلك من خلال هزّ رأسها، لكن لا مانع لدى العلماء من تقديم رشوة للقردة كالعنب أو الحلوى، بينما يتمّ إغراء البالغين من البشر ببطاقات هدايا من متاجر الكتب والأطفال يُكافؤون بأقلام الرَّصاص واللُّصاقات الملوَّنة.

أمّا عن حيثيات اللعبة والتدريب لها، فإنَّ عصيّ التَّحكٌّم المستخدمة في هذه الألعاب موجَّهة بحيث ترتبط كل حركة مع إحدى الجهات الرَّئيسية: الأعلى مع الشَّمال والشَّرق مع اليمين وهكذا..

تمَّ إعطاء البشر جلسات تدريبيَّة يتراوح عددها بين 10 و20 أما الشَّمبانزي فقد خُصِّصَت لهم من 5 إلى 10 جلسات لمراجعة كيفيَّة عمل اللُّعبة نظراً لعملهم سابقاً مع ألعاب واقع افتراضي مشابهة، وفي اللُّعبة يقوم اللاَّعبون بالبحث ضمن الأزقَّة مع اختلاس النظرات من وراء جدران القرميد بحثاً عن الهدف، فكل حائط يحوي إشارة ما قد تكون مربَّعاً أزرق ممَّا يعني أنَّك على المسار الصَّحيح، أو مثلَّثاً بُنِّي يعني أنَّك في الطريق الخاطئ.

تُوضّح مديرة المركز الفرق بين ألعاب الفيديو والواقع بالنسبة للقردة قائلة :"تكون الأمور أسهل بكثير على شاشة الحاسوب نظراً لامتلاكنا قدرة أكبر على التَّحكَُم، خصوصاً مع القردة، إذ لا يمكننا وضعها في أحد المجمَّعات التِّجاريَّة والطَّلب منها أن تتنقَّل من مكان لآخر فيه ببساطة".

بالمقارنة بين قردة الشَّمبانزي الموجودة في المركز وتلك التي تربَّت في الغابة نجد أن ثلاثة من الشمبانزي الأربعة من المركز تتمتَّع من دون شك بموهبة خاصة غير طبيعية، الأمر الذي يُحتمل أنه عزّز مهارتها في ألعاب الفيديو.

ما هي الوسائل التعليمية التي مكّنت القردة من اجتياز المتاهات؟

كلّ قردة الشَّمبانزي الموجودة في مركز أبحاث اللغة (باستثناء واحد فقط ويدعى ميركوري) تتمتّع بالقدرة على استخدام لوحة الرُّموز التي تعرف بـLexigram board، حيث تعلّمت العمل عليها منذ الصغر، وهي عبارة عن مجموعة من الأشكال والرموز الَّتي يمثّل كلٌّ منها كلمة محددة فإذا ما ضغط القرد على أحدها قام الكومبيوتر بقراءة الكلمة عالياً، وهذا يمنح القردة المدرَّبة على استخدامه أفضليَّة عند انتقاء الطَّعام مثلاً، وهنا نلاحظ أن "ميركوري" الذي يتقن الإنكليزيّة يمكنه فقط أن يومئ برأسه قبولاً أو رفضاً للوجبة المقدَّمة له، في حين تتمكن بقية قردة الشَّمبانزي من انتقاء ما تريده بالتَّحديد وذلك بضغط أحد الأزرار الموجودة على اللَّوحة، ونفس الأمر يمكن إسقاطه على المتاهة في اللُّعبة حيث يمكن أن يضع الباحثون رموزاً معيَّنة على الجدران تمثّل نقاط علَّام تميُّزها قردة الشَّمبانزي.

هل يمكن لـ"بانزي" وأمثالها أن يتابعوا التفوق على البشر في ألعاب الفيديو؟! ما رأيكم؟

المصدر:

هنا