كتاب > مفكرون وكتّاب

سميح القاسم .. وانطفأ الجانب المضيء من القلب.

استمع على ساوندكلاود 🎧

"كَذَبَ زَعمُ الزاعم أنّـك صفحة تاريخ مطويّة

خَرَصٌ قول الشانيء إنّك مسكونٌ بالموت

حيّ أنت

حيّ في ساعدِ عامل

حيّ في جبهةِ فلاح

حيّ في عزمِ مقاتل

يغزل من أوْرِدة الليل الرابخ أوردة لصباح

كذب زعم الزاعم أنّك مسكونٌ بالموت

يـا شـعــبــــي

حيٌّ حيٌّ أنت"

أنت حـيّ في قلوبنا وستبقى.. يـا شاعرَ الأرضِ والوطن.. فالأدباءُ وإن ماتت أجسادُهم.. لا تموتُ كلماتُـهم.. ولا أحلامُهم.

توفّـي الشاعر الفلسطيني سميح القاسم، بعد صراعٍ مع مرض سرطان الكبد الذي داهمه منذ ثلاث سنوات، حتّـى وافته المنـيّـة يوم الثلاثاء الموافق 19 أغسطس 2014.

بعد أن قضى حياته يرسمُ بكلماته دروبَ الأمل في قلوبنا، ويعيدُ إلى ذاكرتنا شيئًا مـمّـا فقدناه، مـمّـا بَـقِيَ مدفونًـا في أرضنا يومَ تركها البعضُ خلفَه، ويوم خذل بـعـضُـنـا الآخر من تركها خلفه!!

سميح القاسم..

الذي ارتبط اسمُه بشعرِ الثّورة والمقاومة، كان دائمًا ما يشرح في قصائده معاناة الفلسطيـنـيّـين وكفاحهم، وظـلّ يُـدافع عن القضيّـة الفلسطيـنـيّـة بكل ما أُوتِـيَ من إبداع، وظلّ يستنهضُ العزيمةَ في نفوسنا حتّـى الرّمق الأخير من مسيرته الإبداعية دون كـلـلٍ أو ملل حـتّـى أنه سُجن أكثر من مرّة، و وُضع رهن الإقامة الجبرية بسبب أشعاره ومواقفه السياسية.

"و يكون أن يأتي

يأتي مع الشمس

وجه تشَّوه في غبار مناهج الدرس

و يكون أن يأتي

بعد انتحار القحط في صوتي

شيء . . روائعه بلا حدّ

شيء يسمّى في الأغاني

طائر الرعد

لا بد أن يأتي

فلقد بلغناها

بلغنا قمة الموت"

عـاش شاعرُنا كما رحلَ، منتصبَ القامة، مفـتـخـرٌ بنا رغم كلّ مآسينا، فكان هو فخرًا لنا حاضرًا وغائبًا، هو ومن على شاكلته، يستنهض العمل فينا وفي الأجيال من بعدنا...

منتصب القامة أمشي .. بصوت مارسيل خليفة وألحانه

” هل أذكرك بقصة أخرى من قصص الجوع اللذيذة؟ حسنا. ها أنت ذات مساء تأتي إلى منزلي في شارع يافا، تلوب قليلا ولا تستقر على مقعد، تمسك كتابا وتفتح راديو. تغلق النافذة وتفتح الثلاجة ثم تصرخ : ” أريد أن آكل. أنا جائع! ” وأهدئ من روعك: ” لا بأس عليك، إنني متضامن معك، ضع جوعك إلى جانب جوعي وسنحظى بوجبة فاخرة “

من رسائل سميح القاسم إلى صديقه محمود درويش، ضمن ثلاث حزم من الرسائل المتبادلة عبر 211 صفحة، سميّـت «رسائـل بين شطرَيْ برتقـالـة»، والتي وصفها الكاتب عصام خوري:" كانت حالة أدبيّـة نادرة وخاصّة بين شاعرين كبيرين قـلّما نجدهما في التاريخ".

أمـّـا عن أعماله الأُخرى، توزّعـت ما بينَ شعرٍ، ونثرٍ، ومسرحيةٍ وروايةٍ وبحثٍ وترجمة، وكان آخرها ديوان «كولاج» كان قد أصدره قبل خمسة شهور من وفاته.

اِشتغل القاسم مُـعـلّـمـًا وعامـلًا وصحفيـًا، ومع بلوغه الثلاثين من عُـمُـره كان قد نشر ستّ مجموعات شعريّـة.

وشغلَ منصب رئيس اتحاد الكـتّـاب العرب، والاتحاد العـام للـكُـتّـاب العرب و الفلسطيـنـيّـيـن، و أسّـس صحيفة «كلّ العرب».

لم يخشَ القاسم الموتَ، وكأنـّـه أحسّ بقربه منه، فواجَـهَـه بقوله:

"أنـا لا أحبـّك يا موت

لكنـّنـي لا أخافك

أعلمُ أنّى تضيق عليّ ضفافك

وأعلمُ أن سريرك جسمي

وروحي لحافُـك

أنا لا أحبـّـك يا موت

لكنـّنـي لا أخافك"