العمارة والتشييد > العمارة المستدامة

المدينة الخالية من الكربون في واحة النفط

تُعرف مدينة مصدر-بحسب المصادر الإماراتية- بأنَّها مركز عالمي ناشئ للطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة، التي تضع الشركات القائمة في أبو ظبي في قلب هذه الصناعة العالمية، وهي مدينة عربية تتناغم مع محيطها وبيئتها، شأنُها في ذلك شأن المدن العربية التي سبقتها. وتُعدُّ بذلك نموذجاً للتنمية العمرانية المستدامة إقليمياً وعالمياً، وتسعى لأن تكون مشروعاً مُجدياً قابلاً للحياة من الناحية التجارية، يوفر أفضل بيئة للحياة والعمل بأقل ضرر بيئي ممكن.

الهدف الأساسي لإنشاء مدينة مصدر هو التقليل من الانبعاثات الكربونية الناتجة عن المدن، إذ أنَّ نصف سكان الكرة الأرضية الآن يعيشون في المدن، وهي إحصائية قابلة للزيادة إلى 70% بحلول عام 2030.

وحسب رأي القائمين على هذه المدينة فإنَّ تحقيق أي تطوير حضري مستدام أو إعادة تطوير حضري مستدام يتطلب تركيزاً فريداً على عناصر ومجالات التصميم والتطوير والتشغيل جميعها، وأهم خمسة عناصر هي: التخطيط والتصميم، والطاقة، والمياه، والنقل وسلاسل التوريد.

إنَّ أكثر ما يلفت الانتباه في هذا الموضوع هو بناء مدينة من هذا النوع من قبل دولة تُعدُّ من أكبر الدول المنتجة للبترول في العالم، ويتحدثُ الدكتور سلطان أحمد الجابر المدير التنفيذي لمدينة مصدر في مقابلة مع موقع "Living On Earth" عن المشروع حسب وجهة النظر الإماراتية:

إنَّ المدينة لها من الاسم المعنى الكبير، فهي "المصدر" أي المصدر الأساسي للطاقة، وعلى الرغم من أنَّ للإمارات العربية المتحدة دوراً مهماً وفعالاً في إنتاج الوقود العضوي على مستوى العالم، لكنَّها تسعى إلى إيجاد حلول لطاقة بديلة تتناسب مع احتياجات العصر وتكون ذات تأثيرات منخفضة على البيئة قدر الإمكان، وتهدف المدينة لتكون نموذجاً لمدن أخرى مستقبلية في أنحاء العالم، وتكون متوازنة من حيث إنتاج ثاني أكسيد الكربون وغير منتجة للنفايات في الوقت نفسه.

وتهدف المدينة كمصدرٍ أساسي للطاقة لاستخدام الخلايا الكهروضوئية في إنتاج الطاقة، مُستغلَّة الأشعة الشمسية في ذلك، فمدينة بحجم مدينة مصدر ستحتاج لطاقة تقدر بـ 850 ميغاواط إذا ما استخدِمَت الأساليب التقليدية في البناء والتخطيط، لكن العمل الأساسي كان تخفيض هذه الاحتياجات لتصل إلى 220 ميغاواط فقط.

أما بالنسبة للمواصلات، فيمكن الاستغناء عن أنواع المواصلات التقليدية كافة كالسيارات، إذ ستكون المدينة مبنية على منصة تحتوي بدورها على أنواع المواصلات الضرورية كافة من قطارات كهربائية تصل المدينة بعضها ببعض، وتصل أيضاً المدينة بمركز مدينة أبو ظبي ومطارها، وسيُسمَحُ باستخدام السيارات النظيفة (الكهربائية) للاستخدام الشخصي، وإنشاء محطة إنتاج للطاقة بإنتاجية تصل إلى 10 ميغاواط للمساعدة في تقليل الانبعاث الكربوني خلال مراحل الإنشاء.

الفكرة الثانية الأساسية في المشروع هو إعادة التدوير، أي إعادة استخدام المواد الأساسية المستخدمة سابقاً بأساليب تُمكننا من تحقيق استفادة قصوى منها. وعلى سبيل المثال يُخطَط لإعادة تدوير 80% على الأقل من المياه المستخدمة وإعادة استعمالها لريِّ المساحات الخضراء الموجودة في المدينة، ويُستفاد من النفايات القابلة للتحول إلى أسمدة عضوية في المجال نفسه، بتكلفة إجمالية تصل إلى 22 بليون دولار موزعة على ثمان سنوات وسبع مراحل، ويُعمَل اليوم على بناء مدينة مصدر التي من المتوقع أن تكون مجدية من الناحية الاقتصادية والبيئية في آن واحد.

هل من الممكن أن تتحقق أهداف هذه المدينة بحسب ما هو مخطط لها؟ ما هي درجة الوعي المطلوب توفرها عند سكان هذه المدينة ليستطيعوا التكيف مع أساليب حياة جديدة كلياً ومختلفة عن الموجودة خارج حدود هذه المدينة؟ أم أنَّ المشروع الحلم سيفشل وسيُستخدم وسائل الطاقة التقليدية في النهاية؟ الزمن سيحمل الجواب.

المصادر:

هنا

هنا

هنا