الفيزياء والفلك > علم الفلك

اكتشاف أبعد "العدسات التثاقلية" في الكون حتى الأن

اكتشف علماء الفلك وباستخدام التلسكوب الفضائي Hubble ابعد مجرة من المجرات التي تنتمي إلى ما يعرف بالعدسات التثاقلية. وهي المجرات التي تؤدي كتلتها الضخمة إلى انحناء الضوء القادم من المجرات التي خلفها بحيث تنحرف وتتضخم صورة المجرة الأبعد. حيث تتنبأ نظرية النسبية العامة بهذا التأثير. وقد حطمت المجرة الاهليلجية المكتشفة الرقم القياسي السابق بمسافة 200 مليون سنة ضوئية.

من النادر جداً إيجاد مثل هذه المجرات ضمن حيز صغير جداً من السماء لدرجة أنه يجب مسح مناطق كبيرة جدا من الفضاء لإيجاد واحدة فقط.أما المجرة الواقعة خلف العدسة التثاقلية هي مجرة لولبية صغيرة تمر بمرحلة نشيطة من تشكل النجوم. استغرق ضوء هذه المجرة 10.7 مليار سنة للوصول إلى هنا (أي انها فعليا كانت تمر بهذه المرحلة النشيطة من تشكل النجوم قبل 10 مليارات عام من الان).

تحديد المزيد من مجرات العدسات التثاقلية سيقدم لنا نظرة أعمق عن كيفية تشكل المجرات عندما كان الكون فتيّاً وكيف أصبحت لاحقا هذه المجرات التي نراها الان والتي تسيطر المادة المظلمة على مكوناتها. ومع أن المادة المظلمة لا يمكن رؤيتها حالياً ولكنها تمثل الجزء الأكبر من مادة الكون (بفرض أنها موجودة طبعاً).

تقول قائدة فريق البحث Kim vy tran " عندما تبحث في الكون الفتيّ قبل أكثر من 9 مليارات سنة مضت فلن تتوقع أن تجد هذا النوع من المجرات."

استخدم الباحثون في الفريق عدسات الجاذبية لقياس الكتلة الكلية لهذه المجرة بما في ذلك كمية المادة المظلمة فيها من خلال قياس انحراف الضوء القادم من المجرة الأبعد . تبلغ كتلة المجرة الأمامية 180 مليار مرة من كتلة شمسنا .وهي مجرة ضخمة بالنسبة لعمرها كما أنها واحدة من المجرات الأكثر بريقا من مجموعة مجرات بعيدة تدعى IRC218.

يعتقد أعضاء الفريق بان هذه المجرة استمرت بالنمو خلال التسعة مليارات سنة مكتسبة المزيد من النجوم والمادة المظلمة من خلال "ابتلاع" مجرات مجاورة لها.

تقترح بعض الدراسات الحديثة أن المادة المظلمة في هذه المجرات تزداد أكثر من النجوم خلال نمو حجمها . كان علماء الفلك يعتقدون أن المادة المظلمة والمادة المرئية تبقيان متساويتين في المجرة بمرور الزمن لكنهم الآن يعلمون أن النسبة مابين المادة المظلمة والعادية تتغير بمرور الزمن. ستنمو المجرة المكتشفة حديثاً لتصبح كتلتها أكبر من كتلة مجرتنا وستكون نسبة المادة المظلمة فهيا أكبر أيضاً.

كان فريق البحث في الأساس يدرس عملية تشكل النجوم في مجرتين بعيدتين عندما عثروا بالصدفة على هذا الاكتشاف. فعندما كانوا يحللون البيانات الطيفية بواسطة تلسكوب W.M.Keck في هواي لاحظت Tran اشارة قوية لوجود الهيدروجين قادم من المجرة الأهليلجية. ومع أن هذه الاشارة تدل على تشكل النجوم الذي يحدث عادة في المجرات الفتية فقد أشارت الدراسات السابقة للمجرة الأهليلجية أنها كانت مجرة قديمة توقفت فيها الحالات النشيطة لتشكل النجوم. كما أن هذه النجوم الحديثة المتشكلة بدت كأنها أبعد من المجرة الاهليلجية. كانت Tran متفاجئة وقلقة وظنت أن فريقها ارتكب خطأً كبيراً. ولكنها أدركت الموضوع حين نظرت لصور تلسكوب هابل لهذه المجرة حيث أظهرت الصورة شكلا أزرق اللون منحني كالحاجب حول نقطة مشوهة المعالم بجانب المجرة الاهليلجية. وعندها عرفت Tran أن هذه الاشكال الغريبة تعود لمجرة أبعد وقد أدى أثر العدسات التثاقلي للمجرة الاهليلجية لتشويه صورتها وتضخيمها. كما أن أرصاداً ثانية بواسطة أجهزة أخرى محمولة على تلسكوب هابل أكدت هذا الاستنتاج.

مع أن المجرة البعيدة كانت اصغر وأبعد من أن يتمكن تلسكوب هابل من تحديد بنيتها فقد تمكن الفريق من تحليل توزع الضوء القادم منها لتحديد أنها مجرة حلزونية. بالإضافة لذلك فالمجرات الحلزونية كانت أكثر شيوعا في تلك الفترة من عمر الكون (أي قبل عشرة مليارات عام).

تستمر Tran وفريقها بدراسة تشكل النجوم في عناقيد المجرات ولكنها خلال ذلك ستستمر بالبحث عن المزيد من آثار العدسات التثاقلية.

المصدر: هنا

حقوق الصورة: NASA، ESA، K.-V. Tran (Texas A&M University)، and K. Wong (Academia Sinica Institute of Astronomy & Astrophysics)

البحث المنشور في مجلة The Astrophysical Journal Letters.

هنا