الفنون البصرية > فن وتراث

أدهشنا يا آندي وارهول !

هل سمعتم يوماً بالفن الشعبي؟

هل تخيلتم يوماً أن علبة حساء مُستهلكة مصيرها الطبيعي أن تُرمى في سلّةِ المُهملات قد تتحول لتُصبح موضوعاً لِلوحة فنّية !

آندي وارهول فنان أمريكي شهير بل يمكن وصفه بأنّه واحد من أكثر الفنانين شُهرة في القرنِ العشرين. اُعتُبِرَ ملك الفنّ الشعبي أو ما يُدعى بالـ بوب-آرت، اُشتُهِر لِخلطِهِ الفن الرّاقي بالإنتاج التِجاري الهابط . قدرته العجيبة تتجلّى في جعل أشياء استهلاكية قد لا نوليها أي اهتمام، موضوعاً للوحات تباع بملايين الدولارات. هل تصدقون ذلك ؟!

فلنتمعن النظر بهذا الرجل بقامتِه النحيلة وشعرهِ الرّمادي المُستعار وبدلته الكشميرية السوداء؟!

اسمه الحقيقي آندرو وارهولا، ولد في ولاية بنسلفانيا في عام 1928 ليستقرَّ لاحقاً في نيويورك بعد أن أنهى دراسته للرسم والنحت .

بدأ عملهُ على صفحات مجلّات شهيرة مثل " هاربرز بازار" و "غلامور" و "نيويورك تايمز" .استطاع الشاب اليافع المبتدئ أن يطلق نتاجه الأولي كاشفاً عن موهبةٍ استثنائية لِرسام مُبدع تدل على طابع مميز ومتفرد...و مجنون !

منهجه العملي جنوني وعبقري في آن معاً حيث فوّض مساعديه بالقيام ببعض أطوار إنتاجه الفني، بل أنّه حتى كان يقوم بتنظم حفلات تلوين ! حيث كان يجمع عدد من أصدقائه للمشاركة في تلوين العديد من نتاجاته .

لم تكن منهجيته في العمل مُتبعة سابقاً. إلهامه كان يتجلى في تمزيق الصحف، كذلك الصور المأخوذة بآلة الفوتوماتون، ليقوم بالتلاعب بالصور، تكبيرها، تكريرها، تركيبها على بعضها البعض، ومن ثم قصّها وتعديلها ..لتصبح تحفة فنّية بفضل هذهِ التّقنيات ولينتج كمية هائلة من اللوحات والمنحوتات .

عام 1962 أخذ وارهول طريق آخر في الفن بتحويل صور نجوم السينما المعاصرين إلى لوحات.

بعيداً عن وارهول الفنان فهو العاشق للسينما منذ طفولته،و قد حان الوقت ليخرج شغفه إلى أرض الواقع محولاً الصور إلى أيقونات، فكانت سلسلة كبيرة من صور المشاهير كمارلين مونرو وألفيس بريسلي وإليزابيث تايلور وهذا ما حصل بالفعل حيث تحوّلت وجوه عدّة نجوم إلى صور مطبوعة على شكل بورتريهات، تمَّ التلاعب بها بطريقته الخاصة المميزة .

وقد تزايد الطلب على بورتريهات النجوم بشكل كبير ليتجه لاحقاً إلى إنتاج رموز سياسية كأيقونات، منها صورة لافته للزعيم ماو تسي تونج .

سلسلته المُسمّاة "نكبة" والتي عمل عليها ما بين عامي 1962 و 1967جاءت كرد فعل تجاه المفهوم المادي في الحياة اليومية، حيث قام وارهول بالتفتيش في أرفف محال الخردوات، جاعلاً من علب طعام قام ،بإعادة تصميمها وتقديمها، لوحات تشير إلى العقلية الاستهلاكية الامريكية. منها عمله الشهير (حساء كامبل) الذي أثار ضجة كبيرة في عالم الفن.

مُحترفه الذي أطلق عليه لقب "المصنع" أصبح قبلة لكل الفنانين والمشاهير . لاحقاً تحول "مصنعه" إلى استوديو سينمائي قام به بتصوير أفلام خارج النطاق التقليدي للمناهج السينمائية وقد كسر قيود البنية الروائية أو السيناريو .

سلسلة أخرى أنجزها آندي دعاها بـ : الموت والكارثة" والتي رسمها خلال فترة سيئة كان قد عانى فيها من مآسي عدّة كالحادث الذي نجا منه بأعجوبة ومحاولته الفاشلة في الإنتحار .

لم تكن لوحات آندي الجامحة هي فقط ما يميزه . الفنان اشتهر بتعليقاته وآرائه المُستفزّة كقوله : " إن التجارة الجيدة هي الفن الأفضل"، أو " لو فكر الإنسان ملياً، فسيكتشف أن ثمة أوجه شبه كبيرة بين مراكز التسوق أو المحلات التجارية الكبيرة والمتاحف" .

تمَّ بيع لوحته" مارلين الفيروزية" ، ولوحته "سيارة خضراء محترقة" بملايين الدولارات .

يحلو للبعض تسمية فن آندي وارهول بـ: اللا فن. لكن لا أحد يستطيع إنكار أن هذا المدهش الموهوب والمتعدّد الاهتمامات أصبح أيقونة لما يُسمى "الفن الشعبي" أو البوب آرت وهو أول من أزال الفوارق بين الفنون التشكيلية والفنون التجارية التي توجد في رسوم المجلات والكتب الهزلية والحملات الدعائية .

إثر مضاعفات عملية جراحية توفي آندي وارهول عام 1987 و دُفن ببدلته الكشميرية الشهيرة وباروكته الفضية .

كان عام 1988 موعداً لأول مزاد علني لأعماله الفنية التي استغرقت عشرة أيام وعاد ريعها لمؤسسة وارهول للفنون البصرية . لاحقاً في عام 1989 تم افتتاح متحف خاص بأعمال وارهول.

المصدر :

هنا

هنا