الفنون البصرية > فن وتراث

جاكسون بولوك، قصة فن و لون.

"عندما أرسم لا أكون واعياً لما أفعلهُ أو لِما يدور حولي.. إنّها مجرد مسألة وقت لأنتبه إلى ما أنتجته من فن. ليس لديّ مخاوف من تعديل اللوحة بعد الانتهاءِ منها فاللوحة في رأيي تمتلك عمر خاص بها" .

يُعد جاكسون بولوك واحداً من الفنانين الذي لم ينالوا أي تقدير خلال حياتهم تماماً كحال "فان كوخ"، و رغم أن مجلة "لايف" الأمريكية نشرت عنهُ موضوعاً رئيسياً عام 1947 تحت عنوان: (هل هو أكبر الفنانين الأحياء في الولايات المتحدة؟)، لكن قُدّر لهذا الفنان أن يرحل عنّا مغموراً رغم هذا الاعتراف الصّريح بموهبتهِ الاستثنائية ومكانته المتفرّدة .

من هو جاكسون بولوك ؟! إنّه أحد أكبر الفنانين العالميين الأكثر تأثيراً في الأجيال اللاحقة من التشكيليين في السنوات الخمسين الماضية. خَلَق أسلوباً "ثورياً" ساهم في تحرير الفن من قيوده التقليديه وأطره الأكاديمية حتى قيل فيه من قِبل النّقاد: " إنّه فنان تقوده شياطينه الخاصة".

لربّما كانت شياطينه تلك هي حياته البائسة التي عاشها منذ طفولته، ولِد جاكسون بولوك بمدينة كودي بولاية وايومينغ الأمريكية،وهو المولود الأصغر لِعائلة فقيرة مؤلّفة من خمسة أبناء. دخل مدرسة الفنون الجميلة في كاليفورنيا ولكنه لم يلبث أن تعرّض للفصل منها. وفي عام 1930 انتقل للعيش في نيويورك وقام بدراسة الفن هناك مع أخيه تشارلز بولوك. كانت طفولته تتسم بالبؤس والمعاناة، جعلت مرض الإكتئاب رفيقه منذ الطفولة.

في عام 1945 تزوج بولوك من الفنانة لي كرازنر التي أصبحت عاملاً مؤثراً كبيراً في حياته وإرثه الفني.

تأثر في مطلع حياته الفنية بالفنان التكعيبي الكبير بابلو بيكاسو، كذلك وَلِعَ بفنون الهنود الحمر وأساطيرهم ورموزهم لتشكيلية، كل ذلك كان جلياً في لوحاته التجريدية الخصبة.

كان أسلوبه يرتكز على عدم استخدامه للريشة أو المرسم الخشبي الذي يستعمله الفنانين أثناء عملهم بل مدد لوحاته أرضاً وسكب الألوان السائلة عليها من الأعلى لتصنع بقعاً وخطوطاً وأشكالاً غير مألوفة تتداخل مع بعضها البعض، مُستخدماً في تنفيذ لوحاته السكاكين والعصيان وقطع من الخيش متعددة المساحات، ومزج ألوانهُ في كثير من الأحيان بمواد متنوعة وغريبة كقطع زجاجية أو حبيبات رمل أو مواد صلبة مختلفة قبل أن يسكبها علي سطح اللوحة ليحصل في النهاية علي مزج لوني جديد يستطيع أن يوظفه بشكل يتواءم مع أسلوبه الحركي المبتكر، كما قام بتطوير هذه التقنية أو ما تسمى بال dripping art ليصبح من أشهر الفنانين في هذه التقنية .

يقول بولوك في وصف رؤيته للوحة :"ثمّة لحظة يبدو فيها قماش اللوحة الجاهز أمام الرسامين الأمريكيين مثل حلبة صراع مكشوفة لحركتهم، بدلاً من أن يتراءى لهم كمساحة منبسطة للعمل فوقها، أو التعبير بها عن موضوع ما أو شيء ما، حقيقي أو خيالي، هذه اللحظة تُظهر أن الموضوع الذي يجب أن ينتقل إلى اللوحة هو فعل الحركة، وليس صورة واقعية أو متخيلة".

قد يظن البعض أن بولوك يرمي ألوانه بشكل عفوي، لكن ما يؤكده بولوك أنّهُ لا مكان للعفوية وعدم النظام في لوحاته.

" إنني أستطيع أن أتحكّم في حركاتي أثناء الرّسم ، ليس هنالك مجال للصّدفة".

في ظل الفوضى والكحول، وفي إحدى أمسيات الصيف من عام 1956 تعرض جاكسون بولوك لحادث مروع أودى بحياته وحياة امرأة عابرة.

المصدر :

هنا

هنا

هنا