الفيزياء والفلك > فيزياء

فيزيائيون يقيسون التفاعل المغناطيسي بين إلكترونين منفردين

تخيل أن تحاول قياس قطر كرة تنس تقفز بجنون ولمسافات تبلغ مليون ضعف قطر الكرة نفسها. إن قفزات الكرة العشوائية لهذه المسافة الضخمة ستجعل القياس يتأثر ويتشوش و

لكن إذا تم تعليق جهاز القياس بالكرة وأصبحا يقفزان معا لن يشعر الجهاز بالتشويش من المسافة التي تقفز فيها الكرة.

نُشر مؤخرا في مجلة Natute أن فيزيائيين في معهد Weizmann للعلوم استخدموا مفهوماً مشابهاً لقياس التأثير بين أصغر ما يمكن ندعوه مغناطيس في كوننا - وهي الالكترونات - بعد عزل التشويش المغناطيسي الناتج عن العوامل الخارجية والأقوى بمليون مرة من شدة الاشارة التي يحاولون رصدها.

تملك الالكترونات خاصية اللف الذاتي (spin) (أي يمكن تشبيهها بكرة مشحونة تدور حول نفسها ولو انها ليست كذلك تماماً) ويتشكل بسبب جهة هذا الدوران قطبين مغناطيسيين متعاكسين بحيث يمكننا أن نشبه الإلكترون بقضيب مغناطيسي صغير جدا. والسؤال هو : هل تتصرف الالكترونات مثل قضبان المغانط العادية حيث تجذب الأقطاب المختلفة بعضها البعض؟

يعتبر الكشف عن التأثير المغناطيسي المتبادل بين ألكترونين منفردين تحدياً كبيراً فعندما تكون الالكترونات قريبة من بعضها - كما هي فعلا في المدارات داخل الذرة - تكون هناك قوى أخرى مسيطرة تمنع الكشف عن القوة المغناطيسية.

وفي المقابل، عندما يتم إبعاد الالكترونات عن بعضها تصبح القوة المغناطيسية هي المسيطرة ولكنها ضعيفة جدا لدرجة انه سوف يطغى عليها التشويش المغناطيسي الخارجي المنبعث من شبكات الكهرباء أو أدوات المختبر أو حتى من الحقل المغناطيسي الأرضي.

نجح العلماء بتخطي هذه العقبة من خلال استخدام حيلة من عالم الحوسبة الكمومية (الحواسيب التي تعتمد على ميكانيكا الكم لمعالجة البيانات) ، حيث تستخدم هذه التقنية لحماية المعلومات الكمومية من التشويش الخارجي. ويتم فيها جعل الكترونين مرتبطين ببعضهما بحيث تكون جهة اللف الذاتي لكل منهما بعكس الاخر وبذلك تكون محصلة الخواص المغناطيسية (أو العزم المغناطيسي) لزوج الالكترونات معدوماً مما يجعل زوج الالكترونات لا يتأثر بالتشويش المغناطيسي الخارجي.

ولتطبيق ذلك قام العلماء بصنع ما يسمى بالفخ الكهربائي احتجزوا فيه الكترونين مرتبطين بذرتيّ سترونيوم تم تبريدهما لدرجة قريبة من الصفر المطلق، ويفصل بينهما 2 ميكرو متر (جزء من المليون من المتر). تعتبر هذه المسافة ضخمة جدا في عالم الذرات، مما يجعل الأثر المغناطيسي بين الإلكترونين ضعيفاً جداً. إلا أنه بفضل عزلتهما المغناطيسية عن الخارج يمكن قياس هذا الأثر الصغير بدقة.

أظهرت القياسات أن التفاعل المغناطيسي للإلكترونات هو تماما كالتفاعل بين قطع كبيرة من المغناطيس. تتنافر الأقطاب المتشابهة مع بعضها، وتؤدي للدوران حول محورها إلى أن تلتقي الأقطاب المتعاكسة.

يتطابق ذلك مع النموذج المعياري (النظرية السائدة حاليا عن المادة).وكما كان متوقعاً أيضاً تضعف القوة المغناطيسية تبعا لمكعب المسافة الفاصلة بين الإلكترونين.

وبالإضافة إلى أن أسلوب القياس هذا قد كشف عن مبدأ أساسي في فيزياء الجسيمات ، فقد يكون مفيداً أيضاً في مجالات عديدة، كتطوير الساعات الذرية، أو دراسة أنظمة كمومية ضمن أوساط عالية التشويش.

المصدر: هنا

حقوق الصورة: Dr. Roee Ozeri، Weizmann Institute of Science