الكيمياء والصيدلة > كيمياء

سلسلة الفلور - الحلقة الخامسة - فلورة مياه الشرب

ينجم عن التسمّم بالفلوريد مجموعةٌ متنوعةٌ من العلامات والأعراض*. في الولايات المتحدة، ينتج التسمم الفلوري في معظم الأحيان نتيجة البلع (بغير قصد أو بشكل متعمّد) للمنتجات المحتوية على الفلوريد. كما عُثِر في أجزاء كثيرة من العالم، مثل الهند والصين، على مستويات مرتفعة من الفلوريد في المياه الجوفية ممّا أدّى إلى حالات سمّية مزمنة بالفلوريد، ووُجدت مستويات من الفلوريد يحتمل أنها سامّة في مياه الآبار في الولايات المتحدة.

يوجد الفلوريد في العديد من المنتجات المنزلية الشائعة، منها:

• معجون الأسنان

• الفيتامينات

• المكمّلات الغذائية (مثل فلوريد الصوديوم)

• مستحضرات تنظيف الكروم (تستخدم هذه المستحضرات في تنظيف عجلات السيارات المصنوعة من معدن الكروم، مثل مادة ثنائي فلوريد الأمونيوم)

• المبيدات الحشرية ومبيدات القوارض (مثل فلوريد الصوديوم)

حدثت معظم حالات التسمم الحاد الفلوري الخطيرة عبر التاريخ بسبب الابتلاع غير المقصود للمبيدات الحشرية أو مبيدات القوارض.

عادةً ما تبدأ أعراض الإصابة بالتسمم في غضون دقائق من التعرّض ولكنها قد تتأخر. تظهر أعراض سمّية الفلوريد غالباً في الجهاز الهضمي، ولكن قد تظهر آثار عصبية أو قلبية وعائية أيضاً.

ليست هناك اختباراتٌ متاحة لقياس مستويات الفلوريد في أقسام طوارئ المستشفيات عادةً، لذلك يتم تقييم المرضى المشتبه بتسمّمهم بالفلوريد حسب الأعراض الناجمة عن التسمّم، ويمكن أن تشمل الاختبارات ما يلي:

• مخطّط كهربيّة القلب (ECG)

• فحص مستوى السكر بالدم بوخز الإصبع**.

• مستويات الكهارل بالدم (مثل مستويات الكالسيوم والبوتاسيوم والفوسفات والصوديوم).

لا يوجد ترياق نوعي لعلاج التسمّم بالفلوريد، كما أنّ الفحم النباتي المنشّط لا يفيد حيث لا تلتصق على سطحه جزيئات الفلوريد***، لذلك يقتصر العلاج على غسيل المعدة وتصحيح أو معادلة مستويات الكهارل (الشوارد) بالدم.

الفيزيولوجيا المرضية pathophysiology (تأثير التسمّم بالفلوريد على وظائف أعضاء الجسم):

تحصل سمّية الفلوريد بعدّة آليّات.

عند ابتلاع الفلوريد يكون الجهاز الهضمي عادةً هو الجهاز الأسرع والأكثر تأثّراً؛ إذ يشكّل الفلوريد الذي تم ابتلاعه حمض الهيدروفلوريك في المعدة، مما يؤدّي الى تهيج الجهاز الهضمي و تآكله.

ولدى امتصاصه، يرتبط الفلوريد بأيونات (شوارد) الكالسيوم مؤدّياً إلى نقص كالسيوم الدم hypocalcemia.

للفلوريد أيضاً أثرٌ مباشر سامٌّ للخلايا، كما يتداخل مع عدد من الأنظمة الأنزيمية.

وبسبب تثبيطه لعمل مضخّة الصوديوم/البوتاسيوم (التي تحافظ بالحالة الطبيعية على إدخال البوتاسيوم إلى الخلايا وإخراج الصوديوم منها بنسب تضمن الإبقاء على نسب ثابتة من كلا الشاردتين داخل وخارج الخلية الحية) مما يؤدّي إلى فرط بوتاسيوم الدم نتيجة تحرير البوتاسيوم إلى خارج الخلايا.

كذلك يثبّط الفلوريد أنزيم أسيتيل كولين أستيراز؛ وربما يُعزى إلى ذلك حدوث فرط إفراز اللعاب والتقيؤ والإسهال عند المصاب (وهي من العلامات الكولينرجية أو كولينيّة الفِعل).

قد تنجم النوبات الاختلاجية (الصرعية) عن نقص مغنيزيوم الدم ونقص كالسيوم الدم على حدّ سواء.

تؤدي سمية الفلوريد الشديدة إلى فشل أعضاء متعدّد، وقد يحدث انخفاض في أقطار الأوعية الدموية المركزية (central vasomotor depression)، إضافة إلى سمّية قلبية مباشرة. ينتج الموت في الغالب إمّا من شلل الجهاز التنفسي أو خلل النَظْم (للقلب أو الدماغ) dysrhythmia أو الفشل القلبي.

العوامل المسبّبة للحالة:

النوع الأكثر شيوعاً من التعرض للتسمّم بالفلوريد هو تناول المنتجات التي تحتوي على الفلوريد. لذلك فمن المهم جداً إعطاء الاسم الدقيق للمنتَج والكمية المبتلَعة منه.

يحتوي معجون الأسنان على 1ملغ/غ من فلوريد الصوديوم**** بصيغة sodium monofluorophosphate "أحادي فلوروفسفات الصوديوم"، وهي صيغة منخفضة الذوبان عموماً وغير سامة. عادةً ما تقتصر التأثيرات السامة لابتلاع كميات كبيرة من المنتجات التالية على الانزعاج الهضمي:

• معجون الأسنان

• منتجات العناية بصحة الفم

• مبيدات الحشرات

• مبيدات القوارض

• المكمّلات الغذائية

• منتجات تنظيف عجلات السيارات

المآل Prognosis (أو الإنذار، أي كيف ستتطور الحالة وماذا سينجم عنها):

قد تنجم الوفاة عن تناول ما لا يزيد عن 2 غرام من الفلورايد عند البالغين، و 16 ملغ/كغ (16 مغ فلوريد لكل كغ من وزن الجسم) عند الأطفال. يمكن أن تظهر الأعراض عند تناول 3-5 ملغ/ كغ من الفلورايد. وتُقدَّر الجرعة السامة لابتلاع الفلورايد ب 5-10 ملغ/كغ. أما الجرعة القاتلة فتساوي تقريباً 5-10غ (32-64 مغ/كغ) لدى البالغين، و 500 ملغ لدى الأطفال الصغار.

تمّ التبليغ عن وقوع حالة وفاة واحدة، بسبب ابتلاع معجون الأسنان بالفلورايد، للجمعية الأمريكية لمراكز مكافحة السموم في عام 2002. ولم يُبلَّغ عن وقوع وفيات في عام 2011.

الهوامش:

*العلامات signs والأعراض symptoms: هي أدوات تشخيصية تساعد الطبيب أو مختص الرعاية الصحية في تحديد حالة المريض؛ فيمكن تعريف العلامة على أنّها دليل موضوعي على وجود المرض أي يستطيع أن يلاحظه الطبيب أثناء فحص المريض، في حين يكون العَرَض دليلاً ذاتياً للمرض أي يشعر به المريض. وبهذا نقول أنّ الألم هو عَرَض لأن المريض هو الذي يخبر الطبيب بوجوده، ولكن توسّع حدقة العين أو احمرار الوجه هي من العلامات وليس الأعراض لأنها تلاحَظ لدى رؤية المريض.

(المصدر: هنا)

** كما في اختبارات السكري المنزلية، حيث تؤخذ قطرة دم بعد وخز إصبع المريض وتوضع ضمن أداة القياس للحصول على رقم هو تركيز السكر بالدم (المدقّق).

***يُعرف أنّ الفحم النباتي المنشَّط activated charcoal هو أحد الوسائل العلاجية المستخدمة في علاج عدد من- وليس كل- حالات التسمم، عن طريق تناول المصاب لمحلول يحوي هذه المادة حيث تدمصّ adsorb (أي تلتصق وتُمتصّ) جزيئات الدواء أو المادة السامة على جزيئات الفحم، ثم تطرح من الجسم عن طريق الأمعاء طارحةً معها المادة السامة أو جرعة الدواء الفائضة. ولكنّ عدداً من المواد لا تلتصق على جزيئات الفحم النشيط كما يجب وبالتالي لا يفيد في هذه الحالات، كما في التسمم بالحديد أو الليثيوم أو الحموض المعدنية (المدقّق).

****أي يوجد 1مغ فلوريد في كل اغ (=1000مغ) من معجون الأسنان، وبالتالي إذاابتلع الشخص كمية تساوي 20 غ من المعجون يكون قد أخذ 20مغ فلوريد.

المصدر:

هنا

مصدر الصورة: wikimedia by Dozenist