البيولوجيا والتطوّر > بيولوجي

الديناصورات من ذوات الدم الحار أم البارد؟

هل كانت الديناصورات من ذوات الدم الحار أم الدم البارد؟ أم أنها لا تنتمي إلى أيٍّ من هاتين الفئتين!؟ ما الذي كسبته الديناصورات من ذلك؟ وكيف توصل العلماء إلى نتائجهم؟ فلنتعرف على إجاباتٍ ممتعة في هذه المقالة.

مشكلة العظام الأحفورية أنها لا تقدم لنا معلومات كافية عن معدل الاستقلاب ودرجة حرارة الدم وقد ساد اعتقاد بأن معدلات استقلاب أجساد الديناصورات كانت بطيئة نظراً لحركتها المتثاقلة. ثم شاهدنا الديناصورات على شاشات السينما تطارد سيارات الدفع الرباعي، فما هي الحقيقة إذن ؟!

وفقاً لدراسة حديثة فإن معدل الاستقلاب لدى الديناصورات ليس بطيئاً كما هو في السمندل و ليس سريعاً كما في الطيور فهو يعتبر وسطاً بينهما.

تدعى الكائنات ذات درجة الحرارة الثابتة Endotherms بذوات الدم الحار (مثل البشر والطيور) فإذا ما خسرت كمية كبيرة من الحرارة يزداد معدل الاستقلاب لديها لتعويض النقص الحاصل .

أما النوع الآخر فهو الكائنات فهو الكائنات ذات درجة الحرارة المتغيرة Ectotherms ذوات الدم البارد (وهو مصطلح غير دقيق تماماً) التي تحتاج إلى مصدر خارجي لتنظيم درجة حرارة جسمها كالأفعى، ارمها مثلاً على طريق حار فتصبح متأهبة وسريعة الهجوم بينما تسترخي و تتكاسل إذا وضعتها في مكان مثلج.

لكن هذا التصنيف الثنائي ليس صحيحاً تماماً إذ يوجد دائماً حالة وسط وقد تكون الديناصورات أول من لعب هذا الدور، ويمكن أن نطلق عليها ذوات الدم الفاتر Mesotherms.

ومن الأمثلة الأخرى على الحيوانات ذوات الدم الفاتر غير المنقرضة: سمك التونة والسلحفاة البحرية الكبيرة والقنفذ آكل النمل (echidna) وبعض أنواع سمك القرش.

يبقى السؤال كيف تمكن العلماء من معرفة أن الديناصورات ذوات دم فاتر؟

قام فريق علمي بابتكار طريقة جديدة لتحليل الاستقلاب عند الحيوانات المنقرضة وذلك من خلال النظر ليس فقط إلى معدل نموها بل إلى معدل الاستقلاب التقديري المعتمِد على تغيرات حجم الحيوان أثناء تطوره وصولاً إلى البلوغ.

إذ استخدموا قاعدة بيانات مقارِنة لطيف واسع من الفقاريات المنقرضة وغير المنقرضة (381 حيوان من بينها 21 ديناصوراً) لتحليل العلاقة بين النمو ومعدل الاستقلاب.

ولتحديد معدل النمو عند الحيوانات المنقرضة درسوا حلقات النمو السنوية في العظام الأحفورية (الشبيهة بحلقات النمو عند الشجر) ثم أثبتوا أن الحيوانات التي تنمو بسرعة أكبر تحتاج طاقة أكبر وتكون درجة حرارة جسمها أعلى. وهكذا بناءً على تقدير معدل النمو تمكن العلماء من حساب معدلات استقلاب الديناصورات.

خلصت الدراسة إلى أن معدل الاستقلاب عند الديناصورات يقارب معدل الاستقلاب عند ذوات الدم الفاتر الموجودة حالياً والتي تعتمد على الحرارة المنتجة ذاتياً عن طريق الاستقلاب من أجل المحافظة على درجة حرارتها خلال المناخات المختلفة ولكن إلى حد معين، فهي ليست ذوات دم حار ولا تستطيع ضبط حرارة جسمها عند درجة معينة دائماً و على سبيل المثال؛ القنفذ آكل النمل يعتمد على الاستقلاب ليبلغ درجة 31 مئوية ولكن درجة حرارته ليست ثابتة بل تتراوح بين ( 21-41 مئوية).

ما يثير الاهتمام أن الديناصورات المكسوة بالريش والطيور البدائية نمت بصورة أبطأ من سلالاتها اللاحقة (الطيور الحديثة). استغرق الـ Archaeopteryx (الذي يعتبر أول الطيور الصغيرة و المنحدر عن ديناصور) عامين ليصل إلى البلوغ في حين يستغرق الصقر الأحمر الذيل (الذي له نفس الحجم تقريباً) ستة أسابيع فقط، و رغم أن الديناصورات لم تنمُ بنفس سرعة نمو الطيور الحديثة والثدييات لكنها نمت بصورة أسرع من الزواحف الحديثة.

ماذا استفادت الديناصورات من كونها ذوات دم فاتر؟

من المحتمل أن الديناصورات ذوات الدم الفاتر كانت مفترسات أسرع و أشد فتكاً وذلك نظراً لاستهالكها المرتفع للطاقة وربما كانت لذلك أقدر على تجنب الأخطار من الزواحف الضخمة التي عاشت في بداية العصر الوسيط.

ظاهرة الدم الفاتر في الديناصورات ربما مكنتها من أن تكون مسيطرة بيئياً، فمثلاً تخيلوا أسداً بحجم ديناصور T-Rex! لا بد أنه سيموت جوعاً إذ سيصبح العثور على كمية كافية له من الطعام أمراً مستحيلاً. لذا فاستراتيجية الاستقلاب المتوسط منحت أفضلية للديناصورات على الزواحف بطيئة الحركة و بدون المتطلبات الإضافية التي تحتاجها الثدييات و الطيور الحديثة التي هي من ذوات الدم الحار.

المصادر:

هنا

هنا