صناعة الباحثين > تعرف الفروع الجامعية

الهندسة المعلوماتية

هل انتابك الفضول يومًا عن تكوين علم الحواسيب وتطبيقاته أو رغبت أن تُنشئ تطبيقًا خاصًّا بك على حاسوبك ليؤدِّي غرضًا ما؟ هل أنت مهتمٌ بعالم مليء بالأرقام والحسابات والمنطق وتتساءل عن كيفيةٍ تُخاطب بها الحواسيب بلغتها؟ وكيف تربط فيما بينها، وتُنشئ تطبيقاتٍ ومواقعَ ويب وحتى ألعابًا؟!

إذا كنت كذلك؛ فأهلًا بك في عالم الهندسة المعلوماتية.. 

الاختصاصات: 

تختلف الاختصاصات عمليًّا من جامعة إلى أخرى؛ إذ نجد اختصاصَي "البرمجيات" و"الشبكات" في كلِّ المحافظات (دمشق، وحلب، واللاذقية، وحمص)، في حين نجد اختصاصَ "الذكاء الصنعي" في محافظتي دمشق وحلب فقط. المهم هنا هو الاختلاف بين هذه الاختصاصات أولًا، وهل أختار الجامعة بناءً على الاختصاصات الموجودة فيها؟ ثانيًا. 

لا يوجد جملةٌ أو مقطع واحد يلخِّص كلَّ اختصاص على حدة، إذ إنَّ كلَّ اختصاص مهم هو منحى علمي كامل يحوي عدة مناحي أخرى ضخمة، ولكن سنبدأ بالتقسيم العريض -المغلوط غالبًا- الذي يتَّبعه الطلاب بالعادة: 

- الذكاء الصنعي اختصاص صعب ولن يجد دارسُه عملًا في بلادنا. 

- الشبكات هو الاختصاص الذي يدخله من لا يودُّ الدراسة (يُشاع بأنَّه أسهل من غيره). 

- يبدو اختصاص هندسة البرمجيات اختصاصًا افتراضيًّا لمن يودُّ الدراسة والتخرج مهندسًا. 

وسنشرح كلَّ اختصاص لتوضيح سبب كون هذا التقسيم مغلوطًا! 

هندسة البرمجيات: 

نستطيع أن نقول أنَّه الاختصاص الأكثر شعبية (عدد المنتسبين إليه في جامعة دمشق مثلًا يفوق عددَ المنتسبين إلى الاختصاصات الأخرى غالبًا)، فمِن أكثر المعلومات المغلوطة عنه أنَّه مرتبطٌ بالبرمجة، ولذلك تسمع أنَّ عديدًا من الطلاب ابتعدت عنه بسبب عدم حبِّهم للبرمجة.

للأسف، فإنَّ هذه المعلومة -رغم انتشارها- مغلوطةٌ تمامًا. لا أقول أنَّه لا يحوي على برمجة، بل أقول أنَّه يحويها مثل غيره من الاختصاصات، مع اختلاف بسيط.

مِن أين أتى هذا اللبس إذًا؟ 

لا شكَّ أنَّ هذا الخطأ الشائع آتٍ من اسم الاختصاص؛ فـ"هندسة البرمجيات" أصبحت "برمجيات" وهذه الأخيرة تشبه "البرمجة" إلى حدٍّ كبير.

إنَّ هندسة البرمجيات تُعنى بدراسة "هندسة" بناء التطبيقات البرمجية بكلِّ ما تحمله كلمة هندسة من معنى (استثمار موارد، ودراسة مخاطر، وغيرها…) بحيث لا يكفيني أبدًا تمكُّني من لغةِ برمجة ما حتى أبني تطبيقًا ضخمًا! بل أحتاج إلى هندسة البرمجيات لكي أحقِّق البناء.

نظريًّا، فإنَّ مهندس البرمجيات لا يلمس الأكوادَ البرمجية، ولا يتعامل معها أبدًا، ولا يحتاج إلى خبرة برمجية في عمله. 

 تتميَّز هندسة البرمجيات بتدريسها لهندسة البرمجيات المتقدِّمة، ويُعنى الاختصاص بدراسة قواعد معطيات متقدِّمة أيضًا. ونجد موادًا مثل استخراج المعلومات، وتطبيقات الإنترنت، وغيرها..

ويتميَّز طالب هندسة البرمجيات غالبًا بالشخص الذي يستوعب كلَّ الأمور ويفسرها ببساطة. هذا الطالب يحاول أن يُظهر أنَّه دخلَه وخرج منه مميَّزًا رغم العدد الكبير من المنافسين له.

تطلب مساعدتَه عند الحاجة إلى فرمتة جهازك أو عند حاجتك إلى الاستفسار عن تطبيق ما. 

الشبكات والنظم: 

يحمل الاسمُ المعنى العام لهذا الاختصاص، فهو يدرس الشبكاتِ الحاسوبية وهندستها، إضافةً إلى دراسته النظم الموجودة عمومًا. قد يكون هذا الاختصاص هو الأقرب إلى العمل الميكانيكي والغوص في تفاصيل الأنظمة. 

مهندس الشبكات مطلوب دائمًا في حال العمل على تطبيق شبكي أو بناء شبكة لشركة ما.

ولا يجب أن ننسى الدورَ الذي يؤدِّيه مهندس الشبكات في أمان الشبكات (والتي تُعَدُّ حاليًّا من الموضوعات الكبيرة والمهمَّة)؛ إذ يحوذ كلٌّ من تصميم الشبكات وأمانها على نسبة كبيرة من الدراسة، ونجد أمورًا أخرى كإدارة الشبكات مثلًا.

تطلبُ مساعدتَه في مشكلات الشبكة في المكتب أو الراوتر في المنزل، أو نقل الملفات بين الحواسيب. 

الذكاء الصنعي: 

قد تكون مقولة "من كلِّ بستان زهرة" مناسبةً لهذا الاختصاص، فهو لا يعلِّمك مجالًا واحدًا، بل يُريك الطريقَ إلى مجالات مختلفة عن طريق تعليمه إيَّاك أدوات مختلفة متنوِّعة. الاسم قادم من كونِ قسم كبير منه يسعى إلى جعل الآلة "ذكية" وجعل الافتراضي أقرب إلى الواقع. 

مهندس الذكاء ليس مطلوبًا في مكان واحد، بل في أمكنة عديدة. فلا يمكن أن يشتهر تطبيقٌ مكتبي أو خدمة ما بدون أن تحوي قسمًا ذكيًّا فيها، فقد أصبح هذا القسم حاجةً.

على سبيل المثال، لن يكون ممكنًا لشركة (Google) أن تُعيد لك نتيجةَ بحثها المميَّزة هذه بدون الخوارزميات الذكية. 

دائمًا ما ترتبط أغلب مواده بالذكاء الصنعي لكنَّها ليست الوحيدة؛ إذ نجد معالجةَ اللغات الطبيعية أيضًا لمعالجة الكتابة والصوت وغيرها..، والواقع الافتراضي للسعي إلى بناء عالم افتراضي أقرب ما يمكن إلى الواقع، والتعليم التلقائي لجعل التطبيقات "ذكية".

تطلبُه عندما تريد مشاركةَ خبر تقني جديد مع شخص ما. 

الحياة بعد التخرج والدراسات العليا:

لا شك أنَّ الحياة بعد التخرج هي أكثر ما يؤرِّق الطلاب في الجامعات ولا سيَّما في السنوات الأخيرة، إلَّا أنَّ خوف الطلاب من عدم إيجاد وظيفة بعد التخرج هو أقلُّ بكثير من باقي الكليات، وعلى نحو خاص، فإنَّ كثيرًا من طلاب الهندسة المعلوماتية تجدهم يعملون وحتى قبل سنوات من التخرج وبرواتب مقبولة نسبيًّا. 

وبلغة الأرقام في العام الحالي، ووفق الإحصائيات الصادرة عن المهن الأفضل في الولايات المتحدة الأمريكية [1] فقد صُنِّفت مهنةُ مطوِّر البرمجيات بوصفها أفضل مهنة؛ إذ أوردت بعض تقارير وزارة العمل هناك بأنَّ متوسط الراتب لمطوِّر البرمجيات كان بحدود $90،060 في عام 2012م، ولذلك فقد دخلت في ترتيب أفضل 10 مهن من حيث الدخل والراتب. 

ولكنَّ هذا الامر لم يقتصر على مهنة مطوِّر البرمجيات فقط، فمحلِّل أنظمة الكمبيوتر جاء في المركز الثاني بوصفه أفضل مهنة لعام 2014م، وبتقارير وزارة العمل فقد تجاوز دخلُ المحلل $79،680 في عام 2012م، هذا وقد جاءت مهنة مطوِّر الويب في المرتبة التاسعة، ومحلِّل أمن المعلومات في المرتبة 11، ومدير تطبيقات قواعد البيانات في المرتبة 12، ومهنة مدير تكنولوجيا المعلومات في المرتبة 24، في حين جاءت مهنة المبرمج في المرتبة 30 وبمتوسط دخل $74،280 في عام 2012م.

وإذا تبعنا لنرى أفضل 100 مهنة في العالم؛ سنلاحظ انتشارَ الاختصاصات المعلوماتية على نحو كبير ضمن أفضل المهن في العالم. 

أمَّا فيما يتعلَّق بإيجاد فرص العمل؛ فانتشار التكنولوجيا على نحو كبير في المجتمع في مجالات الحياة كافة: (الطبية، والعلوم النفسية، وأنظمة الحماية، والحياة العلمية التي تساعد في الأبحاث، وحياتنا الاجتماعية، والهواتف النقالة، والتطبيقات الذكية، وشبكات الحاسوب، وأنظمة الاتصالات، ومحركات البحث، ومواقع التواصل الاجتماعي، وانتشار الإنترنت، والتعليم الإلكتروني، والمحاضرات الإلكترونية، والأجهزة الذكية، وأنظمة التعقُّب، والسيارات، وأجهزة المحاكاة والحفاظ على حياة الانسان، وحتى الأقمار الصناعية في الفضاء وأبحاث ناسا على المريخ…) هو الانتشار الأوسع في العصر الحالي ولم يعُد مقتصرًا على الأرض فقط، وإنَّما أصبحت التكنولوجيا في الفضاء؛ ما يسهِّل إيجادَ فرص عمل لمهندسي التكنولوجيا وتكنولوجيا المعلومات في مختلف مجالات الحياة. 

ولا تتعلَّق الحياة بعد التخرج بفرص العمل فقط، فبالنسبة إلى الدراسات العليا؛ إنَّ تأمين قبول دراسات عليا في إحدى الجامعات المحلية أو الدولية هو أمر ليس بالصعوبة الكثيرة لدى مهندس المعلوماتية، فنجد كثيرًا من الجامعات التي تتيح لخريجي الاختصاصات المعلوماتية التقدُّمَ إليها، وفي مجالات عديدة سواء كانت متعلِّقة بأنظمة المعلومات، أو الشبكات الحاسوبية، أو أنظمة التشغيل، أو الذكاء الصنعي باختصاصاته كافة، وهندسة البرمجيات وما يتعلَّق بها. 

مصدر الاحصائيات: 

هنا

للاطلاع على المزيد؛ زوروا الرابط الآتي: