الفيزياء والفلك > علم الفلك

الحقل المغناطيسي الغريب لكوكب عطارد

يُعد كوكبا الأرض وعطارد من الكواكب الصخرية ويمتلك كل منهما لباً حديدياً، لكن باطن عطارد يختلف عن باطن الارض بشكل كفيل بتفسير الحقل المغناطيسي الغريب لعطارد .

القياسات المأخوذة عبر مسبار الفضاء Messenger التابع لناسا كشفت بأن الحقل المغناطيسي لعطارد أقوى بثلاث مرات تقريباً عند نصفه الشمالي مقارنة بنصفه الجنوبي، وفي البحث الحالي ابتكر فريق من العلماء في جامعة كاليفورنيا نموذجاً لإظهار كيف أن حركية نواة عطارد تسهم في تلك الظاهرة الغير اعتيادية لحقله المغناطيسي .

الحقول المغناطيسية التي تحيط وتحمي العديد من الكواكب من أضرار الجسيمات المشحونة المنبعثة من الشمس تختلف بشكل واسع عن بعضها من حيث الشدة، فالحقل المغناطيسي للأرض قوي، أما حقل المشتري فأقوى بإثني عشر مرة، ولكن الحقل المغناطيسي لكوكب عطارد فهو ضعيف نوعا ما، أما كوكب الزهرة فعلى الأرجح بأنه لا يمتلك أي حقل مغناطيسي على الإطلاق، والحقول المغناطيسية للأرض والمشتري وزحل تظهر أن هناك اختلافاً بسيط جداً بين نصفي كل كوكب من حيث شدة الحقل المغناطيسي.

الأرض كما هو معروف تتكون من عدة طبقات ومنها اللب الذي ينقسم إلى لب خارجي سائل يحيط باللب الداخلي الصلب المتواجد في المركز، وفي لب الأرض يتحول الحديد من الحالة السائلة إلى الحالة الصلبة وذلك عند الحد الداخلي للب الخارجي السائل ، مما يزيد من حجم اللب الداخلي الصلب، و تلك الزيادة تقدم الطاقة اللازمة لتوليد الحقل المغناطيسي الأرضي. وقد افترض العديد من العلماء بشكل خاطئ بأن الوضع في كوكب عطارد مماثل لما هو في الأرض.

يعلق Russell من فريق البحث بأن العلماء عرفوا سابقا تفسير الية الحقل المغناطيسي الأرضي، وبما أن عطارد يشبه الأرض في كونه كوكب صخري وله لب حديدي، لذلك كان الاعتقاد السائد بأنه يعمل كما الأرض، بنفس الطريقة، لكن وجد أن تلك الطريقة مختلفة تماماً في عطارد.وقد يقود الاكتشاف الذي حققه هذا البحث لفهم طبيعة الحقل المغناطيسي في كل من نصفي كوكب عطارد.

الحقل المغناطيسي المميز لعطارد قدم لنا دليلاً على أن الحديد يتحول من سائل إلى صلب عند الحد الخارجي للب (وليس الداخلي كما الأرض)، حيث يمكن أن نشبّه ما سبق بعاصفة ثلجية يتم تشكل الثلج (الصلب) فيها عند قمة السحابة وفي وسطها وأسفلها، حيث إن البحث الحالي أشار بنفس الطريقة بأنه في عطارد يتحول الحديد إلى صلب في كل مناطق السائل، وليس عند الحد الفاصل مع المنطقة الصلبة ما يولّد الحقل المغناطيسي لعطارد. ويظهر لنا ذلك البحث أن الكواكب تملك طرق متعددة لتوليد حقولها المغناطيسية.

أنشأ الفريق نموذجاً رياضياً مبتكراً لعمليات توليد الحقل المغناطيسي في عطارد، وفي ذلك النموذج اخذوا بعين الاعتبار عدة عوامل منها سرعة دوران عطارد وطبيعته الكيميائية والحركة المعقدة للسوائل في باطنه.

تحوي نواة كل من كوكبي الأرض وعطارد بالإضافة للحديد على عناصر خفيفة كالكبريت، ووجود هذه العناصر الخفيفة يُبقي على اللب من أن يتصلب بشكل كامل ويزيد من قوة ونشاط توليد الحقل المغناطيسي.

يتوافق النموذج الذي انشأه الفريق مع البيانات المأخوذة من المسبار Messenger وأبحاث أخرى تتعلق بكوكب عطارد، وذلك النموذج يشرح عدم تناظر الحقل المغناطيسي لعطارد في كل من نصفيه، ويضيف Hao Cao قائد فريق البحث أن الخطوة المهمة الأولى كانت في التخلي عن الفرضيات السابقة التي كان علماء آخرون قد وضعوها.فالكواكب مختلفة عن بعضها البعض، وكل منها له شخصيته المتفردة، والتي تميّزه عن أي كوكب آخر.

المصدر: هنا

حقوق الصورة: Science/AAAS