البيولوجيا والتطوّر > التطور

استغرقت الديناصورات 50 مليون سنة من التقلُّص المستمر أثناء تحولها من مخلوقات ضخمة كبيرة إلى طيور صغيرة بدائية

استغرقت الديناصورات 50 مليون سنة من التقلُّص المستمر أثناء تحولها من مخلوقات ضخمة كبيرة إلى طيور صغيرة بدائية، وفي بحثٍ أنجزهً "مايك لي" (Mike Lee) من المتحف الأسترالي الجنوبي في مدينة "أديليد" (Adelaide) وباحثون آخرون، قاموا بالتحليل الأشمل حتى الآن لأحافير الـ"ثيروبودا" (Theropods) (وهي ديناصورات لاحمة ثنائية الأرجل) تُصنّف ضمنها ديناصورات الـ"فيلَسيرابتُر" (Velociraptor) التي تطورت لتصبح طيوراً، ووَضعوا مخططاً صنّفوا فيه كيفيّة تطوُّر الديناصورات التي عاشت حوالي 224 مليون سنة وبلغت أوزان بعضها حتى 238 كليوغراماً إلى طيور بدائية، بما فيها الـ"أركيوبتركس" (Archaeopteryx) الذي كان يزن حوالي 800 غرامٍ فقط.

ويقول "لي": "لم تخضع أي مجموعة أخرى من الديناصورات إلى مثل هذه الفترة الطويلة من تضاؤل الحجم، وإحصائياً، هذا الميول للتقلص أقوى بكثيرٍ من أن يكون محض صدفة".

يظهر التحليل أن أسلاف الطيور تقلّصت دون أي انقطاع، ويقولُ "لي": "استمرار تغيُّر الحجم بشكلٍ متناسقٍ خلال عملية التحول من ديناصور إلى طائر أمرٌ مثيرٌ للإعجاب، حيث كانت كل ذريّةٍ أصغر حجماً من التي تسبقها، ولا بُدَّ أن هذا التقلص أمَّن ميزاتٍ ومنافعاً عديدةً عند كل منعطفِ تحوُّل".

تتبَّع "لي" كيفيّة تغير 1549 من الملامح الهيكلية لـ120 نوعاً من الثيروبودا من جميع أنحاء العالم مُغطِّياً بذلك فترة الـ50 مليون سنة التي تطورت فيها الثيروبودا إلى أركيوبتركس وطيور حديثة، واستطاع تمييز 12 خطوة تطوّرية رئيسية تُمثّل انقسام مجموعاتٍ من الثيروبودا لتُشكّل أنواعاً جديدة من الديناصورات، وفي كُلٍ من تلك الخطوات -التي انتهت بالثيروبودا لتصبح طيوراً- كانت الأركيوبتركس تتطور أسرع بأربع مرات من أجناس الثيرابودا الأُخرى التي لم تصبح طيوراً.

يقول "جورج إريكسون" (Gregory Erickson) من جامعة ولاية فلوريدا بمدينة "تالاهاسي" (Tallahassee): "هذه الدراسة تزوّدنا بأدلة دامغة على أن حجم الطيور الصغير لم ينتج بمحض الصدفة، بل نتيجة نمط انتقاء مستمر للحجم الجسم الأصغر عبر ملايين السنين."

ويقول "لي": "كل موجة من التقلص أضافت صفاتٍ ساعدت في نجاة الديناصورات، ونرى هذه الصفات الآن في الطيور، حيث التطور التدريجي لجسم أصغر فأصغر سمح لأسلاف الطيور بأن تكتشف أماكن جديدة وغريبة، كما أن هيكل الجسم الجديد سمح لها بتجاوز حدودٍ قيّدت أقرباءها الأكبر حجماً، حيث أتاح لهم ذلك مطاردة الحشرات، وتسلّق الأشجار، والقفز، والانزلاق، ليطَوَّروا في النهاية القدرة على الطيران، فلم يكن لم يكن الطيران ممكناً مع حجم جسم أكبر، إلا أن ذلك التطوّر مهّد الطريق لبداية التحليق، وكان التغير الحاسم في ظهور التيتانوراي التي تطورت عن الثيروبودا، وتشمل التيتانوراي مفترسات شهيرة مثل الألوصور الذي تطوّرت فيه عظم الفخذ لتصبح بزاوية أكثر حدّة، مما أدّى إلى انتقال مركز ثقل اجسامهم إلى الأمام، ودفع أجسامهم إلى وضعية مائلة تشبه وضعية الطيور الحديثة، الأمر الذي كان كفيلاً بكون الأجنحة قريبةً من مركز الثقل."

بقيت جماجم الثيروبودا كبيرة نسبياً رغم أن أجسامهم اتخذت حجماً أصغر، مما يعني أنها كانت قادرة على امتلاك أدمغة كبيرة نسبة لحجم جسمها، كما طوّرت الديناصورات الصغيرة ريشاً عازلاً بشكل أكثر من الديناصورات الأكبر، مما مكّن الأولى من الصيد ليلاً.

ويقول (Bhart-Anjan Bhullar) من جامعة "ييل" (Yale): "يبدو أن تقلص الحجم، أيّاً كانت العمليات التي جلبته، سمح لأصل الطيور بأن تعيش في الأماكن الصغيرة التي تستطيع الحيوانات صغيرة الأجسام أن تصل إليها، وأن تنجو من الإشعاعات الواسعة إلى حدٍ ما خلال عيشها في هذه الأماكن، ويبدو أن الحجم الصغير ساعد الطيور للنجاة من الانقراض الجماعي الذي محا جميع الديناصورات منذ 65 مليون سنة، ولدينا أدلّة متزايدة على أن الانقراض الذي حصل في نهاية العصر الطباشيري أطاحَ بجميع الحيوانات البرية التي يزيد حجمها عن عدة كيلوغرامات، وقد صادف أن تكون الطيور بين تلك الديناصورات الصغيرة التي حالفها الحظ بأن تبقى على قيد الحياة".

المصادر:

هنا

هنا

مصدر الصورة الأصلية:

هنا