الاقتصاد والعلوم الإدارية > ريادة الأعمال

أن تجني 15 مليون دولار أمريكي قبل أن تصبح في الثلاثين من عمرك هو ليس بالأمر المذهل كما تظن

أجاب مستخدم مجهول الهوية على سؤال طرح في أحد مواقع التواصل الاجتماعي و هو (هل يستحق أن تكون ثرياً كل ذلك العناء؟) و كانت إجابته ملفتة جداً حيث قال:

لقد جنيت 15 مليون دولار أمريكي و أنا في منتصف العشرينات من عمري بعد أن بعت شركة تكنولوجيا مبتدئة. تكلمت كثيراً مع الناس حول هذا السؤال، و لطالما أردت ألا تتغير شخصيتي و أن أبقى الشخص نفسه الذي كنت عليه في السابق قبل أن أجني كل هذا المال.

و إجابتي للسؤال هي كالآتي: أن تكون ثرياً هو بالطبع أفضل من ألا تكون ثرياً، ولكن الأمر ليس جيداً بذلك المقدار الكبير الذي يمكن أن يتراءى لك.

أما السبب في ذلك فهو ليس هين التفسير، و هو كالآتي:

من بين الأمور الجيدة جداً في أن تكون ثرياً هو عدم قلقك حيال ما يتعلق بالأمور المالية. ستكون هناك بعض المصاريف التي لا يمكنك تحملها (و ستتمنى لو كان بمقدورك أن تتحملها)، و لكن في الغالب ستتمكن من دفع معظم مصاريفك دون حتى أن تفكر في التكلفة.

و مع ذلك فإن كونك ثرياً لا بد أن يصاحبه بعض السلبيات. إحدى هذه السلبيات هو أنه ليس باستطاعتك التذمر من أي شيء، حيث أن الجميع يعتقدون أن الثراء هو السعادة القصوى، ولن يتقبلوا فكرة أن تكون لديك احتياجاتك الإنسانية الخاصة، أو أنك محبط من أمر ما، فالشخص الثري بنظر عامة الناس هو ليس إنسان كغيره من الناس.

و من السلبيات كذلك هو أن أغلب الناس يريدون شيئاً ما منك، فلا تستطيع أن تميز بين الأشخاص الذين يحبونك فعلاً و بين الذين يتوددون إليك من أجل مالك. و إن لم تكن متزوجاً، فستواجه صعوبة أكبر في إيجاد شريكة حياتك التي تحبك لشخصك و ليس لأموالك.

من جانب آخر، هنالك العائلة و الأصدقاء، فالمأمول هو ألا تسوء علاقتك بهم ولكن من المحتمل أن تنقطع، فكلاهما قد يعاملونك بطريقة غريبة وغير معتادة، كما أنه من المحتمل أن يأتوك ليقترضوا منك المال و أن يتوقعوا أن تعطيهم إياه كهدية و بدون مقابل. و أحد المشاكل الشائعة هو أنهم لا يقدِّرون هدايا الأعياد كما في السابق، كما أنهم قد يبنون توقعات غير واقعية لما يمكن أن تهديهم إياه، و تخيب آمالهم منك في حال لم تستطع أن تحقق توقعاتهم غير الواقعية. عليك أن تبدأ في اتخاذ القرارات المتعلقة بما هو مكلف فعلاً و ما هو غير مكلف جداً في حال رغبت أن تهدي أحداً من أقاربك، و هذا ليس بالشيء السهل أبداً.

بعد كل ما سبق، لا تستغرب إن شعرت بالعزلة من المجتمع، ستبقى مستيقظاً في الليل تفكر بقراراتك الاستثمارية، و فيما إذا خسرت كل أموالك دفعة واحدة. ستشعر بذلك الشعور الذي يدفعك لرمي نفسك من على سطع مبنى، وسينتابك شعور أحياناً يجعلك تفقد عقلك وترغب بصرف كل ما تملك من نقود.

الشيء الذي يتوجب عليك معرفته عن المال هو أن كل الأشياء التي ترغب في شرائها و تتصور نفسك تشتريها هي ذات قيمة لك فقط لأنك لا تقدر على شرائها بسهولة (أو يتوجب عليك العمل جاهداً لتحصل عليها). ربما تفكر بشراء سيارة Audi جديدة – و حالما تمتلك المقدرة على شرائها، فلن تعني لك الكثير كما كانت.

كل شيء نسبي وضعفك تجاه هذه الرغبات يتغير تبعاً لذلك. ففي أول شهر من قيادتك لسيارة الأودي Audi، أو أكلك في مطعم فاره ستشعر بالمتعة فعلاً، و لكنك ستبدأ بالاعتياد على ذلك مع الوقت، وستبدأ بالتطلع للشيء الذي هو أكبر من ذلك، و ستغير من توقعاتك بحيث يصبح أي شيء أدنى مما اعتدت عليه وغير ممتع على الإطلاق.

و إليكم الآن ما يحدث لجميع الأشخاص: الأشخاص الجيدون يحافظون على تواضعهم و يكافحون لإبقاء صيتهم المتواضع في العلن، بينما الأشخاص السيئون يتذمرون و يتكبرون و يتباهون بشكل أو بآخر. وعليك أن تعلم أن ذلك سيحدث لك أيضاً سواء شعرت بذلك أم لم تشعر.

معظم الناس ينتابهم الوهم بأنهم سيصبحون أكثر سعادة و ستتغير حياتهم للأفضل فقط لو امتلكوا المزيد من المال، و بعد أن يصبحوا أغنياء، لا يحدث لهم ذلك بل و قد يقعون في أزمات مالية لم يسبق لهم تخيلها.

إذا كنت من الطبقة المتوسطة، فإنك تمتلك كل الفرص التي تؤهلك للتمتع بحياتك بالطريقة التي تريدها، فإن لم تكن سعيداً الآن فلن يجعلك المال سعيداً على الإطلاق، سواء أكنت غنياً أم لا، احيَ الحياة التي تريد أن تحياها، و لا تجعل المال عذراً لأي سبب يمنعك عن ذلك. اخرج، انخرط بالمجتمع، كن نشيطاً وحيوياً، واتبع شغفك و رغباتك، وليكن لك تأثيرك الخاص في هذا العالم.

المصدر:

هنا